لجأت الحكومة إلى العديد من البدائل لتعويض فقدان نفط الجنوب بعد الانفصال الذى كان يشكل نحو (50%) من إيرادات الميزانية، و(90%) من الصادرات السودانية ويحقق فائضاً فى ميزان المدفوعات، وشملت هذه البدائل زيادة الصادرات غير البترولية خاصة صادرات الثروة الحيوانية والمنتجات الزراعية وصادرات الذهب التى تصدرت قائمة الصادرات السودانية غير البترولية، وحلت محل البترول حيث اصبحت تشكل أكثر من (60%) من حجم صادرات البلاد، وسارع بنك السودان المركزى الى التدخل لشراء الذهب من المعدنين الأهليين بأسعار مجزية تعادل أسعاره بالبورصة العالمية, الى جانب الشروع فى تصدير الذهب منذ أكثر من (16) شهراً ليبلغ عائد الطن الواحد من الذهب نحو (50) مليون دولار ، بينما تم تصدير نحو (52) طن ذهب من الخام بلغت عائداتها نحو (2.6) مليار دولار، كما لجأ البنك المركزي الى انشاء مصفاة للذهب لزيادة القيمة المضافة لصادرات الذهب وعائداته, الى جانب الحد من تهريب الذهب الى الخارج وتطوير صناعة الذهب بالبلاد تمهيداً لانشاء بورصة للذهب بالبلاد وربطها بالبورصة العالمية. افتتاح مصفاة الذهب وافتتح الرئيس عمر البشير أمس مصفاة السودان للذهب، فى تظاهرة اقتصادية كبيرة ظل ينتظرها الجميع لفترات طويلة، كصرح جديد من صروح التنمية بالسودان ، بعد أن منّ الله على البلاد بثروة معدنية لم تكن فى الحسبان، وجاءت تعويضا لما فقدته البلاد من عائدات البترول بعد انفصال الجنوب، واضافة نوعية للموارد لتزيد من القيمة المضافة، وتسهم فى بناء احتياطى كبير من الذهب، وتؤكد أن السودان أرض الذهب، حيث تبلغ طاقتها الانتاجية (270) طناً فى العام، بنسبة استخلاصها للذهب تبلغ (99.9%) ومثلها الفضة. وشهد الاحتفال وزراء القطاع الاقتصادي من بينهم وزير المالية ووزير المعادن ووزير الثروة الحيوانية ووزراء سابقون الى جانب محافظ بنك السودان المركزى وقيادات العمل المصرفي ورجال الأعمال والشركات المستثمرة فى مجال الذهب ، كما تخلل الاحتفال تكريم الشركة الإيطالية التى أسهمت فى انشاء مصفاة الذهب ، الى جانب تكريم رئيس الجمهورية ووزير المعادن ومحافظ بنك السودان. غيث جديد واكد الأستاذ على محمود عبد الرسول وزير المالية والاقتصاد الوطنى، ان البلاد ظلت لفترة طويلة محرومة من الحصول على القروض الميسرة لأسباب سياسية، ولكن (منّ الله) علينا بالغيث، واخذت خزائن الارض تتفتح علينا. واضاف الوزير خلال مخاطبته حفل افتتاح مصفاة الذهب أمس : قد امتحنا وابتلينا بفقدان البترول جراء انفصال الجنوب، وعوضنا الله بالذهب عملة، تؤدى الى استقرار سعر الصرف، وتزيد من عائدات العملات الصعبة، وتضيف للناتج الاجمالى المحلي، كما تم انشاء مصفاة الذهب لتزيد من القيمة المضافة، مبيناً ان قيام المصفاة تؤكد وجود احتياطي كبير من الذهب، ويؤكد أن السودان أرض الذهب، وقال: (هذا غيض من فيض) . الاستثمار بقلب جامد وناشد الوزير المستثمرين للاقبال على الاستثمار بالبلاد بقلب جامد، واشار الى تعافى الاقتصاد السودانى ، وقال: إن من يكتبون ويتحدثون عن تدهور الاقتصاد السودانى فان الأرقام تتحدث عن انتاج وصادر الذهب، والمشروعات تمضي في مقدمتها مصنع النيل الأبيض للسكر، وتعلية الرصيرص ، وسدي أعالى نهر عطبرة وستيت، بجانب مصفاة الذهب التى يتم افتتاحها اليوم. واضاف الوزير : هذا فى العام الأول للبرنامج الثلاثي، ونبشر الشعب السوداني أنه باكتمال العام الثالث للبرنامج سيكون هنالك فائض فى الانتاج واستقرار فى الاقتصاد الوطنى، وأكد الوزير دعم وزارته وتشجيعها لوزارة المعادن، ورصد مبالغ مقدرة تكفى كل نشاطات الوزارة. تحقيق الحلم وفى السياق قال الأستاذ كمال عبد اللطيف وزير المعادن إن مصفاة الذهب بدأت حلماً وبتفجير الطاقات أصبح الحلم واقعا، لزيادة القيمة المضافة، وايرادات الدولة، وأشار الوزير الى أن خطة وزارته فى العام 2013م، شملت أربعة محاور رئيسية، بينها دعم وتطوير وتوفيق اوضاع التعدين التقليدي، وتقديم الخدمات ورفع نسب الاستخلاص، والتوسع فى فتح نوافذ شراء الذهب عبر مراكز البنك المركزي، وتشجيع شركات التعدين المنظم، والعمل على خدمات التعدين وتوطين الصناعات المصاحبة. توطين صناعة الذهب واكد الوزير أن المصفاة حافز لزيادة الانتاج، وبداية أولى لتوطين صناعة الذهب بالبلاد، وسوف يلحقها مصهر النحاس، ومصانع الحديد، ومعامل الكروم، حتى تكون للمعادن قيمة مضافة عند التصدير بدلا عن تصديرها خام. عائدات الذهب من جانبه أوضح د. محمد خير الزبير محافظ البنك المركزي ان البنك لم يقم بتفعيل المادة (3) الفقرة (أ) التى تجيز البيع والشراء والاحتفاظ بالذهب منذ تأسيسه فى العام 1960م، إلا فى العام الماضي حيث ظهر الذهب فجأة وبدون أي مقدمات، واشار الى تصدير البنك (52) طن ذهب بقيمة (2.6) مليار دولار خلال (16) شهرا، لم تكن فى حسبان وزارة المالية والبنك المركزي عندما تم وضع برنامج مواجهة خروج البترول. إضافة نوعية للموارد واكد المحافظ أن دخول بنك السودان كمشتر للذهب زاد من إعداد العاملين فى انتاج وتجارة الذهب، وقدر عائدات الذهب على المعدنين الأهليين فى الفترة من أبريل 2011م حتى الآن بحوالى (10) مليارات جنيه انعكست ايجاباً على حياتهم ، وعلى تخفيض ومحاربة الفقر بالبلاد، كما جاءت المصفاة كإضافة نوعية للموارد وانجاز مهم يضاف للانجازات الاقتصادية للسودان. بورصة للذهب وتوقع المحافظ ان تقوم المصفاة بتصفية نحو (270) طناً فى العام، وأكد المضى قدما فى تطور صناعة الذهب وتجارته بهدف قيام بورصة عالمية بالبلاد، تعمل على اصدار النقود الذهبية التى تحمل اسم السودان عالميا وتكون احتياطياً نقدياً. خبرات سودانية صرفة وفى السياق أكد الاستاذ محمد حسن عثمان الزبير مدير مصفاة السودان للذهب المحدودة ان المصفاة تعد الثانية فى افريقيا بعد مصفاة راندا بجنوب افريقيا، واوضح ان طاقته الانتاجية تبلغ (30) كيلو جراماً فى الوردية الواحدة، وبمقدرتها تحويل (10) أطنان من السبائك الكبيرة الى صغيرة، وتدار بخبرات سودانية صرفة، وتعمل على كل الاحجام والاوزان المعروفة، واستغرقت (11) شهرا فى الانشاء. واضاف: نهدف أن تكون مركزاً لتصفية الذهب فى كل من شرق وغرب ووسط افريقيا، مبيناً ان نسبة استخلاصها للذهب تبلغ نحو (99.9%) ومثلها من الفضة، كما تحتوى على مصفاة للذهب والفضة، ومسبك للصهر، ومعمل للتحليل، وتمثل واحدة من مشاريع البنية التحتية لتوطين صناعة الذهب وحلقة إضافية فى سلسلة الاقتصاد السوداني.