تمر هذه الأيام ذكرى شاعر الثورة الفلسطينية وضميرها الحي محمود درويش، ومحمود درويش علامة فاصلة في شعر المقاومة، ربطتني به صداقة قوية حيث عمل في مجلة الوطن العربي في باريس رئيساً للقسم السياسي وكنت وقتها مديراً لمكتبها في بغداد وأنجزنا سوياً بمعاونة بعض الإخوة (ملف الشعر العربي الحديث) وهو عبارة عن حوارات مع أهم الشعراء العرب ، وكما كانت بغداد مستقراً لأهم الشعراء الذين يكتبون الشعر الحديث وهي موطن السياب وعيسى عباس عمارة والبياتي ، حظي هذا الملف بحوارات ساخنة من بغداد. أذكر يوماً قال لي محمود إنه تلقى أثناء حصار بيروت دعوة من سوريا عدنا كان يحكمها الأسد الكبير وكانت العلاقة متوترة بسبب موقف النظام السوري من حصار المقاومة في بيروت رفض محمود الدعوة لكن الراحل ياسر عرفات أصر عليه لقبول الدعوة، ولما كان محمود لا يرفض طلباً لأبي عمار قبل الدعوة وقالوا له إن الأمسية الشعرية ستكون في مدرج جامعة دمشق. عندما وصل محمود الى دمشق وجد ان الدعوة في استاد العباسيين أكبر استاد رياضي في سوريا وعندما نادى المذيع الداخلي وأعلن فقرة محمود درويش اشتعل الاستاد بالتصفيق الحار ونيران ورق الصحف. واستمر الموقف نصف ساعة الى ان هدأ الجميع وعندما وقف محمود في المنبر ليلقي قصيدة هتفت الجماهير بصوت واحد.. أحمد الزعتر .. أحمد الزعتر. وأحمد الزعتر قصيدة كتبها محمود درويش انتقد فيها الموقف السوري من حصار بيروت ومن حصار الثورة الفلسطينية اعتذر محمود قائلاً بكل أسف انني لم أحفظ هذه القصيدة خاصة أنها طويلة جداً وجديدة جداً قال محمود فوجئت بان كل الذين حوالي رفعوا نسخاً من القصيدة وأضاف أنه شعر بحرج شديد لأن القصيدة كلها هجوم على النظام السوري وكل القيادة جالسة بجواره، وقال لم أتوقع ان تجد هذه القصيدة نجاحاً مثل الذي وجدته في سوريا، وأضاف لم أصدق أنني تخارجت من الموقف. لكن أضاف اجتمع بنا عبد الحليم خدام وكان وقتها نائباً للرئيس ووزيرا للخارجية وبمجرد ان رآني بدأ هجوماً عنيفاً على ياسر عرفات وبكل الألفاظ القبيحة قال رفعت يدي وقلت له سيدي الوزير لم أتوقع ان اللغة العربية مليئة بمثل هذه الألفاظ الوقحة التي شتمت بها الرئيس عرفات وقال خرجت على طول تحت حماية المناضلين الفلسطينيين. هذا هو محمود درويش نحيي ذكراه على ان نتحدث عنه الأسبوع ا لمقبل بإذن الله مع نشر مقاطع من قصيدة أحمد الزعتر.