«الإنسان الحقيقي ليس خروفًاً، وليس كلب حراسة.. ليس أو ذئباً أو راعياً.. إنه ملك يحمل مملكته معه ويتقدم».. نيكوس كازانتزاكيس..! في سابقة قضائية حديثة - لم تنشر بعد في مجلة الأحكام - واستناداً على قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين، تظلمت سيدة قبطية منفصلة عن زوجها من تعنُّت الإجراءات الإدارية الخاصة باستخراج جنسية سودانية لأطفالها (لأغراض الدراسة) بعد رفض والد الأطفال الحضور لتقديم الطلب - أو حتى إرسال ما يثبت موافقته خطياً - كما يستوجب الإجراء.. فبماذا حكم القضاء السوداني؟!.. قالت المحكمة في معرض ردها على الدعوى إن المحاكم السودانية لا سلطان لها على وزارة الداخلية ولا يحق لها أن تتدخّل في إجراءاتها الإدارية.. وهكذا حرم مواطن سوداني من إثبات أنه كذلك لمجرد أن القانون «أعمى»..! من عجائب القانون السوداني أن طلب استخراج الجنسية السوانية لأي قاصر موقوف على إجازة الأب بحضوره الشخصي - إن كان داخل السودان - أو بإرسال موافقة خطية مختومة من سفارة السودان حيث يقيم - إن كان خارجها - وليس من حق الأم المطلقة - أو المنفصلة عن زوجها - أن تتولى إنجاز هذه المهمة إنابةً عن أطفالها القُصَّر - على ما في تعثُّرها من عنت ومشقة - وإن حضرت بنفسها، وإن لجأت إلى عدالة القضاء السوداني ضد جور الأب.. فهل يُعقل ذلك..؟! والأكثر إدهاشاً أن حال الطفل اللقيط - فيما يختص بمرونة استخراج الأوراق الثبوتية - أفضل من معلوم النسب بموجب قانون الجنسية السوداني الذي ينص على أنّه (يعتبر سودانياً بالميلاد حتى يثبت العكس، الشخص القاصر الذي وجد أو يوجد مهجوراً من والدين مجهولين).. بينما تنص إجراءات ذات القانون على حرمان معلوم النسب الذي تتقدم والدته لطلب الجنسية في غياب والده.. فتأمل..! أين منظمات حقوق المرأة في هذا البلد؟!.. أين المنافحات عن قضاياهن؟!.. أين وزارة الرعاية الاجتماعية من هذا الظلم المبين الذي تكتوي به آلاف النساء المطلقات في بلادنا كل يوم؟!.. هل تتخيل مثلاً أن قاضية مُهابة الجانب، يحتكم إليها السودانيون في مختلف القضايا، ويضعون مصائرهم بين يديها، فيكون حكمها واجب النفاذ، لكنّها رغم ذلك لا تستطيع استخراج جنسية لأطفالها دون إذن الأب؟! يا أهل الحل والعقد، هذا القانون الجائر ليس من الإسلام في شئ، هو يتنافى مع حقوق المرأة في الإسلام، بل ويخالف قوانين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. نحن نتحدث عن حق المرأة المطلقة في استخراج جنسية لأولادها القُصَّر دون أن يكون ذلك موضوع انتقام وتصفية حسابات من قبل أبيهم.. وقبل ذلك نتحدث عن حق الإنسان في إثبات انتمائه لوطنه.. فهل يعقل أن يكون حال اللقطاء - بموجب تلك القوانين - أفضل من حال أولاد الأسر..؟!