ربما تشهد مباراة الرابطة والأمل عطبرة المقامة اليوم بمدينة كوستي، كارثة أسوأ من التي شهدتها مدينة بورسعيد المصرية، خاصة بعد الإستغاثات التي أرسلتها بعثة فريق الأمل على لسان مسؤوليها، بأنهم يعيشون أوضاعاً صعبة بتعرضهم للإساءات والتجريح في التدريبات، ومناشدتهم للمسؤولين في الإتحاد والأجهزة الأمنية بتأمين المباراة حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه. ما حدث في كوستي قبل مباراة اليوم، وما حدث من شغب وانفلات جماهيري في عدد من الملاعب السودانية آخرها مباراة القمة الأخيرة بين الهلال والمريخ يؤكد على أن حالة الإحتقان وسط الجماهير وصلت مرحلة خطيرة تحتاج إلى علاج حاسم وصارم وفق قوانين اللعبة، من خلال الإتحاد العام المسؤول الأول والأخير عن إدارة النشاط. المتابع للأحداث الدامية التي شهدتها مباراة القمة الأخيرة في الدوري الممتاز سيجد أن كل الأطراف التي ارتبطت بالمباراة بشكل أو بآخر قد تبرأت جميعها من المسؤولية وعلّقت (الشماعة) على الأطراف الأخرى، فالإتحاد برئ والشرطة بريئة والإعلام برئ ونادي المريخ برئ ونادي الهلال برئ والجمهور حملٌ وديع.. وبعد بحثٍ واجتهادٍ (مضنٍ) لمعرفة المسؤول وجدت أن المرحوم هو (الغلطاااااان). يجب الإعتراف أننا نُعاني من أزمة حقيقيّة في الإدارة، فنحن فاشلون بدرجة ممتاز في الإدارة بكل أنواعها وعلى رأسها إدارة الأزمات، فلا يُعقل أن يعلق المسؤولون في الإتحاد العام فشلهم الذريع على جهات أخرى منها الشرطة والإعلام (لهم أخطاءٌ وأدوارٌ في الأزمة)، دون توضيح لما فعله الإتحاد بما لديه من قوانين ولوائح لمحاصرة هذه التفلتات قبل أن يتهم أطرافاً أخرى أنهم سبب إشعالها. الإتحاد يعلم التعقيدات التي تعيشها المدرجات حتى بين مشجعي النادي الواحد (دور المشجعين في أزمة هيثم مصطفى واللاعب أحمد الباشا)، ويعلم أن هناك جماهير بعينها تشهد مباريات فرقها انفلاتات وشغباً بصورة متواصلة (الهلال.. المريخ.. أهلي شندي.. الأمل عطبرة.. النسور.. الرابطة كوستي) ما هي العقوبات التي أوقعها عليهم؟ قد لا يتخيّل أحد أنّ الإتحاد الذي يفترض أن يحاصر الشغب بقوانين رادعة، قام بمكافأة مُثيري الشغب برفع عقوبات أصدرها الإتحاد نفسه، ولأغرب سبب تعرفه كرة القدم في العالم (رفع العقوبة لتأهل الأندية لمجموعات الكونفدرالية)، وهي مكافأة في تقديري لمزيدٍ من الشغب، وإلا فليوضح لنا الإتحاد ما دخل انفلاتات الجماهير التي صدرت بسببها عقوبات على النادي بتأهل أندية من عدمها. الإتحاد يدير النشاط (بالطبطبة) والموازنات، شغله الشاغل وهَمّه الأول والأخير كسب رضاء الجميع حتى لو كان هذا الرضاء على حساب هيبته وشخصيته، ونتيجة لهذه الحالة أصبح الصغير ومن يرى نفسه كبيراً يتطاول، يهدّد ويتوعّد ويفرض شروطه، والإتحاد عَاجزٌ عن إثبات وجوده، وتأكيد أنه صاحب السلطة النهائية في إدارة النشاط الكروي في السودان. بحثت من خلال كل الصراعات والأزمات التي مَرّت على الإتحاد الحالي عن معالجة حاسمة، قاطعة ورادعة فوجدت كل المعالجات تتم خارج (البيت) ومن أطراف لا علاقة لها من قريب أو بعيد بما يجري في الرياضة، هي من يقرر والإتحاد عليه أجر التنفيذ. مع العلم أن قوانين الإتحاد ولوائحه تمكنه من السيطرة على أيِّة تجاوزات، سواء كان شغباً أو تطاول أندية واتحادات محلية، دون أن يتحرك قادته من مقاعدهم.. ولكنه مشغول كما ذكرت بالبحث عن رضاء السلطة وأصحاب الحظوة من إدارات الأندية والإتحادات. لذا من الطبيعي أن يهرب من مسؤوليته الكبيرة عن الأحداث القبيحة الأخيرة التي شهدتها ملاعبنا. وطبيعي ألاّ يدين نفسه. وفي النهاية سيتحمّلها (المرحوم). أواصل،،،