لم تكن المذكرة التي دفع بها عدد من الاستشاريين والإختصاصيين ضد د. مامون حمّيدة وزير الصحة ولاية الخرطوم إلى رئيس الجمهورية ووالي الخرطوم، خطوة مفاجئة بل كانت متوقعة لدى المراقبين والمتابعين للأوضاع الصحية، خصوصاً وانّ ثمة إرهاصات للخطوة صاحبت إعفاء مديرين عامين بالمستشفيات التي آلت إلى الولاية بعد قرار الأيلولة وتراجع مستوى الخدمات الطبية في عهده، لذا فعاصفة المذكرة لم تكن الأولى وربما لن تكون الأخيرة!! ففى وقت سابق أعلن قرابة (200) من العاملين بمستشفى الخرطوم التعليمي احتجاجهم داخل المستشفى على قرار إقالة د. الهادي بخيت مدير المستشفى على خلفية دعاوى الفساد في الاستثمارات بالمستشفى، وهدد العاملون حينها برفع مذكرة لرئاسة الجمهورية، مطالبين بعودة الهادي لإدارة المستشفى. (المذكرة الحدث).. رتّبها عدد من الاختصاصيين في مستشفيات ولاية الخرطوم، على أن يتم دفعها بصورة عاجلة لوالي الخرطوم د. عبد الرحمن الخضر تطالب بإعفاء وزير الصحة بولاية الخرطوم مأمون حمّيدة، لجهة التردي في مجال الصحة وانهيار الخدمات العلاجية والصحية بالمستشفيات بحسب بنود المذكرة، وأكد مسؤول رفيع بمستشفى الخرطوم أن المذكرة وجدت تأييداً كاملاً من الإختصاصيين، وأضاف أن المجموعة التي تعكف على إعداد المذكرة تحصلت على توقيع (200) اختصاصي حتى الاثنين الماضي، وزاد: (سنسلم نسخة من المذكرة للنائب الأول علي عثمان محمد طه). البعض اتهم الوزير بتنفيذ حملة لتصفية حسابات شخصية، خصوصاً لمن كان في معسكر الرافضين لقرار الأيلولة، ما يؤثر سلباً على القطاع الصحي وتدهور مستوى الخدمات الصحية في الخرطوم. ونفى اختصاصيون أن تكون المذكرة وراءها أهداف سياسية أو زعزعة الأوضاع، وقالوا إن السبب الحقيقي تراجع مستوى الخدمات الصحية بمستشفيات الخرطوم نتيجة سياسات الوزير ومتنفذين بالوزارة. الوزير الذي أثار تعيينه جدلاً واسعاً ورفضاً من جهات عديدة خوفاً من استغلال نفوذه لمصلحة ممتلكاته في القطاع الصحي والطبي، ويواجه حرباً إعلامية واتهامات لمشفاه الذي يملكه، يتمتع بمساندة من الأغلبية في القطاع الطبي بحسب د. المعز حسن بخيت الناطق الرسمي بوزارة الصحة ولاية الخرطوم. وقال المعز ل (الرأي العام) إن المذكرة التي زعم بأنها دفعت لرئيس الجمهورية ووالي الخرطوم، ليس سوى فرقعة إعلامية لتشكيل رأي عام سالب حول الوزير الذي أصدر قرارات لصالح المواطن وتضرر منه عدد من الأطباء، وأحسبهم من مقدمي المذكرة.. المعز أعرب عن شكوكه حيال المذكرة التي قدمت على خلفية تردي مستوى الخدمات الصحية بالمستشفيات، وقال: (لم نسمع عن هذه المذكرة إلا من خلال الصحف التي اختلفت في عدد الموقعين عليها ولا نعلم مَن الذي قدمها، وإذا افترضنا جدلاً أن (200) قدموا هذه المذكرة فإنهم يشكلون النسبة الأقل مقابل «1000» اختصاصي واستشاري راضون بأداء الوزير)، وزاد بأن المذكرة تأتي في إطار إزاحة الوزير الذي أصدر قرارات بإلزام الاختصاصيين في التواجد بالمستشفيات ل (8) ساعات وكذلك بالعمل في المراكز الطرفية في أيام معلومات وقد يتضرر البعض بهذا القرار، واعتبر المعز ان مسوغات المذكرة ومنها تردي مستوى الخدمة الطبية بأنها ناتجة من الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وقال إن توفير المستهلكات والمعينات تأثرت بالأزمة الاقتصادية. ومن جانب، آخر اتهم أطباء، وزارة الصحة بالسعي لتجفيف مستشفى الخرطوم وزعزعة الخدمات الصحية وعدم التركيز في خدمة المرضى، ووصفوا الأجواء في الحقل الصحي بأنها غير مستقرة بعد التراجع الكبير لمستوى الخدمات في مستشفيات الولاية التي آلت إليها أخيراً، واعتبر الكثيرون خطوة الدولة نحو إيلاء المستشفيات المرجعية والمتخصصة إلى ولاية الخرطوم، لم تأت بناءً على موجهات خارطة صحية للحاجة الفعلية للخدمات الصحة بالولاية، بل لشئ في نفس متخذي القرار. وأرجع عدد من الأطباء الفشل الذي يلازم العمل في وزارة الصحة إلى مدير عام الوزارة الذي يمارس ضغوطاً على العاملين وعدم إشراكهم في القرارات والتخبط في السياسات مما دفع الكثيرين الى تقديم استقالاتهم وهجرة الأطباء من الوزارة ومن السودان الى الخارج.وعلمت (الرأي العام) أن الأطباء دفعوا بشكوى إلى مكتب الوزير حول الأوضاع في المستشفيات واستحقاقاتهم المادية، إلاّ أنّ المدير رفض تسلم الشكوى مما أجبرهم على تقديم المذكرة إلى رئاسة الجمهورية وولاية الخرطوم. وفي الأثناء، قال مصدرٌ مطلعٌ إن المذكرة قد يتم تقديمها اليوم، ورفض الاختصاصيون أية محاولة للتشكيك أو التقليل من شأن المذكرة من قبل الوزارة، وكشفوا اتخاذهم خطوات جدية لتصحيح الأوضاع في حالة عدم الاستجابة لمطالبهم، ووصفوا الوضع في مستشفى الخرطوم بأنه قابل للانفجار. وتوقع الاختصاصيون أن يتم تسليم المذكرة اليوم لمكتب والي الخرطوم والنائب الأول لرئيس الجمهورية .