بعد تحريات ومتابعات , اكتشفت (الرأي العام ) شبكة منظمة تمارس نشاطها بين الخرطوموالقاهرة, وتصطاد مرضى الفشل الكلوي الذين يرغبون فى زراعة كلى , لكنهم لم يجدوا متبرعا من أقاربهم لعدم مطابقة الأنسجة ...العملية فى ظاهرها تبدو قانونية , لكن باطنها مغلف بسولفان الغش والخداع الذى وصل حد ازهاق أرواح بريئة لأشخاص كانوا يأملون فى مواصلة حياتهم العادية بزراعة كلى حتى يتخلصوا من هاجس ومعاناة الغسيل. لكن الشبكة قادتهم إلى القبر ... وإليكم التفاصيل: قبض الثمن سألنا ابنة المريضة السودانية المرحومة شاهدة العيان بحكم مرافقتها لوالدتها هل صحيح ان الطبيب المصري استلم مبلغ العملية ال (35) الف دولار بالشقة ؟ فقالت : بعد ان اتصلنا به عبر الموبايل وأوضحنا له عنوان الشقة التي استأجرناها بأحد احياء القاهرة فوجئت باتصاله بي مشيرا الى انه خارج الشقة ، طالبا احضار المبلغ ، تكلفة العملية. متى كان ذلك ؟ بالليل ، عندما نزلت اليه شاهدته داخل السيارة ، فسلمته المبلغ (كاش) وذلك قبل عملية الزراعة بيوم واحد فقط . هل قدم اليك ايصالا بالمبلغ ؟ لا .. كيف كانت الحالة الصحية لوالدتك بعد عملية الزراعة ؟ العملية كانت ناجحة ، والكلية ادت وظيفتها بصورة طبيعية ، إلا أن حالة والدتي رحمها الله تدهورت بعد حوالي (اربعة)اسابيع ،حيث ان عملية الزراعة اجريت يوم 23/6/2012 ، وتوفيت والدتي رحمها الله يوم 24/7/2012 ، اي بعد شهر كامل من العملية. لماذا ساءت حالتها ، طالما ان عملية الزراعة كانت ناجحة ، والكلية البديلة اخذت في اداء وظيفتها كما ذكرت ؟ بعد العملية صحة والدتي كانت ممتازة ، ونتيجة الفحوصات التي اجريت لها بعد العملية كانت مشجعة ، لكن كان لديها مشكلة في البول. ما طبيعة تلك المشكلة ؟ كانت تتبول كل (5) دقائق ، ثم بدأت كمية البول تقل بصورة واضحة ، بمعنى انها اصبحت تعاني من حبس البول ، فأخبرت الجراح المصري ، فقال لي انه امر طبيعي ، مشيرا الى ان قلة البول سببه (الدعامة) ، والتي يتم تركيبها بعد عملية زراعة الكلية بين الكلية المزروعة والحالب ، وذكر أنها سوف تنزل لوحدها بعد (ثلاثة) اسابيع ، وإذا لم تنزل في الوقت المحدد سيتم سحبها بواسطة المنظار ، ولكن الدعامة ظلت في مكانها لحوالي (4) اسابيع بعد العملية ، ولاحظت ان نوبة استفراغ بدأت تعاني منها والدتي ، ثم حدث لها فتاق في الجرح ، فأخبرت الجراح ، فقام بخياطة الجرح. ومتى قام الجراح بسحب الدعامة ؟ بعد اربعة اسابيع ، قبيل وفاة والدتي بقليل ، وقام بتركيب قسطرة (2,600) ملم بعدها اصيبت بحمى وأصبحت ترتجف بشدة ، ثم لفظت انفاسها الاخيرة . لاحظت ان شهادة الوفاة الصادرة من وزارتي الصحة والداخلية المصريتين ، بالرقم (432372) ، بتاريخ 24,7,2012، ذكر فيها ان سبب الوفاة ( غيبوبة سكري + التهاب في مجرى البول تسبب في تسمم في الدم) ... ذلك يعني ان المرحومة والدتك لم تتوفى بسبب عمليه زراعة الكلية ؟ *كما قلت لك يا استاذ ، زراعة الكلية كانت ناجحة ، وأخذت تعمل بصورة طبيعية ، ولكن عدم المتابعة بعد العملية هو الذي تسبب في تدهور حالتها. كيف؟ قبل العملية ، كنا نحاط بعناية واهتمام ولكن بمجرد ان قبضوا ثمن العملية وبعد اجرائها تغيرت المعاملة تماما مثلا لم يستخرجوا الدعامة في وقتها المحدد (3) اسابيع. اذن تعتقدون ان وفاة والدتكم لم يكن بسبب غيبوبة سكري ، كما جاء في شهادة الوفاة ؟ اجل حيث ان آخر فحص للسكري كان (300) ، فهي نسبة لا تؤدي الى صدمة سكري او غيبوبة حسب علمي. شهادة طبية وتتدخل في الحديث ابنة المرحومة الثانية وتعمل طبيبة بإحدى الدول الاوروبية ، وهي ايضا شاهدة عيان مع شقيقتها التي رافقت والدتها من الخرطوم الى القاهرة ، وقالت : عند وصولي من اوروبا ، قابلت والدتي رحمها الله بعد العملية ، (4) ايام من وفاتها ، وكانت بحالة جيدة لا تشكو سوى من الاسهال ، وفي اليوم التالي اصبحت في حالة جيدة لكنها كانت لا تتبول ، (حبس بول) وحوالي الثالثة بعد الظهر اصيبت بحمى ورجفة ، فذهبنا بها الى المستشفى واتصلنا بالطبيب ولم نجده ، وبعدها دخلت في غيبوبة ، وتم فحص السكري وكان (300) ، وعند حضور الطبيب قال انها دخلت في غيبوبة سكري ورغم ان آخر فحص لها كان (300) ، بل وقبلها ارتفع الى (400) ولم تدخل في غيبوبة. هل تقصدين يا دكتورة ان الغيبوبة ليست بسبب السكري ؟ اجل كطبيبة اؤكد ان الغيبوبة ليست بسبب السكري ، بل لإصابتها بالتهاب ، حيث تم اخذ ثلاث عينات منه للتزريع ( البول + الدم + البلغم) ولمعرفة سبب الالتهاب حتى قسطرة البول تم تركيبها بعد مماطلة ، حيث انني قلت للطبيب ( والدتي لا تتبول ) فهي تعاني من حبس البول فلماذا لم يتم تركيب قسطرة لها ؟) وهذا واحد من مظاهر الاهمال التي يلقاها المريض الذي يزرع كلية بهذا الاسلوب .. وبعد تركيب القسطرة لاحظت انها افرزت دماً وليس بولاً وكان يفترض اعطاؤها مضاداً حيوياً وتم ذلك متأخراً وبعد فوات الاوان. كطبيبه لم تسألي الطبيب عن سبب حبس البول الذي كانت تعاني منه والدتك ، فقد يكون من الكلية المزروعة مثلا ؟ بالطبع اتصلت بالطبيب الجراح وسألته عن سبب حبس البول فقال انه من ( الدعامة ) ولذلك سوف نخرجها فورا ثم قال لي بالحرف ( الحاجة حالتها تدهورت ولذلك عملنالها صعقات كهربائية) بعد ان قام الطبيب بالاتصال باختصاصي المسالك البولية باستخراج الدعامة بينما تم ادخال والدتي غرفة العناية المكثفة وأول كلمه قالها اختصاصي المسالك البولية بعد معاينته لوالدتي : (ايه ده يا دكتور (م) الدنيا بايظة جوه) ، ثم تحدث مع الطبيب (م) بالانجليزية وحتى تلك اللحظة لم يكونا يعرفان انني طبيبة ، وأجيد اللغة الانجليزية وقال اختصاصي المسالك البولية مخاطباً الطبيب المصري (م) بالانجليزية بالحرف : (يوجد التهاب حاد في المثانة عمل نزف دموي و صديد ) ، ولاحظت ان اختصاصي المسالك البولية عندما اخرج (الدعامة) خرج معها (دم اسود) ، و(الدعامة) عبارة عن انبوب من البلاستيك طولها حوالي (10) سم وقال بعد ان علم انني طبيبة قال لي : (يا دكتورة لا تخافي سوف ارسلها للتزريع) .. وكان يقف معنا اختصاصي الباطنية فقلت له ( امي تحتضر وأنت لم تسحب الدعامة إلا انك خائف على نفسك ). هل توفيت والدتك بعد استخراج الدعامة مباشرة ؟ لفظت انفاسها الاخيرة بعد حوالي (45) دقيقة فقط من اخراج الدعامة رحمها الله وقبل وفاتها بقليل ووقتها كانت تحتضر ، قال لي الطبيب المصري المشرف على العناية المكثفة بالحرف : ( قلب والدتك توقف اربع مرات ، ولذلك عملنا لها اربع صعقات كهربائية .. و الأمل عند الله) بعدها لاحظت ان جهاز المونيتر قام بتسجيل الضغط (80) على (40) كما لاحظت ان الجهاز لم يسجل نبضات القلب. الرسالة الغريبة تضيف ابنة المرحومة الطبيبة بأوروبا توفيت والدتي يوم 24\7\2012 الساعة الثالثة صباحا وبينما كنا في طريقنا مع الجثمان الى مطار القاهرة حوالي التاسعة و (22) دقيقة من نفس اليوم استلمت شقيقتي التي كانت تجلس في العربة معي رسالة من الدكتور (اْ ه) اختصاصي الباطنية على الموبايل قال لها ( البقاء لله إنا لله وإنا إليه راجعون) وأتساءل هنا أليس هذا امرا غربيا ؟ وهل يقوم الطبيب بملاحقة اهل مرضاه في حالة الوفاة بمثل هذه الرسالة ؟ ولم اجد تفسيرا منطقيا مقبولا لرسالة الطبيب المصري سوى انه احس بتأنيب الضمير على الاهمال الذي لحق بأمي رحمها الله ... نحن لا نعترض على قضاء الله وقدره ، فأيام الوالدة في هذه الدنيا الزائلة تمت ، لكن الاهمال هو الذي تسبب في وفاتها .. فعملية زراعة الكلي التي اجريت لها بالقاهرة كان يحيط بها الغموض منذ لقاء والدي بالطبيب المصري ، داخل احدى المستشفيات الخاصة بالخرطوم واستعداده لإجراء عملية الزراعة بالقاهرة مقابل (35 ) الف دولار شاملة تدبير كلية ، بعد ان فشلت كل المساعي لإيجاد كلية من الاهل والأقارب لعدم مطابقة الانسجة ، وإصراره ، على عدم تحويل المبلغ مباشرة الى المستشفى التي ستجرى فيها عملية الزراعة بالقاهرة ، وهو الإجراء الطبيعي .. ثم حضوره شخصيا لاستلام المبلغ من الشقة بالقاهرة .. وأتساءل هنا هل ذلك طبيب ام سمسار كلي؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم .. ونناشد مرضى الفشل الكلوي الذين يرغبون في زراعة الكلي توخي الحذر ، وإتباع الطريق الصحيح لذلك خارج السودان وكما حدث مع والدتي رحمها الله .. فان الاهتمام بالمريض بالخارج يكون قبل قبض ثمن العملية ولكن بعدها يحدث التراخي والإهمال وعدم المتابعة. اخيراً سألتها بما انك طبيبة وتعملين في اوروبا اسأل لماذا لم تستدعي والدتك لإجراء عملية الزراعة في تلك الدولة الاوروبية . بدلاً عن كل هذه المهزلة التي تعرضت لها ؟ اجابت : في اوروبا تنتشر ثقافة التبرع بالأعضاء ، لكن قائمة المنتظرين لزراعة الكلي طويلة ، والزمن لم يكن في صالح والدتي ، لذلك قررنا اجراء الزراعة بمثل هذا الاسلوب . مصادرنا بالقاهرة تؤكد ان القهوة السودانية بميدان العتبة بالعاصمة المصرية القاهرة تحولت الى معرض كبير لبيع الكلي ، ومقر لسماسرة الكلى التابعين لهذه الشبكة يصطادون منها السودانيين العاطلين عن العمل وإغرائهم بآلاف الدولارات لبيع الكلى ، حيث يقوم السمسار باستلام جواز البائع وإجراء الفحوصات اللازمة له ، بل هناك بائعون جاهزون بالفحوصات الاولية وفي اعتقادنا ان اهم اسباب سقوط مرضى الفشل الكلوي في براثن هذه الشبكة الاجرامية عدم وجود متبرع مطابق للمريض من الاهل ، ولذلك يلجأون لشراء الكلية من البائعين بالقاهرة ، والهند ، وباكستان حيث ان الشبكة همها الاول قبض ثمن العملية الذي يوزع بين المستشفى والسمسار والبائع ، ولا يهم ما يجري للمريض بعد عملية الزراعة .. كما ان من اسباب تفشي مثل هذه الممارسات انعدام ثقافة التبرع بالأعضاء في السودان رغم ان هناك فتوى سابقة صدرت بشرعيتها ، وتحرم في نفس الوقت عملية البيع مع الاشارة ان المستشفى الخاص الذي تجرى فيه الصفقة آخر من يعلم حيث ان الاجراء الأولي الذي يتم داخل المستشفى إجراء عادي ، لا يثير شكوك احد ويتم بين المريض وأهله وبين الطبيب المصري ( الزائر) ولا يعلم احد ان العملية عملية بيع وليس تبرعاً كما هو ظاهر .