من (المسكوكات اللفظية) الحصرية التي برع في إطلاقها السفير عبد المحمود عبد الحليم مندوبنا السابق في الأممالمتحدة مصطلح (جمهورية الموز) الذي ألجم به مندوب (كوستاريكا) في مجلس الأمن بعد أن تطاول على السودان ورئيسه إبان معركة المحكمة الجنائية الدولية. عبد المحمود اختزل ب (جمهورية الموز) انعدام المقارنة بين مآثر وتاريخ السودان وبين دولة كوستاريكا وهي واحدة من دول كانت تتحكّم في سياستها (شركات الموز).. العبارة راجت بين السودانيين آنذاك لارتباطهم بالموز كثيراً.. ثم صعد هذا التوصيف إلى مانشيتات واهتمامات (النيويورك تايمز والواشنطن بوست).. وعلى ذات الطريقة احتفت (الغارديان) آنذاك بوصف عبد المحمود لأوكامبو بأنه (صامولة) في (ورشة) ازدواجية المعايير الدولية.. لله درك يا عبد المحمود. ولكن دعونا مع (الموز) هذه الفاكهة المسالمة.. ظلت رؤوفة بالشعب السوداني تراعي ظرفه ولا تقوى على إحراجه حينما يحاصره الأطفال بطلب الفواكه.. مازال الموز فاكهتي المُفَضّلة منذ نعومة أظافري.. أذكر كيف كان والدي المرحوم عبد القادر(الناظر) يأتينا مُحمّلاً بها في ظرف الورق البني.. ونحن نستعد لبرلمان الغداء بينما (روادي الحلة) تردح بصوت الأستاذ عثمان حسن مكي فى برنامجه التاريخي (عالم الرياضة).. ربنا يرحمك يا أبوي. المهم يظل كاتب هذا المقال يحتفظ بود قديم للموز.. وقد ازددت تعلقاً به حينما علمت أنه ارتبط ارتباطاً وثيقاً بشخصية عالمية أكن لها كل احترام وتقدير وأبحث في كتاب حياتها دوماً باعتبارها الأنموذج الراشد للوعي والعلم والحكمة.. وربما لا يعلم كثيرون أن باعث النهضة الماليزية مهاتير محمد ابن (مدرس الابتدائي) عمل بائعاً للموز حتى يوفر على والده المُدرِّس البسيط عناء شراء (دراجة) كانت جزءاً من أحلامه.. مهاتير ظل يمتهن بيع (الموز) حتى تمكن من دخول كلية الطب معتمداً على نفسه.. إذ لم يكن عائد والده يتسع لأحلام وتطلعات وتربية (9) أشقاء آخرين. مهاتير أجاب على سؤال حول أسباب ابتعاده المفاجئ عن الحكم بعد أن أكمل نهضة بلاده قائلاً: إنّ والدتي أوصتني بأن لا أمكث طويلاً إذا ذهبت إلى الناس حتى لا يملون وجودي.. فكبر في نظر الماليزيين والعالم.. وتم تكريمه في العام 2003م بمنحه لقب (تون) وهو أعلى تكريم لشخصية مدنية في ماليزيا بعد أن ظَلّ حاكماً منذ العام 1983م. مهاتير استحق أن ينتزع إعجاب العالم لأنه باعث النهضة الشاملة في ماليزيا.. ومهندس تقدمها التقني والتكنولوجي.. ثم لأنه استطاع أن يرسم خارطة طريق لمستقبل بلاده اعتمد فيه على قرار مفتاحي جعل بموجبه التعليم والبحث العلمي هما الأولوية.. ووفقاً لهذا التقدير للعلم منح هذا المجال ميزانية الدولة وقرر أن توظف في التدريب والتعليم والتأهيل ومحو الأمية وتعلم اللغة الإنجليزية. مهاتير أرسى أدباً في إدارة البلاد ينتهج مبدأ الثواب والعقاب بعد أن اطلع الجميع على خطته لبناء ماليزيا الحديثة.. وفي أول عامين كان الماليزيون يغرسون مليون شتلة نخيل زيت.. فقفزت ماليزيا إلى صدارة الدول المنتجة والمصدّرة ل (زيت النخيل). المُفكِّر العظيم والسياسي الفارع مهاتيرمحمد باعث النهضة الماليزية سيحل ضيفاً على سوداننا بعد أيام قلائل.. فمرحباً به ضيفاً عزيزاً يستند على تجربة عالمية رائدة في مجالات الحكم الراشد والتنمية ونسأل الله تعالى أن ينفع بلادنا بعلمه وتجربته.. مرحباً ببائع الموز.