إنها دعوة قديمة تعود الى العهد المايوى الذى شهد عدة محاولات للإطاحة بنظام جعفر نميرى .الدعوة لإبعاد المؤسسات العسكرية بعيدا عن المناطق السكنية تصاعدت عندما شعر أهالى العاصمة بالخطر المحدق بهم والخوف والرعب .وقيل ان بعض المدنيين لاقوا حتفهم فى المواجهات بين الجيش والمتمردين بمختلف اتجاهاتهم . وقعت عدة محاولات انقلابية ضد حكم (ابوعاج) بداية فى 1972 (هاشم العطا)وماتلاها من محاولات (حسن حسين عام1975) واخيرا تلك التى خططتها الجبهة الوطنية وحاول تنفيذها محمد نور سعد 1976. وقد عاش سكان العاصمة المثلثة وخاصة اولئك القاطنين فى مناطق الخرطوم شرق ونمرة 2ونمرة ثلاثة أياما عصيبة. عندما حدثت مواجهات دامية بين الجيش وعناصر المرتزقة كما أطلق عليهم المايويون. المواجهات بين الجيش والمرتزقة انتهت خلال أقل من يومين بهزيمة المرتزقة الذين حاول بعضهم الفرار تاركين أسلحتهم والبعض الآخر تخلصوا من أزيائهم المبرقعة الا ان القوات النظامية ظلت تطاردهم فى أنحاء متفرقة من المدينة ،ويقدر بعض المراقبين عددالمتمردين الذين تمت تصفيتهم جسديا على ايدى القوات الحكومية باكثر من ألف عنصر. تم دفنهم فى منطقة الحزام الأخضر جنوبالخرطوم .وفى بعض الروايات ان كثيرين منهم دفنوا أحياء فى مقابر جماعية فى نفس المنطقة . بعد النهاية المأساوية الدموية لمحاولة المرتزقة الفاشلة وبعد ان عاد الهدوء النسبى الى العاصمة المثلثة وشعر سكانها ببعض الأمن كتبت فى صحيفة الايام أدعو القوات المسلحة بإجلاء مؤسساتها العسكرية بعيدا عن المناطق السكنية .الاستاذ اللواء عوض أحمد خليفة والذى كان يرأس مجلس ادارة الأيام فى تلك الفترة عقب على ذلك المقال بأن هناك اتجاها داخل الجيش بضرورة نقل المؤسسات العسكرية الى خارج المناطق المأهولة بالسكان . وقال اللواء الشاعر البليغ ان التكلفة الباهظة لإزالة ومن ثم إنشاء وحدات عسكرية جديدة حالت دون تنفيذ المشروع والذى بدا انه توقف تماما عندما تبين ان التكاليف الباهظة تزداد كل عام . ولكن الآن فإن الدعوة لإبعاد المؤسسات العسكرية عن المناطق السكنية أصبحت ملحة أكثر من اى وقت مضى .وخاصة بعد ان عاش سكان المناطق المجاورة لمصنع اليرموك من رعب وهلع ليلة الثلاثاء والاربعاء بعد مقتل اثنين منهم على الأقل فى الانفجارات المدوية التى فاجأت أهالى الكلاكلات وابو آدم وغيرها من المناطق القريبة من المصنع . ولكن يبدو ان نقل هذه المؤسسات العسكرية بعيدالمنال لاسباب لعل ابرزها الوضع السيئ لاقتصاد البلاد والذى يزداد سوءا صباح كل يوم . وفى انتظار الفرج فإن على المواطنين ان يصبروا بالعيش فى حالة ترقب ولا نقول رعبا وخوفا من انفجارات اخرى لاقدر الله.