شُغلت الاوساط السياسية والإعلامية طيلة الأسبوع المنصرم بمرض الرئيس عمر البشير الذي أجرى عمليتين صغيرتين في ظرف زمني وجيز .... مما أدى إلى بث الشائعات ( المغرضة ) على المواقع الإسفيرية المعارضة لنظام الإنقاذ بشكل مبتذل لا يناسب عادة وتقاليد السودانيين في مثل هذه الأحداث. تصريح د. أمين حسن عمر الذي انتقد فيه أداء المستشارية الإعلامية بالقصر الجمهوري في عدم تمليك المعلومات عن صحة البشير أتى أكله بعد ذلك في إصدار بيان يطمئن الشعب على حالة الرئيس الصحية في ظل طوفان آسن من الأخبار والمقالات و الشائعات المفبركة عن أصل مرض البشير الذي احتاج لعمليتين جراحيتين .... وتفنن كتّاب بعينهم في موقع ( الراكوبة ) في شرح ما يتمنى من مرض للبشير وتداعياته الطبية والسيناريوهات المحتملة ... و كأن المرض دعاء كما يقول أهلنا . صحيح أن مرض القادة تهتم به دوائر أوسع ويحظى باهتمام ملحوظ ولكن الذي يقلق حقاً بؤس المعارضة السودانية التي تبحث عن شيء خارج إرادة الإنسان لتجعله ممكناً في وقت تتجاوز فيه غالبية الشعب السوداني الذي يستطيع أن يغير ما يشاء من أنظمة وفي ذات الوقت يمقت حالة الاستجداء المذل لتغيير الإنقاذ في تمني المصيبة والكارثة اللتين لا تصيبا قادة الإنقاذ خاصة بل جميع قادة المعارضة أنفسهم والناس كافة . في إحدى انتخابات جامعة القاهرة بالخرطوم قديماً وفي ظل التحالف ( الشيو ناصري ) آنذاك حدثت خدعة سياسية من الناصرين فأتوا برئيس للاتحاد منهم وكتبوا على اثر ذلك بياناً خالداً بلغة فائقة في الشاعرية وتوصيف للحالة الرثة لحلفائهم حيث جاء فيه ( يتمارون بخسة نادرة أي الشيوعيين وتهافت محزن ) .... هذا الوصف ينطبق على ( جوقة ) الأخبار والمقالات التي كتبت في مرض البشير بتشفي لا يليق بخصال الشعب السوداني ولا الإنسانية السوية. وقد رد البشير بعفوية بالغة الصفاء يوم خروجه من مشفاه بالسعودية ومخاطبته أفواج السودانيين بالسفارة في الرياض قائلاً ( إن في مثل أعمالنا هذه قد نكون ظلمنا أحداً أو دعا علينا أحد فيكون المرض كفارة لنا ) .... هكذا علق البشير على المسألة برمتها فوقع حديثه على المواطنين بالسفارة والذين شاهدوه على شاشات التلفاز برداً وسلاماً . 2 البشير نسيج وحده محبوباً لقطاعات واسعة من الشعب السوداني فهم ما زالوا يثقون فيه ... ويعتقدون في قيادته برغم ما يصيب بعض من أقطاب حزبه الكبير من مثالب واتهامات وخذلان للجماهير الذين يترقبون أفضل من ذلك بكثير ... حيث تلاقت في الحكومة مصالح عديدة .... وجمعت متناقضات شتى ... وتشابكت قضايا متنوعة الى درجة التعقيد فانتشرت شائعات عن فساد الطبقة الحاكمة من غير دليل يقذفها بعض المعارضين ... رغم أن الحكومة قد انتجت مؤسسات تلاحق الفساد ... البعض يعتبرها غير فعّالة والبعض الآخر يظن ان الحكومة تحمي أقطابها برغم تصريحات قادة الإنقاذ أن أي مفسد تثبت إدانته لن يفيده سبقه ولا موقعه ... ولا حظه في الدنيا ... و هذا هو الأصل في المحاسبة . بعد ( زمن عائدات البترول ) الذي حُظي فيه كل الناس بنصيب معقول بينما اغتنت فيه فئات دون الأخرى مما سبب احتقاناً اجتماعياً حاولت الحكومة معالجته غبر الدعم الاجتماعي وصناديق الزكاة ولكن الفرق واسع في ظل أزمة اقتصادية ضربت العالم . البشير يدرك قبل عنفوان الربيع العربي انه لن يترشح لدورة أخرى وفقاً لتصريحات سابقة له هذا يأتي في إطار تجديد القيادات و استيعاب الشباب والنهوض بمرحلة جديدة تستوعب المتغيرات السياسية الداخلية التي تحتاج الى الانفتاح والحرية وتكافؤ الفرص .... ومناهضة الجهوية و العنصرية خلف وحدة وطنية ترمم الهدم المتعمد الذي أصاب النسيج الاجتماعي ... والذي أسهمت فيه الحكومة بقدر ما في إدارة الحكم الفيدرالي . البشير في نقاهته بعد انتهاء مسلسل الشائعات أو فلنقل البلبلة المتعمدة أو الذي تشتهيه بعض المعارضة فقد جاءت العينة خالية من أي خلايا خبيثة ولذا ربما فكر البشير قليلاً او كثيراً ... في الأزمات التي تمر بها البلاد من أزمة اقتصادية خانقة الى محاولات إجماع القوى السياسية لكتابة الدستور . فمن المؤكد ان البشير قد فكر في أكثر القضايا تعقيداً لمسألة أبيي وحل الاتحاد الافريقي لها ... كلها رهق على نفسه وهو في طور النقاهة مجابهة من القضايا بكميات إضافة إلى ( الترلات ) التي يحملها على ظهره تارة بالمسامحة السودانية المتأصلة وتارة لضرورات الحكم التي تسترضي بعض الأشخاص ... لكن ما تمخض من لقاء كرتي في برنامج حتى تكتمل الصورة من إلقاء بصيص من الضوء ... يجعل التفكير ضروري في معالجة مواضيع كثيرة يستطيعها الحزب الكبير بقوة وفعالية إذا خاصم الأمراض التي تلازم تركيبة تلك الأحزاب وذلك بالتزام المؤسسة وفتح شرايين الشورى لمحاربة الشلليات ومراكز القوى ... هذا ما يعتقد ان ينظر فيه البشير في نقاهته حنى يكمل دورته الرئاسية على أكمل وجه برغم الصعوبات والمخاطر المحدقة . فالمعارضة هللت كثيراً ونسجت الخيالات والقصص ظنا منها ان الاطاحة بكرتي أولى القرابين وفي اعتقادي أن إقالة وزير أو تعيين آخر ليست هي القضية ... انما هي محاولات متكررة من بعض المعارضة لبث الخلاف والفتن والمشاكل في الصف الاول من الانقاذ!!!! 3 المعارضة أبانت بؤسها الشديد من خلال العديد من الكتاب المنتمين لها أو الذين يناهضون الانقاذ بكتاباتهم التي تنم عن حقد وتشف وتجن كبير لدرجة التمني للقيادة السياسية للإنقاذ بالموت والمرض والفناء . ندرك أن غاية المعارضة هي اسقاط نظام الإنقاذ وهذا أمر مشروع ومضمن بالدستور والقانون والأحكام لكن هذا التهافت المحزن يعبر عن بؤس المعارضة في اقناع شعب السوداني بأطروحاتها في التغيير . حيث التقى البشير بعض المواطنين السودانيين في الرياض اجتذبهم من غير تكلف وبعفوية نادرة فسألهم ( ابن الأعمدة ) وهذا ما جُبلْ عليه أهل السودان في معايدة المريض وليس البحث المتلهف في أن يكون المرض لورم خبيث ام حميد . هذا ما يكرهه السودانيون ولا يستطيعون استيعابه حتى في ألد أعدائهم ناهيك عن البشير الذي يمثل لهم صورة مشرقة للسودان ابن البلد فهو لم يتهم في فساد أو انتهاك جارح لحق الإنسان غير ما خرجت به المحكمة الجنائية الدولية وهي مؤسسة على تصفية خصومات سياسية كبرى لصالح دول بعينها وهذا مبحث آخر .... كُتب فيه كثير وتعددت فيه الآراء ولكن ما هو ثابت أن المحكمة الجنائية الدولية سياسية بامتياز . المعارضة ممثلة في حزب الأمة الذي يدعو الناس للاعتصام في الساحات او تلك الأحزاب التي تلتقط الهنات الصغيرة او الكبيرة لتصنع منها أحداثا عظيمة في ظل شرخ داخلي كنهوض التمرد في بعض مناطق دارفور وبعض مناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق حيث تلك المناطق تستمد وقودها الأساسي من جهات تعمل ضد السودان وان كان في بعضها سياسات خاطئة في الممارسات الحكومية لكن جل هذا التمرد يعتمد في الأساس على دعم خارجي غير التباكي على مسائل تجرح المجتمع السوداني في تماسكه بادعاء التهميش وإذكاء نار القبيلة ... وهذا أيضاً ما يفكر فيه البشير في نقاهته بإنتاج أساليب ومحاولات جديدة تخرج حزبه من عقم سياسي كما يحاول معارضوه . الحكومة ليست صائبة تماماً بل هنالك أخطاء فادحة يجب معالجتها أو ايجاد بديل لها ... هذا البديل طريقه معروف و يحتاج الى جهد وتدبير من المعارضة حتى تمهل السبيل الى صناديق الاختراع ولكن بهذا البؤس الذي يحيط بالمعارضة من كل جانب لا اعتقد انها تخرج بنتائج ملموسة لأنها لم تعمل شيئاً لأجل العرس الديمقراطي وذلك بإقامة مؤتمراتها العامة او إنتاج حلول ناجعة لأزمات السودان كل ما تفعله تصيّد أخطاء ونقاط ضعف مشلولة وتلفيق الشائعات للحكومة ... برغم ان الفجوات في العمل السياسي التنفيذي للحكومة كثير جداً ... ولكنها اكتفت بالهتاف المبحوح دون تنفيذ أي عمل يذكر للانتخابات القادمة . البشير شفاه الله لم يتعرض للمحنة التي كانت تتمناها بعض المعارضة وفقاً للكتابات الاسفيرية بينما لحق العار والخزي بتلك التي تقتات من ابتلاءات الناس . هذا ما لا يحبه السودانيون حتى في أغلظ الناس لهم . للمرة المائة بعد الألف تخرج الإنقاذ منتصرة رغم ان الحال لا يسر و الاخطاء تحيط بها . والتآمر كذلك إلا أن المعارضة راسبة تماما ً في امتحانات لا علاقة بالشعارات السياسية والمثقفين وهذا ادعى للإنقاذ لمعالجة أخطائها بالعزم والعمل كرجال الدولة !!!