وجد مؤتمر الحركة الاسلامية الذي انهى اعماله اهتماما غير مسبوق داخليا وخارجيا ما يشير الى ان الحركة الاسلامية تستشرف حقبة يعول عليها كثيرا ، وسوف تشهد تحولا نوعيا في قياداتها وأنماط عملها وطرائق مواجهاتها لاستحقاقات مرحلة وتحديات الواقع الماثل ، تبدى ذلك في التمسك بنهج الشورى بدءا من جلسات المؤتمر واختيار رئيسه ومقرره الذي تم بانتخاب حر وشفاف ، ثم انحياز الاغلبية لخيار الامين العام للحركة الاسلامية عبر مجلس الشورى الذي هو الآخر تم بنهج شوري وديمقراطي ، ووجد المؤتمر اهتماما خارجيا منقطع النظير بحضور ومشاركة 120 وفدا خارجيا يمثلون ثلاثين دولة ..حضور لفت انظار العالم الاسلامي . علل الماضي .. اهم ما لفت انتباه من شارك في هذا المؤتمر النقاش الهادف للأوراق العلمية التي حوت كل الجوانب (السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية ، وعلاقة الدولة بدولة الجنوب) جاء النقاش عميقا وبناء مصوبا على علل الماضي منبها لمآلات وتحديات المستقبل،في مقدمة هذه التحديات، تأتي التحديات السياسية وأهمها تنزيل شعار القرآن دستورا للأمة من منطلق ان الحركة الاسلامية السودانية ومنذ استقلال السودان يرتبط موقفها من قضية الدستور الاسلامي بموقف الحركة الداعمة لوحدة الصف الاسلامي ،وتركز الحديث والنقاش حول تميز منهج الحركة الاسلامية السودانية السياسي بالتحالف مع القوى الاسلامية وعملت على توحيد الصف الاسلامي في مراحل العمل السياسي وفي مجالات الدعوة الاسلامية المتعددة ، ونجحت الحركة الاسلامية بمنهج تكوين جبهة اسلامية عريضة في دفع التوجهات الاسلامية بقوة في مجالات الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وناقشت الورقة السياسية تجربة الحركة الاسلامية في الحكم وما صاحبها من عقبات داخلية وخارجية افضت الى اشتعال الصراع في دارفور ومناطق النيل الازرق وجنوب كردفان بجانب مشكلة جنوب السودان وانفصاله والتي ما زالت تداعياتها ماثلة والأزمة الاكبر في مسار السودان السياسي بعد ان اصبحت الدولة الوليدة تحت سيطرة القوى الخارجية ،وتحدث المؤتمرون عن تحدي المخطط الغربي الذي يسعى ان تكون العلاقة بين الدولتين علاقة عداء وتوتر واستهداف بالحرب على الحدود ودعم الحركات المتمردة ، واقترحوا بعض المعالجات لمواجهة هذه التحديات بعمل سياسي يتنزل الى القواعد والمواطن وتحجيم عمل الناشطين في العمل الاهلي ومراجعة العمل العسكري والخروج به الى نظام يتعامل مع الواقع بقوة وفعالية والتعامل مع دولة الجنوب بحكمة وعدم الاندفاع الى مواجهات غير مثمرة . مرجعية الشريعة الاسلامية وفي جانب المخاطر الخارجية اعتبر المؤتمرون ان هذه تحديات ماثلة ظلت تحاصر السودان منذ تسلم الحركة الاسلامية السلطة وسيظل الحال كذلك ما ظل السودان متمسكا بهويته الدينية والثقافية وبمصالح شعبه ورغبته في التطور والنماء وعدم الرضوخ لمطالب الآخر ونبه المؤتمرون الى اهمية ان ندرك ابعاد هذه المخاطر والتصدي لها بما يلزم وفي مقدمة ذلك تقوية الوحدة العقدية الاسلامية لمواجهة متغير العولمة الذي يصر على ان الغرب وثقافته ودينه هو السائد والقائد الذي يفرض نفسه بعد انهيار الماركسية والمعسكر الشرقي. وتطرق المؤتمرون بالنقاش الى قضية الدستور الاسلامي واعتبروها قضية السودان الاولى لتحديد وجهة الامة السودانية وهويتها بان يكون مرجعية للتشريعات وكفالة الحقوق والواجبات وفق احكام الشريعة الاسلامية وإقامة العدل وبسط الشورى ورعاية مصالح الامة على هدى ومبادئ الاسلام ، واستعرضوا بعض ملامح وموجهات دستور السودان القادم وطرحوا مقترحات لهذه الملامح وأكدوا اهمية ادارة حوار هادئ وتوسيع قاعدة المشاركة في خطوات صناعة الدستور يؤدي الى تراضٍ عام حول الدستور ومحتوياته واعتبروا ان الوصول الى رؤية حول الدستور يعد فرصة نادرة تحقق الشرعية الدستورية والاستقرار والأمن في الدولة بجانب التأكيد على ان المشاركة في صناعة الدستور تقتضي اشراك الاحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية وكافة القطاعات بما يراعي مبادئ الشفافية والتشاور ، وأكدوا اهمية ان يكون القرآن الكريم هو المرجع الاول والأخير للدستور والحاكم لحياة الامة السودانية وان السنة النبوية هي النموذج التطبيقي للقرآن على واقع الحياة ، وان العدالة والشورى والحرية هي الاعمدة التي تقوم عليها الدولة الاسلامية . الخروج من الأزمة وتعرض المؤتمرون للحديث حول الاوضاع الاقتصادية التي واجهت البلاد خلال الفترة الماضية والضغوط الكبيرة جراء الازمات المالية والاقتصادية الداخلية والخارجية خاصة بعد انفصال الجنوب والأزمة الاقتصادية العالمية مما ادى الى اختلالات هيكلية على الصعيد الاقتصادي الكلي واقترحوا بعض المعالجات ووضعوا ملامح للخروج من الازمة ان تعمل العضوية بالحركة الاسلامية بمنهج الوقف من مالها الخاص لرفد ودعم مؤسسات المجتمع الاقتصادية بالمال للإسهام في تخفيف وطأة الازمة الاقتصادية وان تؤسس الحركة الاسلامية مؤسسات اقتصادية اسلامية رائدة تقود مبادرات النهضة الاقتصادية الشاملة وفق احكام المعاملات المالية الاسلامية وان تعمل الحركة الاسلامية من خلال منظمات المجتمع المدني على تحقيق مصالح الناس وتوفير الخدمات الضرورية لهم . إقامة العدل وتنزيل قيم الدين وتطرق المؤتمرون للحديث حول ملامح العمل الاجتماعي في كسب الحركة الاسلامية السودانية باعتبار ان العمل الاجتماعي في مقدمة اولويات الحركة الاسلامية وان مؤسسات الدولة تقوم بدور ولي الامر وإقامة الدين وتعين على تحقيق قيم الاصلاح وتقوم على منهج اجتماعي يحارب المحرمات ويضيق على مداخل الاغواء والإغراء والانحراف حملا على الطاعة وزجرا للمعصية وشددوا على اهمية احياء سنة الدعوة وتزكية المجتمع وضبط الشارع العام ، وتعميق الاسس العقدية والفكرية والتربوية لحفظ وحدة الحركة الاسلامية الفكرية والتنظيمية ، بجانب تقوية وحدة المجتمع وإقامة العدل الاجتماعي لان الرابط لجمهور الامة السودانية دين الاسلام الذي يدعو الى بناء المجتمع على أساس التعاون دون تمييز وعلى البر والقسط ، ونبهوا الى أهمية تشجيع العمل الطوعي وتحريك موارد المجتمع لتحقيق النفع العام وقضاء حوائج الناس انفاذا لإستراتيجية الحركة الاسلامية في جانب العمل الاجتماعي ، وشددوا على اهمية اقامة العدل والتسامح ونبذ العصبية واجتناب الصراعات الطائفية والقبلية والجهوية وتنزيل قيم الدين في حياة الناس. مخرجات على الواقع وبنهاية اعمال المؤتمر اكد المؤتمرون اهمية ان يتنزل ما خرج به المؤتمر الى ارض الواقع واهم هذه المخرجات توثيق وتمتين علاقة الحركة الاسلامية مع جماعات العمل الاسلامي وان تكون الشريعة الاسلامية هي مصدر التشريع الرئيسي للحكم في السودان وان المواطنة هي اساس الحقوق والواجبات وان تؤسس الحركة الاسلامية مؤسسات اقتصادية راشدة تقود مبادرات النهضة الاقتصادية الشاملة ، وان يشارك جمهور و أعضاء الحركة الاسلامية بفاعلية من خلال أجهزة المؤتمر الوطني وفق النظم والقوانين التي تنظم نشاط الحزب وأجهزته التنظيمية ،و اصلاح الجهاز الحكومي والالتزام بقواعد الحكم الراشد وإعلاء احكام القانون ورفع الكفاءة المهنية وتطوير وتقويم نظام الحكم الاتحادي و العمل وفق رؤية استراتيجية تقود الى تطبيع علاقة حسن الجوار مع دولة الجنوب ،وتوسيع دائرة العلاقات الخارجية والعمل الدبلوماسي للخروج من الضغوط والعقبات الاقتصادية والحصار السياسي.