بانتخاب جاكوب زوما في ديسمبر القادم رئيساً للحزب الوطني الافريقي يكون الصراع بين زوما وثابو امبيكى رئيس جنوب افريقيا والرئيس السابق للحزب، ظاهريا انتهى ولكن الصراع الكامن دائما هو الاكثر تدميرا ، وظل الرجلان داخل الحزب الواحد شركاء متشاكسين، ولن ينسي زوما محاولات امبيكى ابعاده عن الحزب عندما حاول اغتياله سياسيا من خلال سلسلة من المحاكمات بهدف قطع طريق الرئاسة عليه، ولكن القضاء قال كلمته وبرأ زوما من تهم الفساد والتهم الاخلاقية. ولكن الصراع الكامن ظهر للعلن امس عندما قرر الحزب انهاء ولاية امبيكى قبل نهايتها فى العام القادم، وقبل امبيكى قرار الحزب بتقديم استقالته فى خطوة وصفها المراقبون بالتمهيد لتولى جاكوب زوما السلطة قبل الانتخابات التى كان يأمل زوما الفوز بها عن بطاقة الحزب التى استنفد فرصها امبيكى الذى تولى الرئاسة فى العام (1999) خلفا للزعيم نيلسون مانديلا ثم الفوز بولاية ثانية فى العام 2004م. وقد واجه خلال ولايته الثانية انتقادات متزايدة تزامنت مع صعود جناح الرئيس الجديد للمؤتمر الوطني الافريقي جاكوب زوما الذي يفترض انه يمثل مصالح الذين لم يشملهم عقد التنمية. ويبقى خيار تعيين رئيس جديد للدولة من قبل البرلمان لاكمال الولاية الرئاسية الحالية. وفي هذه الحالة سيكون على جاكوب زوما اقناع الوزراء بالبقاء في مناصبهم. ويصف مراقبون القرار بانه مفاجىء ومن شأنه التأثير على المشهد السياسي في جنوب افريقيا، ويشير عدد من المراقبين ان اهم ما انجزه امبيكى خلال فترة رئاسته لجنوب افريقيا هو النمو الاقتصادي السريع في جنوب افريقيا، ولكن منتقديه يقولون إن الثروة موزعة بشكل أقل عدالة من السابق، وفى المقابل يرون ان امبيكى عجز عن إقناع النقابات وفقراء جنوب افريقيا انه خدم مصالحهم، مما ساعد زوما على تعبئة مناهضيه، وأسهمت في ضعف مركزه الطريقة التي عالجت بها حكومته انتشار مرض الايدز وفشلها في تخفيف حدة انتشار الجريمة. ورغم المآخذ الداخلية على ادارة امبيكى فان تحركات الرجل الاقليمية من اجل ثبيت دعائم السلم والاستقرار فى القارة الافريقية هى التى من شأنها تخليد اسمه، وكانت له اسهامات فى منطقة البحيرات العظمى وساحل العاج والسودان واخيرا ملف الازمة الزيمبابوية الذى من المتوقع ان يواصل فيه عمل الوساطة حتى بعد تنحيه عن السلطة. السيناريوهات القادمة فى المشهد السياسى الجنوب افريقي تشيرالى انقسامات عميقة داخل اكبر الاحزاب الجنوب افريقية، حزب المؤتمر الوطنى المحفوف بذاكرة النضال ضد التمييز العنصري، وتشير التوقعات الى سيناريو خروج جماعي للموالين لامبيكى داخل الحزب وامكانية تشكيلهم لحزب جديد ومن ابرزهم نائب الرئيس مابيلو ووزير الدفاع موسويا لوكوتا ونائب وزير الدفاع مليكى جورج وغيره من الوزراء الموالين لامبيكى والمتوقع تقديمهم استقالاتهم من الحكومة. واستقالة امبيكى التى دفعه لها الحزب من شأنها تقسيم الحزب الى تيارين متصارعين ايدلوجياً. فأمبيكى متهم بتنبي سياسات اصحاب المال بينما يرفع التيار الآخر شعارات تروق للفقراء، مما يؤشر الى بروز معسكر رأسمالى مقابل معسكر اشتراكى داخل اكبر الاحزاب الافريقية. ولا يتوقع المراقبون سيناريوهات تتعلق بتغيير جذرى فى اسلوب ادارة الحزب للحكومة فى المرحلة الانتقالية قبيل الانتخابات، ويستبعدون تولى زوما الرئاسة لانه ينتظر الانتخابات فى ابريل من العام القادم، ويتوقع ان تركز الحكومة القادمة على محاربة الفقر والاهتمام بالخدمات والصحة ومحاربة البطالة، وسوف يكون للنقابات والحزب الشيوعى الذى دعم زوما فى معركته مع امبيكى دور فى الحكومة الجديدة. على مستوى المؤسسات المالية سوف يظل وزير المالية ومحافظ البنك المركزى وكبار موظفى الدولة فى قطاع الاقتصاد من اجل بث الاطمئنان فى قلوب المستثمرين. ويشير المراقبون الى تداعيات استقالة امبيكى على مستوى الدور الخارجى لجنوب افريقيا بتراجع هذا الدور ومحاولة الانكفاء على الازمات الداخلية.