بدأ منزل الصحافى الكبير محمد الحسن أحمد بحى المغتربين شاحبا ظهيرة الامس بعد وصول نبأ رحيله فى احد مشافى لندن، فقد توفى هرم من اهرامات الصحافة السودانية فجر امس ليفجع الجميع من لندن الى الخرطوم. فالرجل احد اعمدة الصحافة السودانية، وتدرج فيها من العمل كمراسل صحفى ولائى (بورتسودان- كوستى)، مروراً برئاسة مجلس ادارة (الصحافة) في العام 1972م، وانتهاءً بامتلاك صحيفة خاصة (الاضواء) العام 1970م. وقد بدا الود بين محمد الحسن وصاحبة الجلالة منذ صحافة ما قبل الاستقلال وتحديدا في العام 1955م كمحرر بصحيفة (الطليعة) الأسبوعية، وتدرج فيها الى ان تركها وكان رئيساً لتحريرها بالوكالة. وفي العام 1957م التحق بصحيفة (الصراحة) السودانية اليومية محرراً وتدرج في أقسامها حتى أصبح نائباً لرئيس تحريرها العام 1959م وبعدها عين مستشاراً صحفياً لوزير الثقافة والإعلام، وفي هذه الفترة امتدت تجربته الاعلامية لتمس الاذاعة والتلفزيون فقدم تعليقات سياسية وبرامج بهما. وفى العام 1965م التحق بهيئة تحرير صحيفة (الرأي العام) التى كان لها مكان خاص فى قلبه، وكانت تبادله هى الاخرى الود بالود. واعتبر (التحليل السياسي الأسبوعي) الذى يحرره الرجل بالعدد الاسبوعى بوصلة أو تيرمومتر يحكم ويحاكم حركة الفاصل السياسى بتحركاته المتقلبة سواء داخل السودان او خارجه. وبعدها خرج للعالمية فكتب وراسل مجلات وصحفاً عربية منها روز اليوسف، صباح الخير، المصور، التضامن، والاتحاد الظبيانية واقام فى الفترة الاخيرة في لندن واستفادت من كتاباته وتحليلاته السياسية صحيفة (الشرق الأوسط) الدولية. ويقول مهمتون بالشأن الصحفى السودانى ان الرجل أسهم في ترقية الصحافة السودانية ونقلها من صحافة التابلويد إلى الحجم المتعارف عليه حاليا، بجانب استخدام وسائل التكنولوجيا المتوافرة في ذلك الوقت. ورغم ان علي شمو رئيس المجلس القومي للصحافة والمطبوعات بدا متأثراً لاقصى حد بوفاة الحسن، الا انه غالب مشاعره الحزينة وهو يتحدث عن الرجل ويصفه بالامانة والتصالح مع الذات، ويقول شمو من داخل مكتبه بالمجلس امس قبل ذهابه لبيت العزاء: مرة اخرى ان الراحل محمد الحسن يمثل ظاهرة صحفية قائمة بذاتها، فهو كصحافى عصامى شق طريقه بقوة وعزم، وامتلك ناصية التحليل الصحفى الرصين المبنى على الحقائق الموضوعية والرؤية الثاقبة، مع المقدرة على التكيف مع المعطيات المتغيرة. ويضيف شمو: ان الرجل وطوال مسيرته كان حريصاً على خلق صحافة ذات مهنية عالية. ويردد شمو: ان رحيل الرجل بمثابة فقد كبير للوطن والصحافة السودانية والعربية. ومن داخل سرادق العزاء يصف هاشم الشقيق الاصغر للراحل محمد الحسن بأنه كان مرحاً ومحباً للخير ومحبوباً من الجميع ويتمتع بشبكة علاقات اجتماعية واسعة. ويمضى هاشم وسط دموعه للقول: ان شقيقهم رجل ذو مواقف وطنية مشهودة منذ الاستعمار. محمد الحسن المولود بمدينة نورى بالولاية الشمالية اب لاربعة ابناء هم: أحمد وعمر وعلي (اطباء بلندن) وخالد بصحيفة (الرأى العام) بجانب ابنتين. ويمكن القول أن أى باحث فى تاريخ وتطور الصحافة السودانية لن ينسى أن يكتب فى صدر صحائف من طوروا الصحافة السودانية والعربية، واسهموا فى رسم خارطة الازدهار لها اسم الراحل محمد الحسن أحمد. ألا رحمه الله وألهم اهله وذويه واصدقاءه ومحبيه الصبر وحسن العزاء.