في عام 2005م، وفي إطار اتجاهات الدولة للخصخصة، تم بيع مصنع أسمنت ربك لشركة النيل للأسمنت، في العام الأول حقق المصنع انتاجية كبيرة لم يحققها منذ إنشائه في أوائل ستينيات القرن الماضي، ولكن القفزة الكبيرة في الانتاجية صاحبها تراجع بلغ حد تأخر صرف رواتب العاملين وتراكم مستحقاتهم منذ العام 2008م، وكانت نقابة العاملين بالمصنع، وعلى لسان رئيسها الصادق محمد عبد المعروف، أبدوا امتعاضا من التراجع الكبير على مستوى الإنتاج والإنتاجية، فالمصنع، على حد عبارة رئيس النقابة، كان (شغال فل) ولم يكن يخسر بدليل استقرار أوضاع العاملين المالية واستمرار العمل بشكله الروتيني المعتاد (فترة للعمل وأخرى للصيانة)، ولكن في العام 2005م بيع المصنع لمن وكيف ومتى و(المصنع جاب كم)، كل هذه المعلومات-كما يقول الأمين العام السابق للنقابة الذي فصل لاحقا من العمل، كانت غائبة او مغيبة عنهم، وعقب بيع المصنع خفضت العمالة من 700 الى 266 عاملا، ويقول محمد الصادق انه ورغم الخفض الكبير للعمالة الا أن العمل سار على أحسن ما يكون بل حقق إنتاجية كبيرة لم يحققها منذ تأسيسه في أوائل ستينيات القرن الماضي، عندها رأت الشركة التي اشترت المصنع إعادة تأهيله بعد ان بلغت الانتاجية في اليوم أكثر من 470 طنا لترتفع الى 1000 طن، وفي العام 2007م بدأت عملية إعادة تأهيل الفرن ويقول محمد الصادق ان فترة التأهيل التي استمرت لعام ونصف تقريبا كانت(صعبة شديد) في حين بذل العاملون(جهودا خرافية) حتي اكتمل العمل في العام 2008م، في هذه الأثناء كان العاملون يقفزون بالإنتاجية في تطور مضطرد حتى بلغت أكثر من 80%، بالمقابل، ورغم الأرباح الطائلة التي كان المصنع يحققها، الا أن العاملين ظلوا يواجهون مشاكل في انتظام رواتبهم وحوافزهم واستحقاقاتهم الأخرى، وكانت إدارة المصنع واجهت العديد من المشاكل في فترة التشغيل التجريبي، فمن جهة كان السكان في الأحياء المجاورة لاسيما في العمارة والعائدون يشكون من غبار الاسمنت الناعم الذي يتراكم ويلتصق في كل شئ يحط عليه، وبما ان السكان كانوا يتوقعون انتهاء (الأزمة البيئية) التي كان المصنع يشكلها عندما كان ملكا للحكومة بعد أيلولته لشركة خاصة، الا أن الأوضاع بقيت علي ماهي عليه تقريبا رغم ان الشركة قامت بتركيب فلاتر لم يكتمل العمل فيها حتي اللحظة، وفي الواقع ان المصنع قبل أيلولته للشركة المعنية توقف كثيرا بقرارات من والي النيل الابيض الأسبق محمد نور الله التجاني ومعتمد ربك الأسبق صالح محمد علي، ومن جهة أخرى فان الفترة التجريبية التي كان يتوقع لها ان تستمر لثلاثة أشهر امتدت لأكثر من عام مما أدى لتأخر صرف رواتب العاملين، وفي العام 2009م بدأت مشاكل الادارة مع العاملين حيث نفذوا، كما يقول رئيس النقابة، إضرابا عن العمل هو الأول من نوعه، أعقبه اكثر من اعتصام، وقتها كانت الإنتاجية التي قفزت في أول عام تتراجع كثيرا ثم تتقدم ببطء، ويقول محمد الصادق انهم كانوا(متخوفين ان يخرج المصنع من دائرة الانتاج)، ويعزى تدني الانتاجية للصرف الاداري على الشركات العاملة في تاهيل المصنع، لاحقا واجهت النقابة أوضاعا عصيبة فالعمل في تركيب الفلاتر ظل يرواح مكانه، كما ان عمليات اعادة تأهيل المصنع ليحقق الانتاجية التي ترنو اليها ادارة المصنع (ألف طن في العام) ظلت تتأرجح بين تقدم تعقبه فترات من السكون، ومؤخرا فصلت الادارة عددا من العاملين بينهم الأمين العام السابق للنقابة، ولكن المدير العام للمصنع المهندس حمزة فتح الرحمن أكد وقتئذ ان متوسط الانتاج لمصنع النيل للاسمنت قبل أيلولته للشركة كان 97,000 طن في اليوم، وقال ان الانتاجية قفزت في العام الثاني من انطلاقة عمل الشركة ل109,000 طن في السنة الأمر الذي حفز مجلس الادارة لزيادة الانتاجية بتأهيل الخط الجديد لإنتاج 330,000 طن، مشيرا الى ان عملية التأهيل استمرت الى ان(انقطع التمويل من البنك الممول)، وأبان ان الادارة اتجهت لبنك آخر وافق علي التمويل حتى اكتمل العمل، وقال انه، وعقب توقف التمويل، اضطرت الادارة الى ان تعتمد على إيراداتها الذاتية مما أدى لان(تتأثر العملية الانتاجية والتركيب)، وأقر حمزة بان بداية التشغيل التجريبي في يوليو 2009م شهد مشاكل في حين كانت الفترة التجريبية بالنسبة للادارة فترة للتشغيل والتحسين في الوقت ذاته، وكان وفد من وزارة الصناعة برئاسة وزير الصناعة حينها د. عوض أحمد الجاز زارت المصنع العام الماضي وعقد اجتماعا مع الادارة والنقابة استمر لأربع ساعات وقد وصف رئيس النقابة الاجتماع بانه كان (عاصفا) لجهة القضايا والحقائق والمهددات التي كانت تحيط بمسيرة واحتمالات توقفه عن العمل، وفي الثالث عشر من الشهر الجاري خاطبت ادارة المصنع والي النيل الابيض يوسف الشنبلي بان شركة (لاري كوم) المؤجرة لشركة النيل للأسمنت قررت إيقاف المصنع لفترة محدودة ( وذلك لإعادة تقييم جدوى تشغيل المصنع) على ضوء زيادة المحروقات الاخيرة التي نتجت عنها زيادة تكلفة الانتاج (مما جعل تكلفة المنتج اكثر من قيمة المباع)، من جهته اكد رئيس نقابة العاملين محمد الصادق ان ادارة المصنع عقدت اجتماعا ضم الى جانب المدير العام المهندس حمزة فتح الرحمن رؤساء الأقسام لإبلاغ العاملين بقرار الإيقاف ولم تخطرهم كنقابة، وقال ان الإدارة قالت انها ستصرف للعاملين يوم 15 ديسمبر نصف المرتب الي حين إعادة تشغيل المصنع، واشار الى ان المدير العام للمصنع أخبره بانه خاطب الوالي ومكتب العمل وجهاز الأمن والنقابة العامة والفرعية بإيقاف العمل دون تحديد سقف زمني، وأضاف: ( نحن كجسم يمثل العاملين خاطبنا مكتب العمل)، وقال ان مكتب العمل أخطرهم ان لجنة ثلاثية سيكونها الوالي في غضون الايام القادمة لتقصي الحقائق، غير ان الحقائق على أرض الواقع تشير الى ان المصنع قد لايسترد عافيته قريبا في ظل الركود الاقتصادي الراهن مما ينذر بنشوب أزمات جديدة بين العمال والادارة.