ما يعنينا في أمر (طيور الجنة) لابد أن يتجاوز ما كتبنا عنه في هذه المساحة بالأمس.. إذ أننا سنظل رافضين لأي تبرير لسوء التنظيم الذي لازم الحفل.. وسنطالب بالصوت العالي الجهات التي أسهمت في هذه الملهاة - من غير المنفذين - بأن تخرج ل (السَهَلَة) وتعلن مسؤوليتها عن الحادث. بالأمس قال أحد المسؤولين في إدارة التسويق بشركة التلال الخضراء للزميل وجدي الكردي، إن الشركة طبعت (26) ألف تذكرة نفدت جميعها وإن العدد الذي دخل الإستاد كان الضعف تماماً.. علاوة على التذاكر المزوّرة التي تحدث عنها في الحوار.. وحينما سُئل المسؤول عن حق الضحايا قال: والله ما عارف.. هذا يعني عزيزي القارئ أن الإستاد كان يحوي ما يتجاوز ال (50) ألف من الأرواح البشرية نصفها من الأطفال.. ونحمد الله أن انتهى الأمر بإلغاء الحفل.. ومن الواضح أن هذا كان القرار الأنسب لوقف الكارثة التي كانت ستخلف مأساة الله أعلم بمداها. الواضح في السودان أن أجهزته لا تتحرك لمباشرة التحقيقات إلا بعد وقوع الكارثة.. إيقاف الحفل لتقديرات أمنية يصلح أن يكون عنواناً عريضاً للجنة تحقيق تحاسب الجهات التي صادقت بدءاً دون التثبت من قدرة هذه الشركة على إدارة أمر يتعلّق بحياة عشرات الآلاف من الأطفال. ما هي الجهة التي صدقت بقيام هذا الحفل في إستاد الخرطوم وسمحت للمُنظِّمين بطباعة (26) ألف تذكرة في ملعب معروف أن سعته لا تتجاوز العشرة آلاف شخص؟!. هل تحسب المشروعات فقط بما يمكن أن تجنيه من أرباح حتى وإن كان ذلك على حساب الأرواح البريئة.. هل من حق أي شخص سوداني حر بالغ أن يخطط لأحلامه في الثراء على حساب أطفال الناس وفلذات أكبادهم من أجل أن يجني مالاً وفيراً.. وما هو دور السلطات المختصة في إيقاف نزق من يحلمون بالثراء السريع على حساب أمن المواطن وحياة أطفاله وسُمعة البلد..؟ للأسف لا يوجد حتى الآن إجراء مُؤسسي من قبل الدولة يردع ويحاسب ويشفي غليل الأسئلة.. الجميع اختبأوا وراء التعتيم ولافتة (الشينة المنكورة). السادة المسؤولون في هذه العاصمة التي تبحث الآن عن مسؤول تبثه شكواها.. ما حدث مساء الجمعة من تلاعب بأرواح الأطفال وسُمعة البلد يعد جريمة تقتضي وقفة وتحقيقاً وحساباً عسيراً.. لن نبحث عن حقوق ضائعة ومبالغ دخلت في حساب الشركة المنظمة دون أن يكون هنالك أي مقابل لها.. ولكن رحمةً بنا وبفلذات أكبادنا من هذا الاستهتار، كنا نتمنى أن يُحاسب المنفذون والمصادقون على مثل هذه الحفلات، وحتى يتحقق ذلك سنقول لكل المغامرين من سالكي طريق الثراء السريع.. ابعدوا عن الاستثمار في ما يطلبه الأطفال.. مارسوا استثماراتكم بعيداً عن أطفالنا أرجوكم. أسئلة حارقة على كل المعنيين بأمر ثقافة الطفل في بلادي التداعي للإجابة على سؤال واحد، لماذا حُظيت مجموعة طيور الجنة بهذا الاهتمام في السودان، وما سر هذا الاستلاب الذي جعل من قناة طيور الجنة أقرب إلى أطفالنا من تلفزيون السودان وما تنتجه قنواتنا المحلية للحد الذي دفع بعض أطفالنا للانتحار عندما لم يجدوا تذكرة لدخول الحفل.. إنه خواء برامج الأطفال وعدم قدرتها على مواكبة العالم. في السابق كانت ماما صفية وماما عائشة وجنة الأطفال وركن الأطفال ملء السمع والبصر.. كان عمك تنقو والصبيان ومريود.. وكان أطفال السودان يجدون ما يبتغونه من فقرات وأناشيد ورسومات تكفيهم مؤونة البحث عن التعويض.. لكم الله يا أطفال بلادي.