إعلان شيخ (علي ) النائب الاول لرئيس الجمهورية والامين العام السابق للحركة الإسلامية ( الجمهورية الثانية ) قبل عامين من الآن في قراءة متقدمة لملمة الاسلاميين في الحزب الكبير ( المؤتمر الوطني) الذي يلم طوائف عديدة جاءوا رغبة في برنامجه او طمعاً ببريق السلطة او رهبة من عقابها ... كل هذا الطيف الواسع التأم تحت مظلة الحزب الكبير .... اما الاسلاميون اصحاب المشروعية الأولى للحكم .... فهم لا يمثلون الا نسبة ضئيلة من المجموع العام للحزب .... وان كان بعض المتنفذين من الاسلاميين يمسكون بمفاصل الدولة على اثر ذلك فقد طالت الطبقة الحاكمة شائعات ظالمة او حقيقية بالفساد وبرغم ان الحكومة قد سعت بوسائل عديدة في ملاحقة هذه الادعاءات إلا انها فشلت تماما في قطع جذور تلك الاتهامات الرائجة جدا ً . حين اعلنت الجمهورية الثانية ظن العديد من الاسلاميين والمشفقين على الانقاذ ان ذلك طوق نجاة للخروج من حالة الازمة بعد صفعة الانفصال القاسية التي كان من المفترض ان تخرج البلاد من مسائل الحرب والتخلف والفقر والنزاعات الى حالة من الاستقرار والالتفات لبناء السلام والوحدة والدولة الواحدة .... الا ان هنالك ( مصائد ) داخل الاتفاقية أشعلت حرباً بدلاً عن استقرار لم يتحقق على اثر ( انفصال سلس ) وفق اتفاقية دولية . لا ادري لماذا توقف مشروع الجمهورية الثانية الذي يحمل الكثير من جينات التغيير التي جاءت في الكثير من الململة التي أصابت الاسلاميين شفاهة وكتابة في تحرير مذكرات عديدة لاصلاح الحال وبرغم ان الحزب ( الحاكم ) به الكثير من الكوادر والافراد من غير المنتمين للحركة الاسلامية الا ان وزر الحزب يقع على كاهلهم في السراء والضراء ، هذا الحديث لا يعني بأي حال من الاحوال براءة الاسلاميين من ذنوب لحقت بالانقاذ كمثل اية ثورة كبرى وتجربة اولى في العالم الإسلامي السني بعد انقطاع ( مزمن ) لتجربة الحكم الاسلامي اضافة للتوقيت الذي جاءت فيه الانقاذ والعالم يفقد ثنائيته ( المعتدلة ) نوعا ما ويقع في براثن القطب الواحد . لم تأخذ القيادة السياسية للانقاذ ولا الحركة الاسلامية صرخات الاسلاميين الذين حيدهم الانشقاق الذي حدث عام 1999م فآثروا الابتعاد عن الفتنة كاملة الا ان قلوبهم معلقة بانجاز المشروع الإسلامي وان كان اغلبه على الرصيف ... بينما تحظى فئة قليلة بالعمل ( الشاق ) الذي يكاد يقصم الظهر ... وثلة اخرى ( منتفعة) بزهو السلطة .!!! - 2- بادر ( شيخ علي ) إعلان الجمهورية الثانية التي لم تبدأ حتى تلاشت نهائيا و أعقبه د. نافع المتنفذ الذي حاور اطيافاً من معدّي المذكرات وثلة صادقة من المجاهدين في شتى الانحاء والذين يؤمنون في كل تصريحاتهم الصحفية ان الاصلاح ضروري للغاية .... حتى ان البشير هو الذي اكد عدم ترشحه لدورة ثانية مفسحاً المجال لوجوه قديمة او جديدة تتولى الولاية العامة . المنصف يرى تحولاً كبيراً في القيادة التنفيذية للحكومة التي باشر مهامها العديد من الشباب لكن في اعتقادي ان الصراخ الحاد من الاسلاميين يمس قضايا جوهرية في معادلة الحكم تخص الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة ومحاربة الفساد في محاولة لتقريب منهج الخلافة مع مراعاة الفارق الزمني الهائل ... الا ان هؤلاء من اسلاميين يربطون بين طول البقاء في السلطة والاستبداد كقضية فلسفية .... برغم ان ( الثلة الحاكمة المنفذة ) في اعتقادي لها مد جماهيري عريض فهو يدرك نقاءها وصدقها وطهارة يدها والابتلاءات المتلاحقة الى درجة جعلت ( الحل الامني ) اقرب ( للتقوى ) وهذا ما خلق بعض المتاعب على الحكومة غير التمرد في دارفور والذي اورثته اتفاقية نيفاشا في كل من جنوب كردفان والنيل الازرق . مذكرات الاسلاميين المشفقين على ثمرة المشروع الاسلامي تواترت في زمن عصيب على الانقاذ ، فالتمرد على اشده في جنوب كردفان اضافة لانهيار المباحثات مع دولة الجنوب و الوضع الاقتصادي المتردي الذي يعيشه الناس في السودان .. كل هذه الظروف مجتمعه تجعل من اقوى الدول تعتقد اية صيحة هي ( العدو ) الى درجة ان التصريحات مسؤوليها الخلص ترمي بتركة ثقيله على الحكومة ... ولذا ضاعت الخطوات الصادقة المخلصة من الكثيرين أمام الحائط المنيع من دعاة الاصطفاف الامني . لا اعتقد ان الشباب الذي دفع حياته ثمناً غالياًً من اجل بقاء المشروع قائماً يريد هدمه حتى الأنباء الشحيحة عن المحاولة الانقلابية الاخيرة بقيادة صلاح قوش والعميد ود ابراهيم ما هي الا محاولة يائسة من وراء انسداد الحوار الداخلي ... اجتهادات الاصلاح التي لم تصل مداها ... كما هو ظاهر للعيان . مسوغات الطموح الشخصي كاتهامات طرحت في قضية المحاولة الانقلابية لا تجدي فتيلا مع شخص مثل ود ابراهيم الذي نذر حياته للجهاد حتى صلاح قوش الذي تبوأ منصباً رفيعاً في الانقاذ . المحاولة الانقلابية اسوأ ما بها التفكير الانقلابي الذي تجاوزه الزمن كثيرا وصار غير مقبول للدول والمنظمات الاقليمية كافة . هذا يوضح بجلاء ان هنالك خللاً في منظومة التفكير ( الحركي ) ... لأننا لو استشهدنا بحديث د. نافع ان العميد ود إبراهيم ليس له خبرة في العمل الخارجي ... فصلاح قوش يكون خطأه فادحاً لانه رأس جهاز المخابرات السوداني وأنجز خلال توليه مهامه انجازاً مشهوداً ولذا لا تغتفر مثل هذه السقطة السياسية الكبرى . -3- مثل المؤتمر الثامن للحركة الاسلامية عصفاً فكرياً وحوارياً مهماً خرج بتوصيات مهمة لمعالجة القضايا الفاعلة والانتماء ومشاركة الجميع في مسائل التثوير الاجتماعي وحل تعقيدات التنوع واختلاف الثقافات وصولاً لشواطئ المواطنة الراسخة التي تنبذ كل الوان المحسوبية والتمييز والتشاكس الطائفي والعرقي والقبلي . المؤتمر منح ضوءاً اخضر لاستيعاب كل الآراء الناقدة لمسيرة التنظيم منذ تولي عام 1989م السلطة وبعد المفاصلة الشهيرة والى حادثة الانقلاب الأخير الذي مجمل المشاركين فيه من ( البدريين ) وكما اطلق عليهم علي عثمان محمد طه ( اولادنا ). ثمة ملاحظة مهمة ان معظم المنتقدين و الذين قدموا المذكرات من المجاهدين او مجموعات ( السائحون )والمثقفين من ابناء الحركة الاسلامية من د. الطيب زين العابدين مروراً د. خالد التيجاني الى اجيال ( شابة )شاركت في معارك الميل اربعين وغيرها اعتصمت بمجموعاتها دون الانخراط المباشر في الفعل خاصة في الاجهزة التنظيمية الجديدة وكأنها تخاف ان تذوب وتأخذها ( سكرة) السلطة والصولجان وهذا تفكير سلبي جداً لان من يملأ الفراغ ربما غير جدير او متسلق او غير كفؤ للمنصب التنظيمي. على الجهات ( الناقدة ) الحريصة على مشروع الحركة الاسلامية ان تنخرط بفعالية في العمل التنظيمي ولا تتركه للفراغ .... حيث الطبيعة لا تقبل الفراغ .... قد تظن احدى المجموعات ان المسارب التنظيمية مغلقة في وجه كل حادب ... هذه المظنة باطلة حتى يحدث عكسها فقد فتحت القيادة الجديدة الباب على مصراعيه لكل فكرة مبتكرة او جهد او نقد بناء ولا يجب الإحجام لمجرد السوابق التي كانت قبل المؤتمر. المؤتمر الأخير للحركة الإسلامية مثل علاقة مميزة في إدارة الحوار الداخلي من القواعد إلى القيادات .... وقد ساهمت المحاولة الانقلابية إلى الانتباه الكامل للأصوات المنادية بالإصلاح الا ان أسلوب التغيير الراديكالي في هذا الزمن بالذات غير مناسب تماماً. الأمين العام الجديد ( شيخ الزبير ) وفي لقائه في برنامج حتى تكتمل الصورة عبر بشكل واضح على سياسة الانفتاح على كل الطيف الاسلامي خاصة الجهات النقادة والحادبة على المشروع الاسلامي . هذه ليست دعوة ( مثالية ) ... انما دعوة ملحة للتفاني في العمل بإخلاص وتجرد ... فهذا المشروع ليس ملكية فردية لاحد انما مساهم فيه جميع ابناء الحركة الاسلامية ولو ( بشق تمرة ) !!!!