لا يكاد يشرق صبح يوم جديد منذ اجازة صنف من القطن المحور في السودان, الا طالعتنا وسائل الاعلام خاصة الصحف بموضوع أو تعليق عنه. فالقطن المحور اذن قطن لا تنقضي قصصه وعجائبه. بعد المرور بميلاد عسير اثار من اللغط الكثير ومن الحديث المثير عن كيفية اجازته وزراعته والتي انتقدها منتقدوها ممن يعلمون وممن لا يعلمون كما أيدها وأطنب في مدحها مناصروها, الى مسألة استجلاب التقاوي من الصنف وما دار فيها ما دار من اشارات الى تجاوز الشركة المنتجة للصنف والتي اشرفت على عمل التجارب بالمركز الصيني بمشروع الرهد في عقودات شراء التقاوي وما اثير حول قلة نسبة الانبات في المستجلب من تقاوي الصنف الى غير ذلك مما لا يمكن حصره. تم استجلاب تقاوي القطن المحور المثير للجدل ووزعت على معظم ان لم يكن كل المشاريع الزراعية رغم الاتفاق كما زعم البعض على أن تكون البداية بمساحات صغيرة تجنبا لمشاكل غير مرئية قد يتعرض لها الوافد الجديد!! تمت زراعة القطن المحور في كل المشاريع بتقانات فلاحية مجازة للاصناف السودانية لاستعجال المهتمين بأمر ادخاله لاحداث الزيادة المرجوة, فالوقت عندهم ثمين اغلى من الذهب أو حتى من الزيت والبصل!! تباين مستوى تأسيس المحصول في المناطق المختلفة باختلاف البيئة الزراعية واختلاف أمزجة العنصر البشري, ففي الجزيرة مثلاً حيث قانون مشروع الجزيرة للعام 2005 والذي جاء رافعا لواء انتهاج العشوائية وعدم الاهتداء بالمحددات الفنية وعلى رأسها اتباع الدورة الزراعية ووجود متبقيات محصول القطن من الموسم السابق محدثة خللا كبيرا في التوازن البيئي ومحفزة للوجود طوال العام لعوائل الآفات الحشرية والتي تضرر منها وكان اول ضحاياها القطن المحور في كثير من المناطق, على عكس قطن السودان الذي تعود على العيش في ظروف البؤس التي تكتنف حقول الجزيرة ولكن مسكين هذا الوافد الجديد الذي رمت به المقادير في عرين جحافل الحشرات الشرهة التي لم تصدق فأعملت فيه ضربا في سوقه فذبلت وجفت وتهاوت مفاصلة . تقدر الاصابة بثاقبات الساق في بعض المناطق في الجزيرة بنسب تتراوح بين 30 ? 60% مع تخوف من زيادة هذه النسبة، و ما ساعد على زيادة نسبة الاصابة , (منسوب الى جهات وثيقة) عدم الاعتناء بنظافة الحشائش مما يعكس نفسيات المزارع الذي أصبح مهددا بدفع التكاليف ومحبطا بالذي أصاب محصوله وينتظر في لهفة اسدال الستار على ما يجري ويتساءل هل حان لهم أن يحرثوا الارض لاستغلالها في محاصيل اخرى غير القطن؟ . تبدو الصورة في حلفاالجديدة اقل أثرا حيث قدر التلف الناتج من ثاقبات الساق بنسبة 20% ولكن من الملاحظات المهمة ايضا هي تفشي ظاهرة الذبول في الحقول التي تفتقر الى تجويد العمليات الفلاحية ومن اهمها نظافة الحشائش. في هيئة السوكي الزراعية كان الوضع مختلفا تماما وبدت حقول القطن المحور في أبهى حللها فالتأسيس جيد وادارة الحقول فيها جهد واضح مميز انعكس في تميز القطن المحور بعدد وافر من اللوز المتفتح بالقطن الابيض الناصع والخالي من ديدان اللوز، وحتى الآفات الاخرى التي اصابت القطن في الجزيرة مثل حشرة الجاسيد كانت قليلة الاثر في منطقة السوكي وكذلك الوضع في مشروع الرهد الذي قمنا بزيارته لتقييم حجم ظاهرة الذبول فوجدنا نسبة ضئيلة لا تتعدى 5 ? 7 % في المناطق التي تعرضت للاجهاد غرقا كان أو عطشا و في اطراف الحقول . أما العقبة هنا فمن نوع مختلف يتمثل في تلكؤ شركة الاقطان في التزاماتها تجاه المزارعين في توفير التمويل وذلك منذ بداية التأسيس وحتى الآن ونباتات القطن تستغيث من ثقل الحمل باللوز المفتح بالقطن الذي تتعرض جودته للتدني بمرور الوقت بفعل الاتربة وضربات شمس الشتاء الصايف. صرح بذلك المدير الزراعي لهيئة السوكي عند سؤالي له عن اسباب تأخير لقيط القطن ويخشى أن يكون ذات النهج لشركة الاقطان متبع في مناطق زراعة القطن الاخرى مما سيهزم في نهاية المطاف كل الجهود ويبدد معه كل الاحلام بتأمين البداية الجاذبة لزراعة القطن المحور!! . والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل