زيارة هايلى ماريام ديسالين رئيس الوزراء الأثيوبي هايلي للخرطوم طبقاً لما كشفت عنه مصادر(الرأى العام) اليوم، رجحت الدوائر الدبلوماسية أنها تأتى فى سياق دفع اتفاقيات التعاون المشترك بين الخرطوموجوبا فى سبتمبر الماضى بأديس ابابا.. لكن الزيارة لجهة الأولى من نوعها لرئيس الحكومة الاثيوبى خارجياً منذ توليه الحكم فى بلاده عقب الرحيل المفاجئ لملس زيناوى، أثار دهشة الكثيرين باعتبار ثمة رسالة سياسية تتخفى خلف الخطوة الاثيوبية.. مراقبون أعتبروا الزيارة فى المقام الأول والأخير ، تتسق مع ما جرت عليه عادة الدبلوماسية الاثيوبية والسودانية فى السعى لتعزيز العلاقات السودانية الاثيوبية خاصة بعد التحسن والتطور الكبير في عهد رئيس الوزراء الاثيوبى الراحل.. التحليلات تذهب الى أن أديس ابابا تنظر للأمر من باب أن أصعب الملفات التى تواجهه دبلوماسيتها هى المف السودانى / الجنوبى، وأن عدم النجاح فى تحقيق اختراق لصالح السلام الإقليمى، سيلقى بالاتحاد الافريقى كمنظمة تستضيفها أثيوبيا من شأنه أن يقذف بالمنظمة وسمعة الدبلوماسية الاثيوبية الى غياهب الفشل فى ظل التركيز الدولى على الملف ونتائجه، وتوقعت الخرطوم غير الرسمية ان تركز الزيارة على الحوار في القضايا الخلافية بين الخرطوموجوبا خاصة الملفات الأمنية والاقتصادية ومشكلات المنطقة الافريقية وما يدور فيها.. ثمة تقليل من تأثير الزيارة ونتائجه فى تليين موقف الخرطوم لجهة أن المعادلة التفاوضية أضحت أسهل ما يكون وتتركز فى الالتزام الجنوبى الكامل بما تم الاتفاق عليه خصوصاً فى ملف الترتيبات الامنية وفك الارتباط، ويذهب المتشائمون الى ان هايلي ماريام ولم تكن له اى أدوار سياسية محسوسة في دعم الاتفاق بين الخرطوموجوبا في محادثات أديس أبابا الاخيرة، وأن مجهوداته تتفق فقط مع الاستراتيجية الاثيوبية المبنية على جوار أمن ومستقر مع جميع الدول وأن بدت ارتريا والصومال استثناء فى المشهد.. ثمة تفاؤل لا تخطئه العين فى الخرطوم حيال الزيارة الاثيوبية وامكانية خدمة القضايا العالقة مع دولة الجنوب بدفعه لتسهيلات للاتفاق قبيل القمة الافريقية الرسمية فى يناير القادم، واستباقاً للدعوة المتوقعة من الرئيس سلفا للرئيس البشير لقمة ثنائية، ليدور تساؤل حول هل يكون لزيارة ماريام إثر إيجابي ورؤى سياسية اكثر من التي قدمها الراحل زيناوي في حل قضايا البلدين؟ دبلوماسيون أعتبروا الخوض فى عملية المقارنة خطأ لا يجب الوقوع فيه سياسياً، بالاضافة الى أن اختلاف التجارب وتفاعلات البشر بها وتجاهها تختلف من شخص الى آخر، ما يفرض ضرورة عدم المراهنة على احتمال تأثر هايلى بتجربة ملس، فيما يرى دبلوماسى متقاعد - فضل حجب اسمه- فى حديثه ل(الرأى العام) ان كاريزما ملس وتاثيره ومجهوداته فى القارة الافريقية خلقت تحدياً لكل من يأتى بعده فى محاولة لإثبات الوجود ، وأن رئيس الوزراء الحالى لن يخرج عن السنة الكونية فى محاولة وضع بصمته الخاصة عبر النجاح فى الملف السودانى / الجنوبى كأكبر رصيد يمكن أن يحققه فى الراهن.. من جانبه أعتبر الخبير الدبلوماسى الرشيد ابوشامة ان زيارة هايلي بمثابة رسالة لحسن النية من قبل أثيوبيا بمعنى تعزيز العلاقات مع الحكومة السودانية في اطار التعاون الاقتصادي المتفق عليه من قبل البلدين خاصة في مشاريع شبكة الكهرباء والمهاجرين من دولة اثيوبيا في الخرطوم، ولم يستبعد أبو شامة أن تكون زيارة رئيس الوزراء الاثيوبي للخرطوم بهدف خدمة مصالح أديس ابابا فيما يتعلق بخلافاتها السياسية مع دولة ارتريا. كثيرون توقعوا أن تكون المحطة الثانية لقمة الهرم التنفيذى الاثيوبى جوبا ، لجهة إكمال عمليات التشاور والتحاور وتذليل المعوقات حال صدقت الترجيحات بأن هدف الزيارة استباق قمة الرئيسين البشير/ سلفا كير .. فضول الساحة السياسية تجاه محطة الرجل الاولى واتخاذه الخرطوم كنقطة انطلاقة لمسيرته السياسية بحجة دفع تلك العلاقات بددته تفسيرات ابوشامة بان اختيار الخرطوم يؤكد على ان السودان أهم من دولة الجنوب وباعتبار ان السودان دولة متقدمة في المجالات كافة على الجنوي. واستبعد ان تحدث الزيارة اختراقا في ملفات الاتفاقية لصالح البلدين قبل انعقاد القمة الافريقية بين الرئيسين البشير ? سلفاكير في الايام القادمة، واكد ان زيارته ربما تكون بعيدة عن الوساطة بين دولتي السودان والجنوب، وانما تهدف فقط الى تعزيز العلاقات السودانية الاثيوبية والتأكيد على استمرار التواصل السياسي الذي بدأه زيناوي في السودان، اضافة لتحقيق مصالح سياسية ذاتية وإثبات وجوده كشخص جديد في الساحة الإقليمية الأفريقية.