انعقاد قمة دول الخليج الست رقم «33» في المنامة رغم أنه اجتماع تقليدي لن يتطرق إلى موضوع الاتحاد إلا أن شعوب المنطقة تتطلع بشغف شديد إلى تلكم الخطوة, خطوة الانتقال من مرحلة «التعاون» إلى مرحلة) الاتحاد) لان هذه الشعوب ترى أن «التعاون» الذي عاشت في ظله اكثر من ثلاثين عاماً كان غير كاف لتحقيق طموحاتها وغير كاف أيضاً لمجابهة التحديات الجديدة التي تواجه المنطقة حالياً, وإن الابقاء على «التعاون» اكثر من ذلك سوف يعرض أمن المنطقة واقتصادها بل وهويتها إلى الخطر وان الاتحاد يوفر لها القوة العسكرية الواحدة والقوة الاقتصادية الواحدة والسياسية والادارية الواحدة أيضاً ذلك هو طموح شعوب المنطقة، أما رأي الخبراء والمحللين العرب فهو يصب في خانة تطمين الشعوب والحكام الستة أن فرصة قيام إتحاد قوي لدول الخليج الست هي بكل المقاييس ناجحة ومطمئنة وهي ربما تتيح لها فرصة قيام إتحاد أقوى وأنجح من الاتحاد الأوروبي الحالي لسبب واحد هو ان «التعاون» الذي ظل قائماً بين الدول لمدة أكثر من ثلاثين عاماَ و ضع اللبنة الأساسية المهمة لقيام الاتحاد. فقد اتاح الفرصة لقيام مؤسسات سياسية واقتصادية وإدارية متشابهة إلى حد ما من جميع الدول الست مما يسهل دمجها في مؤسسة واحدة في حالة «الاتحاد» وأهم ما في الاتحاد الجديد بعد الجانب الأمني والقوة العسكرية الواحدة تأتي الوحدة الاقتصادية. فالاتحاد في هذا الجانب سوف يطرح نظام عملة موحدة ونظاما ماليا موحدا ونظاما مصرفيا واحدا يشرف عليه بنك مركزي واحد مما يسهل جانب الرقابة على النظام المالي والميزانيات وهناك قيمة مضافة سوف يحققها الاتحاد الجديد ألا وهي الاستفادة القصوى من تجارب الاتحاد الاوروبي الاستفادة من إيجابيات وسلبيات الاوروبيين لتفادي المخاطر في ادارة الاقتصادات الموحدة ونظامها المالي لتقليل امكانية حدوث أزمات مثل أزمة الديون السيادية الأوروبية الحادثة الآن. ذلك هو رأي الخبراء المطمئن على خطوات قيام الاتحاد، لكن الحقيقة تقول ان طموح الشعوب ورأي الخبراء ليس وحدهما كافيين لتوليد الحماس الدافق نحو الفكرة. فهناك عقبات قد تكون حجر عثرة وأهم تلكم العقبات هي كيفية تحقيق إجماع مبدئي بين الدول الست نفسها قبل الدخول في تنفيذ وإجازة الفكرة، فالاتحاد الجديد سيطرح دمج الكثير من الادارات والصلاحيات والمواقف السياسية والاقتصادية والأمنية، وربما بعض الامور السيادية والعملات الوطنية وهلمجرا وما لم يتم إجماع كامل حول هذه القضايا فليس من المعقول الاعلان عن اتحاد او الانتقال من مرحلة «التعاون» إلى مرحلة )الاتحاد( لأن تجربة الخلاف السابق حول العملة الموحدة عندما طرح في العام 2010م لا زال عالقاً بأذهان الملوك والرؤساء وأصحاب السمو فقد رفضت آنذاك دولة الكويت وسلطنة عمان مبدأ طرح عملة جديدة موحدة بينما كانت المملكة العربية السعودية هي الأكثر حماساً للفكرة وأدى الخلاف إلى تجميد الفكرة ولا ذكرى لها حتى الآن أما العقبة الثانية فهي المتغيرات العالمية والاقليمية والتحديات الخارجية والداخلية التي تواجهها الدول الست فالعالم اليوم يواجه بركاناً من المشاكل كلها ينحصر في منطقة الشرق الأوسط إما داخل دول الخليج أو قريباً منها والمنطقة تهددها النزاعات وأهمها النزاع الايراني الغربي والإيراني الخليجي والمنطقة تعيش هلعا وخوفا من التهديد النووي أما التحديات الداخلية فالدول الست تعيش في خوف من المد الربيعي العربي فالربيع العربي أصبح «بعبعاً» للانظمة الحاكمة لأنه ينادي بإفساح المجال للمنظمات المدنية للمشاركة والانظمة تخشى على سلطانها وزواله فما لم يتم التغلب على هذه العقبات والمتغيرات والمخاوف فلا أعتقد ان الاتحاد سيرى النور قريباً ولا حتى بعد انعقاد القمة القادمة في الرياض حسب ما هو مأمول لان الظروف الحالية يتوقع لها ان تكون أسوأ في العام 2013م الذي يدق الأبواب هذه الأيام..