? بلادنا كما يعلم حتى راعي الغنم في الخلاء.. تمر بمرحلة يكون أو لا يكون وأن مصير هذا البلد المنكوب مجهول تحاصره المشاكل والأزمات من كل جانب .. والناس جعانين عديل» كما عبر صاحب بقالة في الجرايد عن أقوال غالبية المواطنين بسبب الغلاء الذي طال جميع السلع بلا استثناء فنشاهد اسعارها وهي ترتفع صباح كل يوم ولا حول لنا ولا قوة.. ? رغم كل هذه المشاكل التي يعاني منها المواطنون فقد انشغلت بعض المنابر بإثارة قضايا هامشية لا تمس حياة الناس.. ? نعم غالبيتنا يستنكرون ما يحدث في مناسبات مثل الكريسماس من قبل شباب هذا الجيل الضائع وقد تركناهم فريسة للثقافات الدخيلة على مجتمعنا فتأثروا بها كثيراً واستحوذت على أفكار وممارسات لم تعهدها الأجيال السابقة.. ?في هذا الوقت الذي تنوء فيه بلادنا بمشاكل لم نتمكن من حلها حتى الآن.. فلا داعي على الأقل في الوقت الحاضر - إثارة قضايا مثل تلك التي تدعو مسلمي السودان لمقاطعة الكفار والمشركين في احتفالاتهم بأعياد الكريسماس ورأس السنة.. ? كان هذا بعض فحوى منشور توزيع هذه الأيام على نطاق واسع يدعو أيضاً مسلمي هذا البلد لعدم تهنئة أولئك النصارى بهذه الأعياد التي يحتفل بها كل عام اخواننا.. مسيحيي هذا السودان المنكوب.. ? كاتبو هذا المنشور جهة مجهولة إذ أنه لا يحمل توقيع أية جهة فرداً كان أم جماعة أو شخصية اعتبارية.. يشهد نصارى يدعون انها «متفق عليها» .. ? والمفارقة هنا ان والي جنوب كردفان واركان حكومته شاركوا في الأسبوع الماضي الكنائس المسيحية بكادوقلي في احتفالاتها بأعياد الميلاد وقدموا لهم التهنئة بهذه المناسبة وحسب «الصحافة» فإن مواطني الولاية وخاصة المسيحيين قد استحسنوا وثمنوا هذه الزيارة التي تنم عن روح الإخاء والتسامح الديني».. «أبو الزفت».. كما يحلو للبروفسيور عبد الله علي إبراهيم في مثل هذه الأحوال.. ? أحد الدعاة ذهب أكثر من ذلك.. فقد سمعت خطيب مسجد المجاور يوم الجمعة الماضي وهو يكرر القول «ان الغناء حرام» واستشهد الخطيب بفتاوى الأئمة الأربعة.. ? خطيب مسجد الخرطوم الكبير هو الآخر يثير مشكلة من شأنها ان تصرف انظار الناس عن مشاكلهم الحقيقية التي تحوم على العيش الكريم.. فقد نسبت صحيفة «السوداني» إلى كمال رزق قوله ان التلفزيون «غارق في الأغاني» صباحاً ومساء وانه لم يقم برسالة التوعية الدينية لمنع المسلم وانتشاله من العادات الوافدة».. ? وسمعنا أيضاً ان غرفة الشقق المفروشة قد فرضت قيوداً على تأجير الشقق المفروشة في ولاية الخرطوم لضبط الاحتفالات برأس السنة.. وتساءل كاتب تحقيق «القرار» مقداد خالد عما إذا كانت خطوة الغرفة تثير تساؤلات عما يجري في تلك الشقق» في ذلك اليوم؟ ربما نجد الجواب عند د. محيي الدين الجميعابي رئيس منظمة «أنا السودان».. الذي قال ان رأس السنة «يوم هملة تظهر آثاره بعد 9 أشهر في هيئة مجهولي الوالدين».. وكل لبيب بالإشارة يفهم.. ? وعلى كل حال فقد احسنت شرطة ولاية الخرطوم باعلانها عن اكتمال ترتيبات لتأمين احتفالات الاستقلال ورأس السنة.. وقالت إنها بادرت بتغطية الشوارع والاندية والمسارح ومراكز الشباب والصالات والساحات العامة والمواقع الاستراتيجية والدور الحكومية والأسواق.. ومواقف المواصلات.. حسب ما و رد في الجرايد.. فالاحتياطي واجب على السلطات في مثل تلك المناسبات.. ولاية البحر الأحمر التي أصبحت منطقة سياحية هي الأخرى تستعد هذه الأيام لاستقبال اعداد كبيرة من المواطنين الذين توجهوا إلى مثل الولاية التي تتسم بالتسامح لكي يحتفلوا بهذه الأعياد «على راحتهم»..