هنالك طريقتان في التعامل مع قضايا الفساد في الساحة السودانية: طريقة سائدة داخل الحكومة، تتوجس من كلمة "فساد" ولا ترغب في التعامل معها، وتحسب انها دائماً ما تخفي في داخلها مؤامرة أو تخبئ من خلفها كيداً. وطريقة أخرى رائجة في المعارضة، تستخدم اتهامات الفساد كسلاح من اسلحة الصراع السياسي وحرق العدو أو تشويه صورته على الاقل...! من الواضح ان تجنب التعامل مع مصطلح الفساد، مثل استسهال اصدار احكامه. كلاهما يضر بقضية النزاهة..الذين يرفضون الحديث عن الفساد خوفاً من الكيد والمؤامرة يهيئون الاوضاع والأجواء لازدهار تجارة المفسدين. والذين يستخدمون اتهامات الفساد كسلاح للحرق الاعلامي و التشويه الاجتماعي يجعلون من العمل العام مجالاً طارد اً للاخيار ونظاف اليد والضمير.......! بغض النظرعن صدق وجدية الاتهامات التي صاغها الرجل المثير للجدل الدكتور صلاح بندر رئيس مجلس امناء المنظمة السودانية لمناهضة التعذيب، التي تتخذ من لندن مقراً لها، في حق مكتب المنظمة بالخرطوم..واتهامه بتبديد أموال المانحين في غير الاغراض المحددة لها ،أو للمنافع الشخصية "تغذية الجيوب"فالامر يحتاج لتعميق القراءة والتريث في اصدار الاحكام..فقضايا الفساد اصبحت من أكثر القضايا رواجاً في أسواق الاعلام العالمي قبل المحلي .وكلمة "فساد" تجتذب الأعين والاذآن شغفاً لمعرفة ما حدث.. قضية منظمة مناهضة التعذيب تقدم أوضح نموذج للتعامل مع اتهامات الفساد: 1- مجموعة تتهم مسؤولها الاول بالفساد. وتقيله من المنصب. وترفع القرار لجهاتها العليا وترحل الملف للاعلام. 2- الجهات العليا تعيد المسؤول لمنصبه و تتهم ذات المجموعة الشاكية بالفساد في قضية أخرى وتحيل الامر كذلك للاعلام..! مكتب الخرطوم الذي ادان رئيسه السابق في قضية فساد، لم يعرض حيثيات الادانة على الجهات القضائية لتقول كلمتها. اكتفى بتقرير لجنة تحقيق داخلية! رغم ان التجاوز المشار اليه تم قبل ست سنوات كما ورد بمقالات البندر..! والدكتور صلاح بندر الذي صاغ اتهامات واصدر ادانات في حق العاملين في المكتب والمتعاونين معه، فعل ذلك دون ان تكون هنالك محاكمات قضائية فاصلة. بل دون تكوين لجنة تحقيق..! المؤسف حقاً في واقعنا، ان صدور الاتهام في حد ذاته ادانة اجتماعية واعلامية مسبقة غير قابلة للغسل، كشف قضايا الفساد يجب أن يجرد من الاجندة الانتقامية،وان يكون فضح الفساد غاية في حد ذاتها انتصاراً للنزاهة. ومن العيب استخدامه كسلاح لقهر الخصوم واذلالهم..! نصيحة للجميع: قبل ادانة اية جهة او أفراد يجب ان تقول الجهات العدلية كلمتها. استخدام اتهامات الفساد كسلاح لتصفية الخصومات السياسية او الخلافات الادارية، يعتبر من الاسلحة ذات الخاصية الارتدادية...تطلقها فتصيب الهدف ثم تعود اليك !