مصر الآن عبارة عن سفينة كبيرة في أعالى البحار تتقاذفها الأمواج العاتية، أمواج الخلافات السياسية التي تعد الأخطر على الاقتصاد المصري، فعدم الاستقرار مؤخراً أصعب من معالجة الازمة الاقتصادية التي تفاقمت بسبب انشغال الحكومة بالخلافات حول الدستور والاستفتاء عليه حتى قامت مؤسسة استاندرد آندبورز (s&p) بتخفيض إئتمان مصر من درجة (B) إلى (-B) وبلغت ديون مصر السيادية حوالي (130) مليار دولار وانخفضت قيمة الجنيه المصري إلى حوالي (6،4) مقابل الدولار، وبلغ عجز الموازنة (11%) ولم يتجاوز النمو الاقتصادي (2%) مع فقدان دخل السياحة ،وأصبح حوالي (40%) من أفراد الشعب المصري تحت خط الفقر هذا الوضع الاقتصادي السيئ لا نريده نحن شعب السودان للشقيقة مصر ،لان ذلك الوضع قد يشجع التدخلات الخارجية. وهناك أكثر من طامع في الموارد المصرية ،وهناك أكثر من جهة تريد إحتواء الثورة المصرية ونحن نخشى ان ترضخ مصر تحت ظل الضغوط الاقتصادية لأهداف الأعداء ،رغم أننا نؤمن تماماً أن الشعب المصري الشقيق يرفض الإملاءات ويرفض التبعية وقد سبق للحكومة الحالية ان رفضت قرضا بلغ (4،8) مليارات دولار من صندوق النقد الدولي لان الحكومة كانت تعلم بشروط صندوق النقد المجحفة، وتعلم أيضاً آن هناك جهات تقف خلف المؤسسة الدولية لا تريد الخير لمصر. ومعلوم ان صندوق النقد يبدأ أولاً بشروط رفع الدعم عن السلع الأساسية وخفض قيمة العملة الوطنية وتطبيق سياسات تقشفية على الشعب وهي فاتورة ستدفع ثمنها شريحة (الغلابة) من الشعب المصري المغلوب على أمره.. الخلافات السياسية عمقت الأزمة الاقتصادية ولم تجد الحكومة بداً من طلب المساعدة المستعجلة من صندوق النقد، وجاء الوفد الآن إلى مصر لتقديم قرض ميسر وسريع بضخ حوالي (4،8) مليارات دولار.. في شريان الاقتصاد المصري, ومن هذا الباب يقول المراقبون إن الولاياتالمتحدة دخلت إلى مصر وأثرت على الحكومة الإسلامية الحالية ومن قبل كانت هناك إشارات لمحاولة الولاياتالمتحدة الاقتراب من الحكومة الإخوانية عندما هنأت الرئيس الدكتور محمد مرسي بالنجاح في الاستفتاء على الدستور ،ولم تخف إعجابها بالرئيس ودعته إلى زيارة الولاياتالمتحدة قريباً وكم نوهت انها لا تريد من الاخوان سوى الاجتهاد لحكم مصر بالهدوء وبالاستقرار. هذه هي نظرة الولاياتالمتحدة الأخيرة إلى حكم الاسلاميين في مصر، اما نظرة الاخوان المسلمين إلى الولاياتالمتحدة فقد وردت على لسان مرشد الإخوان أن الإخوان بعد وصولهم للسلطة لا يرون غضاضة في الانفتاح على دول العالم شتى مع الحفاظ على (الندية) في التعامل ولا وجود للتبعية أو الاملاءات بعد هذا فهذا معناه ان الاسلاميين لا يمانعون من التعامل مع الولاياتالمتحدة ودول الغرب الأخرى, هكذا كان هناك تقارب مصري امريكي هذه الأيام رغم غموضه ولا ندري إلى أين يتجه هذا التقارب هل يتجه نحو (أمركة) الإخوان أم هو يتجه نحو (أخونة) الولاياتالمتحدة لا ندري حتى الآن.. إن الشئ المفرح هو ان الحكومة المصرية اتخذت قراراً بنيتها تطبيق نظام الصكوك الاسلامية في التعاملات الاقتصادية والبنكية في مصر، وهو قرار صائب يهتدي بالتجربة السودانية التي خاضها السودان قبل مصر ويمكن لمصر الشقيقة الاستفادة من تجربة السودان لو هي طلبت المساعدة لكن قبل خطوة تطبيق النظام الاسلامي يجب على الشعب المصري الشقيق إنهاء الخلافات. والخلافات هي التي أعاقت الاقتصاد وجعلت مصر تمشي على (عصاة) والثورة تمضي بسرعة (السلحفاة) وما زالت (خيبة) الأمل تسيطر على الشعب المغلوب على أمره إزاء فشل تحقيق أي تحسن في الأحوال الاقتصادية أو أي تحسن في الأداء الاقتصادي. فالأداء ظل كما هو قبل الثورة ،هبوط قيمة العملة الوطنية ونفاد الاحتياطي الوطني من العملات الحرة وغياب التنمية والاستثمارات الاجنبية مع توقف ايرادات السياحة بالكامل، فلا أعتقد ان هذا الوضع الاقتصادي السيئ سوف تخرج منه مصر (بأخونة) أمريكا أو(بأمركة) الإخوان فقط بل باتحاد الشعب والإنتاج.