إن الميثاق الذي وثقت به المعارضة الداخلية لعلاقتها بالمعارضة المسلحة من خلال القسيمة المسماة بالفجر الجديد الأسبوع الماضي ،حاولت فيه إقناع الشعب السوداني بأهمية الالتفاف حولها وظنت أنها تقدم حلولا جذرية لعدد من المشكلات ،وعملت على تقديم عدد من الحوافز والمغريات لكسب ود الشارع السوداني ،فلننظر إلى هذه الحوافز ولنتتبع مآلاتها إذا افترضنا سلفا أن كل ما خططت له المعارضتان السياسية المدنية والعسكرية المتمردة قد نجح فعلا،الحافز الأول هو محاولة الاستقطاب النوعي (الجندري) الذي هو من أدبيات اليسار في كسب ميول النساء عبر عدد من الحوافز أبرزها المبدأ الخاص بحقوق المرأة التي ينص على ( تمكين النساء سياسيا واقتصاديا فى كافة مجالات الحياة و إلغاء كافة القوانين المقيدة لحرية المرأة وعلى رأسها قانون النظام العام بما يحقق كرامة المرأة ويدعم دورها فى الحياة مع ضمان مساواة النساء بالرجال فى الكرامة الانسانية والحقوق )،فالحافزان أولهما يتمثل في إلقاء كافة القوانين المقيدة لحقوق المرأة بما يحقق كرامتها ،فهل عندما تفقد المرأة عصمة الرجل الولي وقوامته عليها ليوفر لها الرعاية ويصون عفتها وينفق عليها فتتحول إلى (امرأة بلا ولي ) لا والد ولا زوج له يد عليها ،فمن مصلحة من هذا الحافز ومن هي المرأة السودانية التي يمكن أن تتقبل لقب (امرأة بلا ولي ) لا أن تحتفي به سوى اللائي لا ينتمين لقيم الشعب السوداني ولا يعبرن عنها ،أما الحافز الثاني في مادة حقوق المرأة فهو المساواة بين الرجل والمرأة ،فالمساواة في الحقوق في كل شئ بين الرجل والمرأة التي هي من محض أدبيات أهل الجندرة ليست إلا تكريسا لاتفاقية سيداو التي أراد بها الغرب عبر المنظمة الأممية تدمير القيم الأخلاقية لأهل الشرق التي تسند حضارتهم وتنفي عنها صفة المادية الآيلة للسقوط في حضاراتهم ،فالإسلام دين عدل وليس دين مساواة ،فليس من العدل مثلا أن تلزم المرأة بالإنفاق وجوباً على الزوج وأبنائه ولو كانت عاملة فهي حرة في مالها ،كما لا يمكن أن نقبل مثلا أن تساوى في الميراث خلافا للشرع أو أن يفرض عليها واجبات منافية للفطرة البشرية التي خصها بها الله ،والمساواة تلك في معظمها ظلم للمرأة حين تحملها ما لا طاقة لها به ،فبالمنطق هنالك الكثير من ميزات التمييز الإيجابي لصالح المرأة في واقع المجتمع الذي يخصها بالرعاية ويقف لها في المواصلات ويقدمها في زحام الصفوف ويؤثرها على الرجل في المنح والهبات ويزيدها مصروفا لمقابلة متطلباتها النسائية كبنت وأخت وطالبة ،فلمن يعود حافز المساواة غير أهل الجندرة واتفاقية سيداو التي أشار إليها الميثاق بقوله (تلتزم الدولة بصيانة كرامة المرأة السودانية وتؤكد على دورها الإيجابي في الحركة الوطنية السودانية ، وتعترف بكل الحقوق والواجبات الواردة في المواثيق و العهود الإقليمية والدولية التي صدق ويصادق عليها السودان في هذا المضمار.)،أما الحافز الثالث فهو رفع نسبة تمثيل المرأة في المجلس التشريعي الانتقالي القومي ومجلس الوزراء الانتقالي القومي ،فالمعنية بهما هي المرأة التي هي كادر في أحزاب الميثاق لأن الميثاق نفسه نص على تعيين أعضاء المجلسين من القوى الموقعة على الميثاق سيما وأن الأمر تعيين وليس انتخابات يمكن أن تترشح لها نساء السودان عموماً. حاشية: لقد رأينا كيف أن الفجر الجديد لم يتبين له الخيط الأسود من الخيط الأبيض من الفجر ،ذلك أنه أراد أن يوهم المرأة بأنه أعد لها حوافز جديدة ،بينما هو في الحقيقة أعد لكوادره من النساء تلك الحوافز ،بل عاد بالمرأة القهقري حينما أراد أن ينتزع منها رعاية الوالد والزوج لها ،وأقر أكثر من ذلك قيام مؤسسات تعليمية مختلطة بالجنسين في كل المراحل التعليمية ،فكيف نأمن اختلاط بناتنا بالجنس الآخر في المرحلة الثانوية مثلا في عهد المساواة ذاك ،إذا كان حال الجامعات المختلطة في سن راشدة من أعمار الطلاب يغني عن التفكير؟هذه حوافزكم ردت إليكم فهي لا تعني شعبنا.