اثار التحقيق الذي نشرته (الرأي العام ) الاثنين الماضي تحت عنوان [عصابة البيرقر] ، الذي كشفنا من خلاله كيف يقوم افراد العصابة بتخدير المسافرين بالبصات السياحية من مدينة سنجة الى الخرطوم ، مستغلين توقف البصات بمنطقة ( فداسي ) لارتكاب جريمتهم بخلط المخدر بالسندوتشات وتقديمه للضحايا ، وبعد ان يفقدوا الوعي يقومون بسلب أموالهم .. من خلال هذه الحلقة الثانية نلتقي بضحية ثانية وهو طالب خدرته العصابة وسلبته الرسوم الدراسية التي كان في طريقه لسدادها للجامعة .. وهو يحكي هنا تفاصيل غريبة ومثيرة لما تعرض له بين فداسي والخرطوم . سنجة فداسي [ علي آدم عبد الرحمن البر ] ، (23) سنة ، من قرية [ الرقيبة ] محلية ابو حجار ، ولاية سنار ، جنوب مدينة سنجة ، خريج الكلية البريطانية بالمعمورة/ الخرطوم [ كهرباء ] .. قرر التوجه الى الخرطوم من قريته [الرقيبة] لأداء امتحان ملحق في مادة الكهرباء ، من [ الرقيبة ]، وصل الى السوق الشعبي بمدينة سنجة وقام بقطع تذكرة ببص [ بتايا السياحي ]، مقعد رقم (12) .. وفي تمام الساعة الثانية عشرة والنصف بعد الظهر تحرك البص .. كان بجانبه في المقعد المجاور رجل لا يعرفه اخذ يتجاذب معه اطراف الحديث في شتى المواضيع ، * قاطعته هنا : ما طبيعة الحديث الذي دار بينك وبين الرجل الذي كان يجلس في المقعد المجاور ؟ - كان يسألني عن اسمي ، وهويتي ، وسبب سفري الى الخرطوم ، وبحسن نية كشفت له انني في طريقي لأداء امتحان بالجامعة وسداد الرسوم .. بعدها تحدث عن مواضيع عامة اخرى كثيرة ، حتى وصلنا منطقة [ فداسي ] حوالي الخامسة عصرا ، ونزلنا سويا من البص وتناولنا وجبة الغداء. * ماذا تناولتما ؟ - ملاح رجلة وبطاطس. * ألم تلحظ أي تصرف مريب من الشخص الذي كان معك أثناء تناول الغداء ؟ - لا ، بعدها جلسنا امام احدى بائعات الشاي وطلبنا منها كوبين شاي سادة سددت قيمتهما بنفسي .. وأثناء ذلك حضر احد المسافرين وجلس معنا فطلبت له كوب شاي ، وتظاهر بأنه لا يعرف الرجل الأول الذي يجلس بقربي بالبص بعدها صعدنا ثلاثتنا للبص الذي تحرك من فداسي في اتجاه الخرطوم . مفعول المخدر وبعد تحركه مباشرة اخذت اتصفح في جريدة ، لكنني احسست بعطش شديد وبعد فداسي بحوالي نصف ساعة شعرت ان لساني وكل جسدي اصبح ثقيلا وشعرت بالنعاس ، وهنا بدأت اشك انني مخدر ، وطلبت من المسافر الذي يجلس في المقعد امامي مباشرة ان يحتفظ معه بحقيبتي الهاندباق والموبايل ، ومبلغ (800) جنيه التي كنت احملها معي لسدادها كرسوم للامتحان ، إلا انه رفض. * ولماذا تصرفت ذلك التصرف ؟ - لانني شككت ان جاري في البص وضع لي مخدر . * وهل استطعت ان تعرف أين ومتى وضع ذلك المخدر ؟ - لم يضعه اثناء تناولنا الغداء بفداسي ، لكنني اجزم انه وضعه لي داخل الشاي. * ولكن كيف لم تلحظ ذلك ؟ - اثناء احتسائنا الشاي كنت منشغلا بقراءة احدى الصحف ، واعتقد انه دس المخدر في كوب الشاي هناك . * ماذا حدث لك بعد ذلك ؟ - بعد فداسي بمسافة توقف البص لانفجار احدى اطاراته ، ثم واصل سيره بعد ذلك . أين أنا ؟ * هل تتذكر متى فقدت الوعي ؟ - بعد استبدال اطار البص ومواصلة البص لرحلته مرة اخرى ، بعد فداسي بعدها لا اتذكر شيئا ، سوى انني وجدت نفسي داخل منزل احد المواطنين بمنطقة [ التكيلات ] بعد الكاملين . * أين عثر عليك الرجل ؟ - ملقى بقرب الشارع فاقدا للوعي ، فحملني الى منزله ، وعندما عدت الى وعيي، سألته : أين أنا ؟ فقال لي انت في التكيلات لقد عثرت عليك ملقى امام الشارع فاقدا للوعي .. بعدها بحثت عن المال الذي كنت احمله مبلغ (800) جنيه والذي كنت في طريقي لسداده رسوما للامتحان ، كما لم اعثر على الموبايل ، ولا ( المركوب ) الجديد الذي كنت ارتديه وسعره (280) جنيها ،نزعه المحتال من قدمي .. وأوضحت لصاحب المنزل الذي استضافني في منزله ، جزاه الله خيرا ، واشترى لي سفنجة جديدة ، ومنحني مبلغ (20) جنيها لأسافر بها الى الخرطوم . شهادة كمساري البص وحوالي الساعة (12) ظهرا من اليوم التالي غادرت التكيلات الى الخرطوم ، وفور وصولي الميناء البري اخذت ابحث عن سائق البص الذي كنت استقله من سنجة حتى وجدته وسألته عن سبب نزولي في التكيلات وعن حقيبتي ، حيث انني طلبت من الكمساري ان يحتفظ بقروشي وحقيبتي والموبايل لانني احس بأن حالتي الصحية ليست على ما يرام ، فقال لي الكمساري لم افهم شيئا مما قلته لي داخل البص ، حيث ان لسانك كان ثقيلا ، وكأنك تتحدث بالرطانة ، وعند وصول البص الى [ التكيلات ]طلب الرجل الذي كان معك النزول قائلا لي :[هذا الشاب اخي ، ولديه مرض نفسي وطلب انزاله من البص في التكيلات ، فصدقته لأنك كنت فاقدا للوعي ، وكان معه شخص آخر يمسكان بك ، حيث انك لم تكن قادرا على المشي ، بعدها انطلق البص بدونكما للخرطوم . * ألم تفتح بلاغا بالحادث الذي تعرضت له ؟ - حاولت فتح بلاغ بالميناء البري لكنهم طلبوا مني فتحه بشرطة فداسي حيث تعرضت لعملية التخدير . * كيف عرف أهلك بقرية [ الرقيبة ] لما تعرضت له ؟ - مساء نفس اليوم الذي غادرت فيه سنجة اتصل اهلي بالرقيبة في موبايلي للاطمئنان على وصولي الخرطوم ، فرد عليهم المحتال وقال لهم : ابنكم اصيب بحالة تسمم ، ويرقد بمستشفى ود مدني .. وعلمت انهم بحثوا عني في كل المستشفيات هناك ولم يعثروا علي بالطبع ، فاتصلوا بأبناء خالتي في الخرطوم وهم : [ صابون جابر ] و[ مهند ادريس خليفة ] ، و[ التاج ابراهيم ] ، و [ كباشي دوكة ] ، جميعهم يقيمون بالخرطوم ، جاءوا للميناء البري للسؤال والبحث عني ، وقابلتهم هناك وحكيت لهم ما تعرضت له . أوصاف دقيقة للمحتالين * هل يمكنك إعطائي وصفا دقيقا للرجل الذي دس لك المخدر في كوب الشاي ؟ - عمره حوالي (35) سنة ، نحيف ، طويل ، أسود اللون ، يرتدي جلبابا وطاقية ، وينتعل شبط ، وهو المحتال الذي كان يجلس بجانبي في البص ، ومعه المحتال الآخر. * ما أوصافه ؟ - قصير القامة ، يرتدي لبسة ، ولاحظت أن معهم شخصا آخر كبير في السن يعلو رأسه الشيب كل شعره ، * هل تتذكر أن الأشخاص الثلاثة هم الذين أنزلوك من البص في منطقة التكيلات ؟ - رغم انني كنت مخدرا خائر القوى إلا انني أؤكد ان الثلاثة اشخاص هم الذين حملوني من البص وانزلوني منه في التكيلات ، ونهبوا مالي وحقيبتي وموبايلي ، ومركوبي وتركوني ملقيا في العراء ، واختفوا . وضاع العام الدراسي * إلى متى استمر مفعول المخدر معك ؟ ظللت طريح الفراش بسبب المخدر القوي الذي دس لي في الشاي لمدة أسبوعين بمنزل خالي [ ادريس خليفة محمد البشير ] بمنطقة الفتيح العقليين .. وبسبب الحادثة التي تعرضت لها فقدت فرصتي في الجلوس لامتحان الملحق ، والامتحان القادم في يونيو 2013م ، اي انني فقدت عاما كاملا من عمري الاكاديمي بسبب هذه العصابة ، وضاعت الرسوم التي وفرها والدي وأهلي بصعوبة ، حيث ان والدي يعمل مزارعا بالرقيبة ، ولدي (2) من الاشقاء ، ووالدتي متوفية منذ ان كان عمري (4) شهور، وربتني حبوبتي وجدي [ علي محمد صابون] . المحرر الحادثة التي تعرض لها طالب الكهرباء [ علي آدم عبد الرحمن البر ] ، جرت أحداثها في مايو ، اي قبل الحادثة الاولى التي قامت فيها [ عصابة البيرقر ] التي تصطاد ضحاياها من المسافرين بالبصات السياحية القادمة من مدينة سنجة ، حاضرة ولاية سنار ،والتي نشرناها مؤخرا ب( الرأي العام ) ، وتعرض فيها المواطن [ الفاضل احمد صغيرون ] من قرية [تنقرو]جنوب مدينة سنجة ، حاضرة ولاية سنار والذي خدرته العصابة بساندوتش بيرقر مخلوط بالمخدر ، بمنطقة فداسي ود مدني ، حيث تتوقف عادة البصات السياحية القادمة من سنجة حتى يؤدي المسافرون الصلاة ، وتناول وجبة الافطار للركاب الذين يتحركون من سنجة صباحا ، والغداء للبصات التي تتحرك بعد الظهر .. وحتى كتابة التقريرين فان أفراد العصابة لا يزالون ( طلقاء ) ، وحتما سوف يواصلون افعالهم الاجرامية على ضحايا جدد ، والخوف كل الخوف ان يكون احد الضحايا مصابا بضغط الدم ، وفي حالة تخديره فانه قد يصبح تحت دائرة الخطر ، وقد يفقد حياته .. العصابة خطيرة .. خطيرة ولا تزال تمارس افعالها الاجرامية ، مما يتطلب تحركا مكثفا وعاجلا من الجهات الامنية بولاية سنار للقبض عليهم ، وثقتنا في اجهزتنا الامنية بولاية سنار كبيرة ومؤكدة .. خاصة ان الاوصاف التي ذكرها الضحيتان [الفاضل احمد صغيرون] والطالب [ علي آدم عبد الرحمن البر ] للشخص الذي قام بتخديرهما وسلب اموالهما ، وتتطابق تماما حيث ذكرا انه اخضر او اسود اللون ، عمره (35- 36) سنة ، نحيل قصير القامة ، طويل ووسيم الوجه ، حليق الذقن ، لديه شارب ، شعره ناعم فاحم السواد ، يرتدي جلبابا وطاقية بدون عمامة فصيح اللسان .. اما المحتال الآخر فهو متقدم في العمر أشيب الشعر بالكامل . اخيرا ، نشير ان عنواني الضحيتين [ الفاضل ] والطالب [ علي ] طرف المحرر .. كما نناشد القراء وأهل الخير التكافل لجمع رسوم امتحان الطالب [ علي آدم عبد الرحمن البر ] ، حتى يتمكن من اداء الامتحان في يونيو القادم وقدرها (800) جنيه ، ( ثمانمائة جنيه).