كرة القدم لا تنقضى عجائبها , هذه الرياضة الشعبية المحبوبة التى أصبحت ضرباً من الفن و الإبداع ووسيلة للمتعة , صارت من فرط شعبيتها و قوة الإنتماء لأنديتها أداة لتوظيف هذا الإلتفاف الجماهيرى فى أعمال خيرية لا تمت للرياضة بصلة , بل و لتحقيق أهداف سياسية . أورد عن النقطة الأخيرة ما قاله مدرب أهلى شندى الجديد الجزائرى بن ذكرى فى حواره المنشور بالرأى العام يوم الإثنين الماضى . قال هذا المدرب و هو يفسر أسباب خلافات بينه و بين رئيس الإتحاد الجزائرى محمد روراوة (إن رئيس الإتحاد و أنصاره المقربين من الحكومة يعتقدون إننى إسلامى و لا أصافح النساء و أقول ما فى دواخلي بصراحة و الناس هنا تحبنى و أطلق علىّ جمهور السطايفة لقب (زكرينهو) لذلك خافوا أن أكون قائداً ملهماً و صاحب شعبية و تعلم المواجهات فى الجزائر مع الإسلاميين رغم أننى لست منهم و لكننى فقط مسلم ملتزم و الحمد لله) .. رغم ظنه الكبير فى نفسه الذى يوحى بأن نمور شندى قد استجلبوا مدرباً متعباً , لكن الإلهام الكامن فى النجم الجماهيرى حقيقة حياتية لا ينفيها التضخيم و التفخيم الذى أحاط به بن ذكرى نفسه , فلن يكون المدرب ملهماً للثورة , لكن قد يكون أبو تريكة (بهاراً) فى خطاب الرئيس كما فعل الرئيس مرسى و هو يذكر تفاصيل عن أداء أبو تريكة فى إحدى المباريات , و لم ينس للتأكيد على حبه للنجم الجماهيرى أن يقول (رغم أنه جاء من الإحتياطى) المدرب الجزائرى يجئ للسودان ضمن توجه سودانى نحو التدريب العربى حيث وفد للسودان مدربون من مصر و تونس ثم جاءت الجزائر . و يبدو أن عامل اللغة قد شجع على اللجوء لهذه المدارس , لكن ظاهرة التدريب العربى توحى و كأن الأندية السودانية قد فقدت الثقة فى المدرب السودانى رغم أن التدريب فى معظمه علم نظرى قد يحقق فيه المدرب السودانى تحصيلا جيداً , بل و حقق مدربون وطنيون نجاحات مقدرة مع أندية سودانية و مع المنتخب الوطنى رغم المقابل المادى الضعيف الذى يقدم لهم إذا ما قورن بما يقدم للمدربين الأجانب . و نذكر بكل التقدير عبد الفتاح حمد و الصبى و منصور رمضان و عبد العزيز سليمان و أحمد بابكر و أحمد عبد الله و جعفر ضرار و فوزي المرضى و كمال شداد و محمد عبد الله مازدا .. يظن بعض الإداريين أن اللاعب السودانى يكون أكثر انضباطاً مع المدرب الأجنبى , و أنه (يرفع الكلفة) مع المدرب الوطنى . و هذا اختصار مخل لأن التدريب لا ينحصر فى الانضباط وحده كما أن قوة الشخصية لا ترتبط بأجنبى أو وطنى , و نشير فى هذا الجانب إلى ما عرف به المدرب سليمان فارس من انضباط بلغ درجة الشطط , و له بالقطع تلاميذ فاقوه مكانة بعدم بلوغهم درجة الشطط .