وفقا لصحيفة «نيويورك تايمز» الصادرة الثلاثاء ، فإن مسئولين عسكريين أمريكيين يقولون إنهم يفكرون في الوقت الحالي في إنشاء واستخدام قاعدة عسكرية في شمال أفريقيا لإطلاق طائرات مراقبة غير مسلحة دون طيار فقط، ولكنهم لا يستبعدون استخدامها لشن هجمات صاروخية في وقت لاحق إذا احتدم الخطر. وهو تحرك يشير إلى مدى الاهتمام العسكري الأمريكي بالقارة الأفريقية تحت غطاء مكافحة الإرهاب. والغريب بالنسبة لنا أن الولاياتالمتحدة لا تزال ترى أن وجودها العسكري محدود في أفريقيا،مقارنة بالأهمية الإستراتيجية للمنطقة، حيث توجد لها قاعدة دائمة واحدة في دولة جيبوتي على مسافة أكثر من ثلاثة آلاف ميل من مالي التي تدعم فيها لوجستياً القوات الفرنسية التي تقاتل الإسلاميين المنتمين إلى تنظيم القاعدة الذين يسيطرون بسند عشائري على شمال مالي رغم المعاركة المحتدمة.هذا إذا تجاهلنا وجود كتائب وسرايا من قوات المارينز المرتبطة بعمليات تدخل استخباري لعمليات خاصة وسرية وهذه تتمركز سرية منها في يوغندا كانت قد سهلت للحكومة في جنوب السودان تصفية أحد كبار معارضيها بعملية خاصة في المنطقة الحدودية بين الجنوب و يوغندا ،كما أن هنالك وجود لقطع بحرية أمريكية في المنطقة بين البحر الأحمر وخليج عدن ضمن مجموعات أخرى دولية وبتغطية من قرار بمحاربة القرصنة ليتم توظيف هذا الوجود في محاربة تنظيم القاعدة وضرب حصونه في جنوب اليمن حيث يكثر استخدام الطائرات من غير طيار لهذا الغرض.وقد أقام الجيش الأمريكي عدداً من الممرات والمهابط الصغيرة في القارة الأفريقية بما في ذلك إثيوبيا لخدمة مهام المراقبة التي تقوم بها الطائرات دون طيار أو الطائرات ذات الدفع التوربيني التي جرى تصميمها لتشبه الطائرات المدنية. إذن نحن أمام انتشار مبرمج ومتحين للفرص في القارة الأفريقية تارةً رداً على التظاهر المقتحم لسفاراتها في أفريقيا ،وتارة أخرى باستغلال مهام إسناد ثوار ليبيا في الإطاحة بنظام القذافي تحت مظلة حماية المدنيين ،وثالثة لمحاربة القرصنة في منطقة القرن الأفريقي ،ورابعة بحجج ملاحقة القاعدة في اليمن ومالي ،فأين يمكن أن تكون القاعدة الجديدة هل ستكون في النيجر الغني جداً بخام اليورانيوم المشع لتأمين ومراقبة تصديره حفاظا على عدم وصوله إلى جهات يمكنها توظيفه لأغراض نووية عسكرية ؟ أم في بوركينافاسو لاختراق العمق الأفريقي نحو المحيط ، القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) تبحث أيضا خيارات أخرى بالنسبة لإقامة القاعدة مع عدة دول في المنطقة من بينها بوركينافاسو.،وإذا ربطنا بين إستراتيجية الانتشار العسكري الأمريكي التي أقرت في العام 2005 والتي سبق وأن تحدثنا عنها ،والتي كانت ترجح لجنوب السودان عندما ينفصل دوراً محورياً فيها لكنه خذلها بعدم الاستقرار والنزاعات القبلية والسياسية ،فإن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد سيما وأن هنالك قيادة اسمها قيادة ضمن هيئة الأركان تسمى قيادة القوات الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) مما يعني أن هناك المزيد ممن ستقودهم من القوات في المستقبل القريب في أفريقيا. حاشية : عندما فشل مشروع الشرق الأوسط الكبير هل لجأت الولاياتالمتحدة إلى مشروع أفريقيا الجديدة ،ليست قصيدة شاعرنا الكبير محمد محمد علي التي تحمل اسم أفريقيا الجديدة وتقول إنها ودعت الظلام وتركت حقبا عجافا لا تعي لا تنطق ،إنما أفريقيا التي تسيطر عليها القوى العظمى وتتقاسمها بينها مناطق نفوذ كما كان من قبل ،وليس ببعيد عن هذا تحرك بريطانيا اللاهث واللافت تجاه السودان استخبارياً أو اقتصادياً بالتلميح بإعفاء الديون ،حيث يود كل مستعمر العودة إلى ما كان يستعمره من أفريقيا ،أفريقيا التي أثبتت الدراسات الأنثربولوجية الأمريكية أن مواطنها كان أول من اكتشف أمريكا وعاش بها قبل قرون عديدة ،وأن مواطنها يومئذ كان من مملكة إسلامية في الموقع الذي يقاتل فيه الغرب الإسلاميين الآن.