معتوهون يسيرون ، فى الشوارع ، بثياب بالية لا تستر عورتهم ، ويقتاتون من براميل القمامة ، طعاماً تعافه الحيوانات ، وينامون على الارض ، والذباب يعبث بوجوههم الغبرة .. تظن و أنت تعيش المشهد على ارض واقعه المرير، بأن الصورة متلفزة تروى واقعا بائسا فى احدى الدول الافريقية التى انهكتها النزاعات .. اثنان من المتشردين اقتربا من برميل القمامة الواقع خلف احد الاسواق ، وفى يد كل منهما (كيس)، وأخذا يبحثان فى داخله ، البرميل كان ممتلئا بقمامة متنوعة كتنوع أغراض السوق ، لم تستغرق عملية البحث وقت طويلاً ، فسرعان ما حملا حصاد بحثهم المضني ، وأطلقا ساقيهما ، فرحا بما عثرا عليه .. ما قام به الشابان ، كان شيئا معتادا ، بل قاسما تشترك فيه معظم الاسواق ، كظاهرة منتشرة منذ أمد طويل ، تلك الظاهرة لم تعد وحدها ملفته للنظر، فهناك معتوهون ، يجوبون طرقات المدينة وأسواقها ، بعضهم يدخل الرهبة فى نفوس المارة ، بمحاولاتهم للنيل منهم بضربة من الخلف أو أي تصرف خارج عن سيطرة الوعى ، احدى المواطنات ، كانت تسير بالقرب من معتوه ، وقبل أن تنتبه لخطره فاجأها بضربة من الخلف ، ثم مضى فى حال سبيله كأن شيئا لم يكن ، بعض هؤلاء المعتوهين ، تغطى اجسادهم ثيابا لا تستر عوراتهم ، ولا تحميهم من برد الشتاء ، وكثير منهم يعانى من أمراض عضوية ، تنهش فى اجسادهم حتى يلفظون انفاسهم الاخيرة على الطرقات ، و يضحون جثثا (مجهولة الهوية) ، تأخذ اياما فى (مشرحة) المستشفيات ، لحين ظهور ذويها ، وفى اغلب الاحيان توارى الثرى دون التعرف على ذويها .. ما يحدث للمعتوهين والمتشردين أمر جدير بطرح تساؤلات عدة أولها : كيف تترك اسرة احد افرادها يسير فى طرقات المدينة وهو فاقد للوعي ؟ وأين وزارة التوجيه والتنمية الاجتماعية مما يحدث ؟ ولماذا لم تخصص برنامجا لمتابعة المعتوهين لجمعهم وإيداعهم دور الرعاية النفسية او إعادتهم لأسرهم ؟ أم أن الامر مكلف ولا تستطيع اليه وزارة الرعاية الاجتماعية سبيلاً ؟ من المعلوم هناك اسر تعيش ظروفا صعبة مهدت لخروج فرد من افرادها للشارع ، هذا الامر لا يعفي الجهة المسئولة من القيام بدور الرعاية والتوجيه ، لأن ما يحدث من تصرفات من قبل هؤلاء يستفز مشاعر المواطنين مثل الذين يسيرون شبه عراة أو يترحلون بالمركبات العامة ، وثيابهم تفوح منها رائحة التبول .. عبر صفحة (حضرة المسؤول) نطلق هذا النداء الانساني ونوجهه لوزيرة الرعاية والتنمية الاجتماعية ولاية الخرطوم ، بأن تخصص برنامجاً لما ذكر للقضاء على الظاهرة أو التقليل منها قدر الامكان .. هناك الكثير من التجارب الرائدة لدول تقارب فى ظروفها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية السودان ، اهتمت بهذا الشأن وقللت من الظاهرة .