يعقد في باريس اليوم الثلاثاء اجتماع وزاري بطلب من السلطات الليبية بهدف تعزيز الامن في ليبيا، وسط ظروف اقليمية شديدة الاضطراب، وذلك في حضور ممثلين لخمسة عشر بلدا ومنظمة دولية. وسيترأس وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ونظيره الليبي (التعاون الدولي) محمد عبد العزيز هذا الاجتماع، الذي سيليه الأربعاء زيارة لرئيس الوزراء الليبي علي زيدان الذي سيتباحث مع الرئيس فرنسوا هولاند بشأن الأمن الإقليمي، كما سيجتمع مع رئيس الوزراء جان مارك ايرولت.في موازاة ذلك سيلتقي وزراء ليبيون (الاقتصاد، النفط، الاتصالات، الصحة) اعتبارا من مساء امس الاثنين نحو 80 من رؤساء الشركات الفرنسيين من كل القطاعات, وكذلك وزيرة التجارة الخارجية نيكول بريك لاستعراض التعاون الاقتصادي الفرنسي الليبي. ويأتي مؤتمر باريس وهو الثاني من نوعه بعد اجتماع عقد في لندن مباشرة عقب سقوط نظام العقيد معمر القذافي، في سياق أوضاع متفجرة في بلدان الربيع العربي ومخاوف أمنية في منطقة المغرب العربي المتداخلة مع العملية العسكرية الفرنسية في مالي، فضلا عن استمرار اهتزاز الاستقرار الأمني في ليبيا نفسها وعجز الحكومة، حتى الآن، عن فرض سلطتها على كل الأنحاء الليبية، حيث لا تزال المخاوف قائمة من امكانية حدوث اعمال عنف مصاحبة للاحتفال بذكرى الثورة التى اطاحت بالقذافي فى السابع عشر من فبراير ,و قبيل انعقاد المؤتمر بساعات أكد رئيس المؤتمر الوطنى الليبى العام الدكتور محمد المقريف أن الاحتفال بالذكرى الثانية لثورة 17 فبراير يجب أن يكون بشكل سلمى بعيدا عن العنف ، وأنها مناسبة لتوحيد الليبيين ، وليس لتفريقهم، حيث استطاع الليبيون فيها التخلص من نظام ديكتاتورى ترك آثارا مدمرة على ليبيا.وطالب رئيس المؤتمر الوطني - فى كلمة له عبر قناة ليبيا الفضائية أذيعت بمناسبة الاستعدادات للاحتفال بالذكرى الثانية لثورة 17 فبراير - الليبيين باستغلال هذه المناسبة للمراجعة ، وتقييم الأداء واستخلاص الدروس والعبر ، للارتقاء بالعمل العام فى المرحلة القادمة..موضحا أن حق التظاهر السلمي ، مشروع لجميع الليبيين والليبيات ، ولكنهم في نفس الوقت ليسوا مضطرين لاستخدام العنف والقوة لإيصال صوتهم ، وهم يعيشون عصر الحرية ، حيث المساحة متاحة أمام الجميع ،للتعبير عن مطالبهم بطرق سلمية. وشدد المقريف على أنه ينبغى على كل من يريدون الخروج للاحتفال ،أو للتظاهر، أو الاعتصام للتعبير عن مطالبهم أن يكون ذلك بدون المساس بالسلم الاجتماعى ، والأمن العام ، وأن يفوتوا الفرصة على الطامحين لتسوية الحسابات السياسية ، والذين يركضون وراء مصالحهم الشخصية باستغلال فكرة التظاهر السلمى ، للتدمير وتخريب الممتلكات العامة والخاصة. ويعتبر في الجانب الفرنسي ان ليبيا تمر في فترة انتقالية حاسمة من اجل بناء دولة لم تكن موجودة في ظل حكم معمر القذافي.وقال مصدر دبلوماسي ان النبأ السيء هو ان هناك مخاطر أمنية حقيقية في ليبيا، والخبر الجيد هو ان الليبيين ليسوا (في حالة) انكار (للواقع). فهم يرغبون في ان تقترح عليهم حلول مع بقائهم اسيادا لشؤونهم». وقال مصدر في وزارة الخارجية الفرنسية ان الامر يتعلق بالاستماع لمطالب الليبيين وعرض مقترحات عليهم والتنسيق بين شركاء». وأثناء زيارة فابيوس الى ليبيا في نوفمبر الماضي طلبت منه السلطات المشاركة في تنظيم مؤتمر كهذا مع الدول الشريكة التي شاركت في التحالف الدولي الذي تدخل عسكريا في 2011 لإسقاط معمر القذافي.لكن منذ سقوط نظام معمر القذافي الذي قتل في اكتوبر 2011، ما زال انعدام الامن سائدا في البلاد خصوصا في منطقة بنغازي شرق البلاد التي شهدت سلسلة اعتداءات وعمليات اغتيال دفعت الدول الغربية الى اجلاء رعاياها من هذه المدينة اواخر يناير الماضي. وغالبا ما تنسب اعمال العنف هذه الى اسلاميين متطرفين كانوا مطاردين في ظل حكم القذافي وهم يصفون حساباتهم.ويبقى الأمن في عدد من القطاعات المهمة متوقفا على الميليشيات التي يتوجب ادماجها في الجيش او الشرطة. كذلك فان مسألة انتشار الاسلحة لم تسو بعد. يضاف الى ذلك ظروف اقليمية متوترة لا سيما مع اضطرابات في تونس والنزاع في مالي. وقال دبلوماسي فرنسي ان مخاوفنا في بنغازي مبررة، وحتى في طرابلس. اعطينا تعليمات لرعايانا لتوخي اكبر قدر من الحذر لافتا الى ان المجموعة المسلحة التي استولت مطلع يناير على موقع ان اميناس الغازي في الجزائر واحتجزت مئات الرهائن اتت عبر الحدود الليبيةوأضاف ان السيطرة على كامل الحدود في غاية الصعوبة لكن هناك في الوقت نفسه تكنولوجيا تسمح بالوقاية من ذلكوفي باريس ستطرح مسألة التزويد بمعدات مراقبة وتدريب شرطيين وقضاة. وفي مجال التدريب يجري الاعداد لمشاريع مع فرنسا ينبغي وضع اللمسات الاخيرة عليها.ومن المرتقب ان يطلق نداء لتسريع انتشار بعثة اوروبية لمراقبة الحدود البرية والبحرية مطلع يونيو ان أمكن, وسيحضر اجتماع الثلاثاء وزراء خارجية كل من بريطانيا وايطاليا والدنمارك وتركيا ومالطا. وقد اكدت مشاركتها ايضا المانيا واسبانيا والولايات المتحدة وقطر والإمارات العربية المتحدة، اضافة الى جامعة الدول العربية واتحاد المغرب العربي ومجلس التعاون الخليجي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي.