منذ عهود طويلة عرفت الطرق الصوفية في السودان بنشرها لتعاليم الدين الإسلامي وتحفيظ القرآن الكريم وعلومه وتبارى مشايخ الطرق في ذلك كلا على طريقته في إيقاد نار القرآن التي حفظت هذه الديار وفقًهت إنسانها. من بين هذه الطرق الصوفية برزت للوجود الطريقة القادرية بمنطقة (البيضاء) بمحلية قلع النحل لمؤسسها الشيخ زين العابدين ود العجوز الذي تتلمذ علي يد الشيخ أحمد الريح بن الشيخ محمد بن الشيخ يوسف أبوشرا شيخ الطريقة القادرية بأبي حراز التي يعود تاريخها لعقدين من الزمان. ويقول محمد بخيت أحد أعيان المنطقة إن الشيخ زين العابدين وفد لمنطقة (البيضاء) بعد نهاية الثورة المهدية وكان من المعمرين عن عمر ناهز 150 عاما ، فقد كان الشيخ زين العابدين بحسب روايات تداولها الناس في ذلك الزمان أنه من المناصرين للإمام المهدي ، ويقال بأنه شارك في معركة القلابات الشهيرة ، وفد إليها من جبل موية ، وسميت منطقة البيضاء نظرا لوجود جمام كبير مياهه بيضاء ومنها صار الاسم وسار الي يومنا هذا . يقول الشيخ أحمد عبد الله الطائف حوار الشيخ زين العابدين إنه أول من أسس مسجدا تقام فيه صلاة الجمعة على نطاق منطقة القضارف بأثرها ومن بعد ذلك أقام الشيخ زين العابدين تقابة القرآن الكريم في داره و كانت تضم حوالي ألف طالب من طلاب العلوم الإسلامية وكانت تفد إليه أعداد مهولة من المحبين والمريدين من مختلف أنحاء السودان وكان يستقبل هذا الكم من الضيوف في دواوين لا تقل عن (40 50) جميعهم يكرمون في هذه الديار الرحبة التي لم تنطفئ فيها نار القرآن الكريم لفترة طويلة ويمضي حواره أحمد عبد الله قائلا بأن الشيخ زين العابدين تتلمذ على يده أكثر من ثلاثة آلاف من الشيوخ بينهم الشريف المسكي والشيخ عايس وكانت البيضاء قبلة المحبين والمريدين لشيخنا زين العابدين حيث يحرصون على الاحتفال معه في كل عام بمناسبة عيدي الفطر والأضحية ومنها استن سنة حسنة ما زالت ماضية فينا حتى اليوم بتوافد وتجمع مواطني قرى بيه ، بلوس وبان في كل عيد للاحتفال به مع الشيخ في بيضاء لينتقل بذات الطريقة لقرية أخرى في العام الذي يليه ولا زلنا علي هذه السنة التي ألف بها الشيخ زين العابدين ود العجوز بين قلوب الناس في هذه المنطقة متعددة القبائل والعادات والتقاليد وأضحت جميعها على قلب رجل واحد ووحدها تحت راية لا إله إلا الله ، ويقول أحمد أبكر عبد القادر إن الشيخ ود العجوز كان صاحب كرم فياض ولديه ثلاثة قيزان من النحاس من الحجم الكبير (بتشيل لحم بعير بحالو) لإطعام المريدين حيث يذبح يوميا ما بين (5 6) من الثيران لضيوفه ولحفظة القرآن الكريم ، ويحكي عن الشيخ زين العابدين ود العجوز بأنه قارع قسيسا يدعى زستا زكريوس قدم للمنطقة بإرشاد من السيد علي خليفة الإمام المهدي وتناظر الرجلان الشيخ زين العابدين والقسيس بطرح (25) سؤالا من القسيس فكانت حجة شيخنا زين العابدين أقوى بيانا من القسيس فأسلم على يده وأطلق اسم محمد عليه وصدر كتاب في ذلك الزمان حمل عنوان الأسئلة القسيسية والأجوبة العابدينية وكان موجودا حتى وقت قريب بيد حيرانه ويقال أن الشاعر عمر البنا شيد بيان الشيخ ود العجوز في منطقة (البيضاء) ولا يزال الضريح موجودا في المنطقة ويقف شاهدا على هذه الطريقة التي كانت تمثل منارة علم وإشعاع أضاء نورها وهدى قلوب كثير من المسيحيين وضالي الطريق فقد كان متبحرا في (7) طرق هي القادرية ، السمانية ، الأحمدية ، الشاذلية ، التجانية ، الختمية والبرهانية وتوفي الشيخ زين العابدين في العام 1937 وقبر بذات المنطقة