تظل بعض الأسر تنتظر بكل فرحة استقبال طفل جديد يشيع فيها أجواء جديدة.. الا أنه وفي ساعة استقبال ولي العهد المنتظر تحدث مفاجأة غير سارة وتموت الأم ساعة الولادة بسبب النزيف، والذي يعتبر السبب الأول لوفيات الأمهات عالميا، وحسب الإحصائيات فإن (30%) من وفيات الأمهات في السودان بسبب النزيف بعد الولادة. ومساء أمس الأول (الجمعة) توافد خبراء واستشاريون في تخصص النساء والتوليد من الولايات ومن خارج السودان من دول أوروبا وآسيا وأمريكا والخليج للمشاركة في المؤتمر العلمي لجمعية اختصاصيي النساء والتوليد ال (25) تحت شعار (الطب المعاصر لفترة ما حول الولادة) والذي خاطبه عدد من العلماء والاستشاريين في طب النساء والتوليد، ونوهوا الى التطورات العلمية التي صاحبت التخصص، خاصة التشخيص الدقيق، في وقت تفاقمت فيه الإصابة بالنزيف بعد الولادة وأصبحت المسبب الأول للوفيات عالميا وداخليا، وأبانت الإحصائيات أن (30%) من وفيات الأمهات بسبب النزيف بعد الولادة، وكشفوا عن دراسات تجري حاليا لمعالجة حالات النزيف بعد الولادة، فضلا عن العديد من التحديات، خاصة الهجرة المزعجة للأطباء والكوادر الصحية المساعدة ونقص الإمكانيات التي تحول دون اللحاق بالدول المتقدمة. وقال د. محمد ميرغنى اختصاصيي النساء والتوليد بمستشفى الولادة بأم درمان ل (الرأي العام)، إن أهمية المؤتمر تأتي من أنه جمع بين الأم والطفل، خاصة وأنه أحدث تطورا كبيرا في مجال الموجات الصوتية من حيث التشخيص الدقيق للأمراض والعلاج والوقوف على المشاكل داخل الرحم وخارجه، ونوه إلى أنه توجد مشاكل عديدة في هذا المجال خاصة التشوهات الخلقية للطفل وعدم نمو الطفل داخل الرحم، وأكد أهمية توفير الإمكانيات والتدريب لعلاج هذه الإشكاليات، وقال إنه توجد زيادة كبيرة على طلب الولادة القيصرية عالميا وذلك لمحدودية الإنجاب، أما في السودان فطبيعة المجتمع لا تحبذ تحديد النسل، وشدد على ضرورة استجلاب الأجهزة الدقيقة للحاق بالدول المتقدمة. من ناحيته، قال د. أحمد التجاني حمودي استشاري النساء والتوليد بايرلندا، إنه يأتي للمشاركة في الأنشطة السنوية والورش التدريبية التي تسبق المؤتمر، فضلا عن المحاضرات العلمية أثناء المؤتمر ومن بينها محاضرة عن دواء الماغنيزيوم الذي أدخل حديثا في العالم ويعطى لتنشيط خلايا الرئة للأطفال الذين حدثت لهم ولادة مبكرة. ويرى حمودي أنه حدث تطور كبير للتخصص في السودان خلال الاعوام العشرة الأخيرة، وبدأ تغير ملموس على مستوى تقديم الخدمات الصحية المقدمة للمرأة والتي لم تكن متوافرة من قبل، خاصة في مجال سرطان الرحم، وتوجد توعية وتثقيف، ويلاحظ ذلك من خلال الملصقات والمعلومات المتاحة لجميع النساء وكيفية التشخيص المبكر والقضاء عليه، واعتبره من السرطانات الخطيرة ويأتي كثاني سرطان من حيث تسببه في الوفاة، ونوه حمودي إلى أنه توجد العديد من العلامات لاكتشافه مبكرا من خلال كشف بسيط عبارة عن مسحة لعنق الرحم، وقال: يجب أن تقوم أي امرأة بالكشف كل ثلاثة أعوام وتوجد علامات مبدئية يمكن اكتشافها عن طريق الكشف المايكروسكوبي، ومن خلال هذه المسحة يمكن معرفة أطوار المرض لعلاجه مبكرا والقضاء عليه ولحماية المرأة نهائيا منه، وأشار إلى ان أهم أسباب سرطان عنق الرحم العلاقات الجنسية المتعددة والتدخين الذي يقلل المناعة. ويقول د. سيف البحر السكرتير الاجتماعي لجمعية اختصاصبي النساء والتوليد، إن المؤتمر يشارك فيه العديد من الاستشاريين من الخارج ويقدم عدد من الأوراق العلمية خاصة في مجال تشخيص الأجنة داخل الرحم وتشخيص الأمراض الوراثية وطريقة الفحص للجنين بالموجات الصوتية لمخ الجنين، وكشف أنه تجري دراسات حالية لمعالجة النزيف بعد الولادة. وفي السياق، أوضح د. عبد اللطيف عشميق رئيس الجمعية السودانية لتخصص النساء والتوليد، أنه تم الاتفاق مع وزارة الصحة الاتحادية لتسجيل دواء لوقف النزيف، وتوجد مساعي لتدريب القابلات على الدواء الجديد، وقال إن (80%) من الأمهات يلدن خارج المؤسسة الصحية، وأضاف بأن هجرة الأطباء أكبر مهدد للتخصص، ونوه إلى وجود مساع مع جهات الاختصاص لتحسين البيئة في المؤسسات العلاجية وزيادة الأجور، وأكد وجود تطور كبير صاحب التخصص، وأبان أن البلاد تستقبل مرضى سودانيين من دول الجوار وأخرى متقدمة مثل أمريكا والخليج نظرا لارتفاع أسعار تكلفة العلاج في هذه الدول، وأضاف بأن تخصص النساء والتوليد لم يحث على أي سفر عبر القومسيون الطبي للخارج لتلقي العلاج، وقال إن الجمعية تتجه الى إدخال الخلايا الجذعية لعلاج العقم. واكد عشميق أنه حدث انخفاض في نسبة وفيات الأمهات للجهود التي بذلت في هذا المجال، وقال انه توجد مراكز متخصصة وتتميز بتأهيل عال لمواكبة المستجدات، فضلا عن وجود تواصل مستمر مع الخبرات المحلية والعالمية، وانتقد عشميق عدم وجود عدالة في توزيع الاختصاصيين وأن الخرطوم تستأثر بالعدد الأكبر والولايات لا تجد حظها، وقال إن الولادات التقليدية مهدد ولابد من توعية الأمهات لمحاربة هذه الظاهرة. وعلى الصعيد، قال د. عبد الباقي الزين مسؤول الإعلام للمؤتمر، إن الأخطاء الطبية في التخصص قليلة جدا، وأضاف بأن الجمعية تقيم ورشا تدريبية متخصصة ترتكز على ضرورة تقليل الوفيات والإعاقة المصاحبة للولادة، ونوه الى انه تم اختيار السودان مقرا للاتحاد الافريقي الفدرالي لجمعيات النساء والتوليد الأفريقية ويعول كثيرا على هذا المؤتمر خاصة في التعاون مع الدول الأفريقية ما من شأنه أن يحدث تطورا يربط بين الجمعيات الأفريقية لمصلحة المجتمعات.