قال شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد أن الصعلوك الثالث قال للصبية والجماعة مكتوفون والعبيد واقفون بالسيوف على رؤوسهم ثم إني سميت الله ودعوته وابتهلت اليه وحاولت الصعود إلى الجبل وصرت أتمسك بالنقر التي فيه حتى أسكن الله الريح في تلك الساعة وأعانني على الطلوع فصعدت سالماً إلى الجبل وفرحت لسلامتي غاية الفرح ولم يكن لي دأب إلا القبة فدخلتها وصليت ثم إني نمت تحت القبة فسمعت قائلاً يقول: يا ابن خصيب إذا انتهيت من منامك فاحفر تحت رجليك تجد قوساً من نحاس وثلاث نشابات من رصاص منقوشاً عليها طلاسم فخذ القوس والنشابات وارم الفارس الذي على القبة وأرح الناس من هذا البلاء العظيم، فإذا رميت الفارس يقع في البحر ويقع القوس من يدك فخذ القوس وادفنه في موضعه، فإذا فعلت ذلك يطفو البحر ويعلو حتى يساوي الجبل ويطلع عليه زورق فيه شخص غير الذي رميته فيجيء لك وفي يده مجداف فاركب معه ولا تسم الله تعالى فإنه يحملك ويسافر بك مدة عشرة أيام الى أن يوصلك الى بحر السلامة فإذا وصلت هناك تجد من يوصلك الى بلدك وهذا إنما يتم لك إذا لم تسم الله. ثم استيقظت من نومي وقمت بنشاط وقصدت الماء كما قال الهاتف وضربت الفارس فرميته فوقع في البحر ووقع القوس من يدي فأخذت القوس ودفنته فهاج البحر وعلا حتى ساوى الجبل الذي أنا عليه فلم ألبث غير ساعة حتى رأيت زورقاً في وسط البحر يقصدني فحمدت الله تعالى، فلما وصل الى الزورق وجدت فيه شخصاً من النحاس في صدره لوح من الرصاص منقوش بأسماء وطلاسم. فنزلت في الزورق وأنا ساكت لا أتكلم فحملني الشخص أول يوم والثاني والثالث الى تمام عشرة أيام حتى رأيت جزائر السلامة ففرحت فرحاً عظيماً ومن شدة فرحي ذكرت الله وسميت وهللت وكبرت فلما فعلت ذلك قذفني من الزورق في البحر ثم رجع في البحر وكنت أعرف العوم فعمت ذلك اليوم الى الليل حتى كلّت سواعدي وتعبت أكتافي وصرت في الهلكات ثم تشهدت وأيقنت بالموت وهاج البحر من كثرة الرياح فجاءت موجة كالقلعة العظيمة فحملتني وقذفتني قذفة صرت بها فوق البر لما يريد الله.. فطلعت البر وعصرت ثيابي ونشفتها على الأرض وبت فلما أصبحت لبست ثيابي وقمت أنظر أين أمشي فوجدت غوطة فجئتها ودرت حولها فوجدت الموضع الذي فيه جزيرة صغيرة والبحر محيط بها فقلت في نفسي: كلما أخلص من بلية أقع في أعظم منها، فبينما أنا متفرج في امري وأتمنى الموت إذ نظرت مركباً فيها أناس فقمت وطلعت على شجرة وإذا بالمركب التصقت بالبر وطلع منها عشرة عبيد معهم «مساحي» فمشوا حتى وصلوا الى وسط الجزيرة، وحفروا في الأرض وكشفوا عن طابق فرفعوا الطابق وفتحوا بابه ثم رجعوا الى المركب ونقلوا منها خبزاً ودقيقاً وسمناً وعسلاً وأغناماً وجميع ما يحتاج اليه السكان وصار العبيد مترددين بين المركب وباب الطابق وهم يحولون من المركب وينزلون في الطابق الى أن نقلوا جميع ما في المركب. «يتبع»