أسر الضحايا والناجون من حادث احتراق طائرن الايرباص (013) التابعة للخطوط الجوية السودانية في العاشر من يونيو للعام 2008م، باتوا يعانون من الإحباط الشديد بسبب تأخر صرف تعويضات الضحايا وعدم التوصل لاتفاق حول تعويضات الناجين من الحادث الذي لا زالت مشاهده عالقة بالأذهان، فلجأ بعض الناجين وأسر الضحايا الى توكيل محامين أجانب في كل من بريطانيا والولايات المتحدة لمقاضاة سودانير خارجياً فيما لا يزال البعض الآخر يسعى للتوصل مع الخطوط الجوية السودانية لحلول ترضي الأطراف عبر لجنة الدفاع عن حقوق الضحايا التي كونها الناجون.. ولكن لجنة التعويضات التي كونتها الشركة لمعالجة حقوق الضحايا والناجين تقول: إن إجراءات التعويض مع شركات التأمين وإعادة التأمين لم تكتمل بعد، ولذلك تأخرت عمليات صرف حقوق الضحايا الذين لم يتسن لهم سوى صرف التعويضات لخمسة فقط من جملة ركاب الطائرة البالغ عددهم مائتين وأربعة عشر راكباً. «الرأي العام» التقت بالناجين وأسر الضحايا وإدارة الشركة وأجرت التحقيق التالي:- ----------- مأساة أسامة ? أسامة أحمد الحسن،أحد الناجين من حادث إحتراق طائرة الايرباص (310) بمطار الخرطوم تعرض لحروق في كل أجزاء جسده لا يزال يتلقى العلاج بمستشفى الأطباء منذ وقوع الحادث في العاشر من يونيو العام 2008م، يقول أسامة الذي كان يعمل مهندساً بالمملكة العربية السعودية التي غادرها للعلاج بالأردن واستقل الطائرة المتجهة الى الخرطوم لزيارة والدته المسنة ببورتسودان ثم العودة الى مقر عمله بالسعودية التي لا يزال أبناؤه وزوجته موجودين بها، ولكن رحلة الأسبوع امتدت لأشهر وهو لا يزال حبيس سرير المرض دون إرادته: عند إحتراق الطائرة احترق جسدي بصورة كلية فنُقلت الى مستشفى الشرطة في العاشر من يونيو للعام 2008م ثم تم نقلي مرة أخرى الى مستشفى الأطباء الذي أستشفى فيه منذ أربعة أشهر ولم أتعافى من الحروق فيما الأطباء اكتفوا بإعطائي مضادات حيوية لتخفيف آلام الحروق بعد التقرير الطبي الذي أوصى بسفري الى الأردن بصورة عاجلة لإجراء عمليات جراحة دقيقة فأكملت إجراءات السفر الى الأردن ولكن عدم تسديد الشركة لنفقات السفر حال دون سفري رغم تأشير الجواز مرتين للمغادرة الى الأردن ولذلك ظللت سجيناً داخل مستشفى الأطباء الذي قرر أطباؤه مغادرتي للعلاج بالأردن منذ عدة أشهر، فاحتراق الطائرة أفقدني كل شئ حيث احترقت حقيبتي التي كان بداخلها مبلغ عشرة آلاف دولار أمريكي ودواء بمبلغ أربعة آلاف ومائتي دينار أردني قررها لي الأطباء خلال فترة العلاج، فالشركة رغم أنني تعرضت للحريق داخل طائرتها تحاول استغلال وضعي المادي مقابل العلاج حيث عرض علىَّ مستشارها القانوني ذات مرة ثلاثين الف جنيه سوداني مقابل التوقيع على اقرار قانوني اتنازل فيه عن حقوق التعويض ولكني رفضت التوقيع على الاقرار وفضلت البقاء بالمستشفى، رغم تردي حالتي الصحية حيث لا استطيع التحرك إلا بمساعدة والدتي المسنة التي ترابط معي بالمستشفى منذ اربعة اشهر، فهناك عشرون حريقاً كبيراً في جسدي. ويضيف اخشى ان اكون حبيس مستشفى الاطباء الى الابد رغم تكفل شركة شيكان للتأمين بعلاجي نيابة عن الخطوط الجوية السودانية بعد ان فقدت عملي بالسعودية واصبحت عاجزاً عن اعادة ابنائي الذين لا يزالون بالسعودية بسبب احتراقي بالطائرة وفقداني لكل ما املك من اموال جمعتها من الاغتراب لفترات طويلة، ولذلك اناشد رئيس الجمهورية بالتدخل لانقاذ المرضى الذين احترقوا بالطائرة وسداد حقوق الضحايا والناجين التي ما زالت معلقة بين لجنة التعويض وادارة شركات التأمين، كما اتمنى ان يزور المسؤولون بالدولة ضحايا الحريق لمعرفة المآسي التي يعيشها الضحايا. تقول زينب طه عبدالقادر والدة المهندس اسامة محمد الحسن التي ظلت ترابط بالمستشفى منذ اربعة اشهر وهي شقيقة الشيخ سليمان طه اشهر منتسبي الدفاع الشعبي الذي يعرفه المشاهدون عبر برنامج ساحات الفداء منذ ايام الانقاذ الاولى: بعد سماعي باحتراق ابني في الطائرة المقبلة من الاردن الى الخرطوم وصلت من بورتسودان برفقة افراد الاسرة في الحادي عشر من يونيو للعام 8002م ومنذ ذلك الوقت ظللت مقيمة بمستشفى الاطباء لممارضة ابني حيث أمضى وقتي بين الصلاة من اجل شفاء ابني والدعاء له طوال اليوم فابني كلما يتقلب الماً في فراشه تتدفق دموعي لان الحقيقة عن حالة ابني الضحية غائبة ولا اعرف هل يعود الى الاردن للعلاج أم سيبقى في مستشفى الاطباء الى الابد، كما ان المسؤولين غير مهتمين بضحايا الطائرة رغم ضخامة الحادث الذي عذب اسر الضحايا بصورة مؤلمة، فالذين جاءوا من كل انحاء السودان في ظروف صعبة لا يوجد أحد يدرك حجم معاناتهم النفسية. لجنة محايدة يقول عبدالقادر مصطفى محمد احمد احد الناجين من حادث احتراق الطائرة كنت مرافقاً لزوجتي المريضة التي كانت تتعالج بالاردن من شلل نصفي حيث استطعت انقاذها من الحريق الذي شب في الطائرة لدى هبوطها بمطار الخرطوم ولكن زوجتي فقدت الادوية والعلاجات التي قررها لها الاطباء الاردنيون ولذلك عادت اليها الحالة المرضية التي تعافت منها مجدداً بسبب انقطاعها عن تناول العقاقير لمدة ثلاثة اسابيع رغم أنني اخطرت ادارة الشركة بان زوجتي تتعاطى ادوية بصفة يومية لمدة ستة اشهر وفق قرار الاطباء ولكن تماطل الشركة في احضار الدواء في الوقت المناسب اضطرني للعودة للاردن لبدء العلاج مجدداً بعد ان منحتني شركة سودانير تذكرتي سفر ذهاب واياب الى الاردن، ومبلغ الفي دولار امريكي وبعد عودتي من الاردن عرضت التقارير الطبية للاطباء الاردنيين على لجنة التعويضات بسودانير لكن الشركة رفضت اعتماد التقارير الطبية الصادرة من الاردن واحالتها الى لجنة تتبع لشركة شيكان للتأمين لاصدار تقرير طبي بحالة زوجتي فالطبيب الذي قابلته اوصى فقط بتناول زوجتي للدواء باستمرار دون ان يحدد الاضرار الطبية الناتجة عن الحادث ولذلك نطالب بحل لجنة التعويضات التي فشلت في معالجة الازمة وتكوين لجنة محايدة تشارك فيها كل الاطراف المتضررة من احتراق الطائرة. ويضيف عبد القادر: الناجون من حادث احتراق الطائرة تعرضوا لاضرار نفسية ومادية كبيرة ولذلك بعض الناجين اضطروا الى توكيل محامين من بريطانيا وامريكا بعد ان فشلوا في التوصل لاتفاق مع لجنة التعويضات التابعة للشركة، في حين لا يزال بعض الضحايا يأملون في التوصل لحلول مع اللجنة ولكن اللجنة غير جادة في حسم امر التعويضات بصورة نهائية بينما تحاول اللجنة التفاوض مع بعض الناجين بصورة فردية من اجل التوقيع على اقرارات قانونية مقابل مبالغ تعويض مالية لا ترقى لحجم الاضرار التي لحقت بالناجين، الامر الذي رفضه الناجون بينما بعض المسؤولين يقولون ان الشركة لم تستطع تعويض الناجين الذين خروجوا من الطائرة المحترقة سالمين دون جروح أو حروق. التعويض النفسي يقول: ربيع أحمد الحاج رئيس لجنة الدفاع عن حقوق متضرري طائرة الايرباص «013» التي احترقت بمطار الخرطوم، اللجنة سعت للتوصل لاتفاق مرضٍ مع سودانير ولكن رفض الشركة لمبدأ التعويض النفسي للناجين من الحادث حال دون التوصل لاتفاق بسبب الغموض في مواقف الشركة. فالشركة بدأت بالملفات الضعيفة رغم انها لا تدفع التعويضات من ميزانيتها الخاصة وانما تتكفل بالتعويضات شركات التأمين واعادة التأمين بينما يصر الناجون على عدم التنازل عن حقوقهم المشروعة. ولذلك لجأ بعض الناجين واسر الضحايا لتوكيل محامين من بريطانيا والولايات المتحدة لمقاضاة الخطوط الجوية السودانية وشركات التأمين خارج السودان بناء على قوانين الطيران المدني بعد ان فقدوا الامل في التوصل لاتفاق مع الشركة التي تسعى للحصول على تنازلات فردية من المتضررين مقابل مبالغ مالية ضئيلة، ولذلك اذا لم تتوصل الشركة مع الناجين لاتفاق يشمل الجميع سوف يضطر كل الناجين وأسر الضحايا لمقاضاة الشركة بالخارج مكرهين لاسترداد حقوقهم المشروعة. لجنة التعويضات يقول مولانا ياسر سيد احمد المستشار العام بوزارة العدل رئيس لجنة معالجة تعويضات ضحايا طائرة الايرباص «013» التي كونها المدير العام لشركة الخطوط الجوية السودانية: احتراق الطائرة احدث ارتباكاً وسط الركاب ولذلك كانت مهمة اللجنة شاقة بسبب خروج بعض ركاب الطائرة الى خارجها اثناء الحادث فاضطرت اللجنة الى التجوال على المستشفيات والمنازل لجمع المعلومات الاساسية عن الضحايا بغرض تحديد الاضرار التي لحقت بهم، فتوصلت اللجنة الى ان عدد ركاب الطائرة البالغ مائتين واربعة عشر شخصاً توفى منهم تسعة وعشرين شخصاً وهناك حروق وجروح متفاوتة بين الذين نقلوا الى المستشفيات. كما عملت اللجنة على فحص حمض ال «DNA» واخذ تقارير الطب الشرعي لتحديد هويات الموتى وتصنيفهم الى ذكور واناث لاكمال الملفات، بعد الاسبوع الاول للحادث خاطبت شركة الخطوط الجوية السودانية شركة اعادة التأمين المؤمنة الشركة لديها. فوصل السودان مندوبو شركة «بارولين آندجلبرت» وزاروا موقع احتراق الطائرة برفقة مندوبي شركة شيكان وشركة «UIB» لفحص هيكل الطائرة بواسطة الجهات الفنية وبعد ذلك صدر قرار من ادارة شركة الخطوط الجوية السودانية في الرابع والعشرين من يونيو لعام 8002م بتكوين لجنة لمعالجة تعويضات الضحايا وفق قوانين الطيران المدني، فشرعت اللجنة في وضع قوائم وفق تصنيفات الحادث، فهناك ناجون وجرحى وموتى ثم اعدت دراسة قانونية حول مستحقات الضحايا والناجين بناءً على عقد التأمين بين شركة شيكان وشركات اعادة التأمين، استناداً الى الاتفاقيات التي وقع عليها السودان في مجال الطيران المدني، وبعد ذلك بدأت اجراءات تحديد مبالغ تعويضات الضحايا وفق القوانين السودانية فقادت اللجنة مفاوضات شاقة مع شركات اعادة التأمين حيث تم التوصل لاتفاق حدد مبلغ مائة وثمانية وسبعين الفاً وخمسمائة جنيه اي ما يعادل خمسة وثمانين الف دولار لكل شهيد في الحادث. ويضيف مولانا ياسر سيداحمد: حددت اتفاقية وارسو للطيران تعويض العفش بواقع عشرين دولاراً امريكياً لكل كيلو جرام على ان يمنح كل راكب اربعين كيلوجراماً في حالة عدم دفع الشخص لمبالغ شحن اضافية للوزن الزائد، كما تم تحديد تعويض مبدئي بمقدار الف وخمسمائة دولار امريكي لكل ناجٍ لم يتعرض لاذى، اما الجرحى فتكفلت شركة سودانير بعلاجهم خصماً على مال التأمين بشركة شيكان، فاللجنة تسلمت سبعين استمارة من الضحايا تم فحص عشرين منها ومازالت البقية قيد النظر، فالجرحى بعد الشفاء التام سيعرضون على لجنة طبية من اختصاصيين في المجالات المختلفة لتحديد الاضرار ولكن الاشخاص الذين يرفضون التعامل مع اللجنة الطبية لتحديد الاضرار التي لحقت بهم عليهم مقابلة القمسيون الطبي لتحديد الحالة الصحية لهم فعدم تجاوب اسر الضحايا والناجين مع اللجنة أخر اكمال اجراءات التعويض ولذلك لم تتمكن اللجنة من تسليم التعويضات سوى لخمس اسر فقط. ويواصل مولانا ياسر سيداحمد: بعض اسر الضحايا والناجين قاموا بتوكيل محامين اجانب من بريطانيا والولايات المتحدة لمقاضاة الشركة خارج السودان فقدم المحامون طلباً للشركة بعدم التفاوض مع موكليهم إلا عبر مكاتبهم القانونية، ولكن الشركة لن تصد الذين يأتون الى مكاتبها للتفاوض بأنفسهم مع لجنة التعويضات، كما ان الشركة ستتعامل مع اية دعوى قانونية ترفع ضدها لأن الشركة مسجلة في السودان ويجب ان تقاضي وفق القوانين الوطنية، فأموال التعويضات لدى شركات اعادة التأمين لا تصرف إلاَّ بعد اكتمال الاجراءات القانونية للضحايا، ولذلك قررت اللجنة فتح ملفات تعويضات الجرحى لتحديد مبالغ تتناسب مع الاضرار التي لحقت بهم رغم ان ذلك غير مضمن في الحالات التي ينص عليها القانون.