فى ندوة كان الحاضر الغائب فيها الراحل الدكتور احمد عبد العال واصل نادى الفكر السودانى سلسلة ندواته حول جدلية الفكر والفنون والآداب التى ابتدرها بالشعر، مروراً بالرواية ووصولاً الى التشكيل ، وتحدث فى الندوة التى ادارها الفنان التشكيلى محمد حسين كل من البروفيسور مصطفى عبده استاذ فلسفة الجمال بجامعة النيلين والتشكيلى الدكتور راشد دياب والتشكيلى الشاب عبد الرحمن نور الدين مدنى. واستهل الحوار مبيناً اهمية الفن التشكيلى فى الحياة مستندا إلى ان إلفن لا يقوم دون فكرة، فالفكرة اساس العمل الابداعى ايا كان، ويشير الى أن الفن التشكيلى بدأ بالبوابة النوبية ويعد النوبيون اول من بدأوا هذا الفن قبل اوروبا وينظر عبده الى ان الفن التشكيلى باعتباره رؤية مشتركة بين الفنان وابداعه مشددا على ان الفن ليس لديه رقيب سوى الفن نفسه.فالابداع الفنى داخل اللوحة الفنية يراها الدكتور مصطفى عبده درجة من درجات الخلق الابداعى فى نفس الفنان التشكيلى مستشهدا بأن القبح يعد درجة من درجات الجمال، فلولا القبح لما كنا ننظر الى الجمال، وبين الاختلاف فى الرقيب على الفنون والاتاحة للفنان فى الإبداع ذهب عبده الى ان التشكيليين الاوائل من العهد النوبى لم يكونوا بمعزل عن السلطان. وقال الدكتور مصطفى عبده ان السودان من اغنى دول العالم وكذلك من افقرها مطلقاً مقولته الشهيرة: (جالسين على الياقوت وكايسين القوت) وهى اشاره واضحة الى ان السودان يتمتع بثروة هائلة من الفن التشكيلى وذلك لوجود المادة الخام لانتاج هذا الابداع لو توافرت له الإمكانيات . الدكتور راشد دياب ابتدر حديثه بالاشارة الى ان الموضوع معقد لان الجدلية تعنى الصراع ولي الصراع وتعنى التضاد ولي التضاد ، واضاف ان الفن جملة من القواعد المتبعة للوصول الى غاية معينة وان الفن التشكيلي عبارة عن فكرة ، وتوقف عند الجدل الفلسفى حول هل الفن أساسه الفكرة، ففريق يرى ان الفنان وسيط والبعض ينظر الى الفن باعتباره مهارة وخبرة وفريق ثالث يؤمن بأن الفن المهم يؤتى الى الفنان ، ومن وجهة نظره الخاصة فان الفن هو خلاصة الصراع بين العقل الباطن والظاهر عند الانسان. وفى سرد موجز تناول الدكتور مراحل تطور الفن التشكيلى فى السودان مع تتبع منابع الفكرة والرمز فى كل مرحلة، فضلاً عن المدارس التشكيلية بدءاً من مدرسة الخرطوم، وخلص الى ان اىة مدرسة واى جهد فى التشكيل السودانى كان وراءه فكر فلسفى ، ووصف التجربة السودانية فى التشكيل بانها متميزة فى المنطقتين العربية والافريقية لعبقرية المكان. من جانبه اشار التشكيلى الشاب عبد الرحمن نور الدين مدنى الى فجوة فى تواصل الاجيال من التشكيليين ودعا الى اهمية الاستفادة من الموروث.. ولكنه قال ان ذاكرة جيله لم تتح لها الفرصة للتعاطى مع الجيل السابق الا قليلا ، واضاف ان واقع الفكر التشكيلى مبعثر فى عدة مدارس لم يستفد منها. الدكتور عبد الله صالح رئيس نادى الفكر السودانى قال ان اختيار مقدمى الندوة كان موفقاً ، وقال: ليس من الترف ان نناقش جدلية الفن لان الفن له دور فى المجتمع، وقال ان البعض اقترح علينا تأجيل الندوة نسبة لرحيل الدكتور احمد عبد العال، ولكن البرفيسور مصطفى عبده اصر على قيامها فى الموعد واهدائها لروح الفقيد لان ذلك عمل حضارى وجمالي من وجهة نظره وهو كذلك.