وبعد سبعة أيام من ذلك أوردت الصحف صباح الأمس أن غرايشون تراجع عن ما قاله أمام الكونغرس وأفاد غرايشون في حواره الذي أجرته معه وكالة رويترز بان حديثه في الكونغرس اسئ فهمه وأن ماقاله أمام النواب هو ما قاله في ذلك الحوار. السفير الرشيد أبو شامة مسئول دائرة الامريكيتين بالخارجية السابق كان يتصفح في تقرير غرايشون ذلك حين هاتفته (الرأي العام) وذكر بان الإعلام ظلمنا حين نقل الجزء الأول من حديث غرايشون ونحن استعجلنا الفهم وأوضح أن غرايشون قال لا دليل لدى أجهزة المخابرات تبرر به بقاء السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب. وبالتالي يصبح قرار بقائه مجرد قرار سياسي، وأضاف في ذلك الخطاب بان العقوبات المفروضة على السودان تأتي بنتائج عكسية على الجهود الرامية لدعم السلام ومضرة بالجهود المبذولة لتحقيق ذلك وحسب الخطاب الذي كان أبو شامة يتلو بعض فقراته فان غرايشون طالب برفع بعض العقوبات او تخفيضها لتتمكن الولاياتالمتحدةالامريكية من إرسال آليات ثقيلة تساعد في تشييد الطرق ومد السكة الحديد وكل ما يساعد في البنى التحتية لتنمية الجنوب واعتبر غرايشون أن رفع بعض العقوبات يساعد في تجهيز الجنوب وقيام دولة مستقبلية مستقلة هناك. لذا اعتبر غرايشون أن عليهم إزالة بعض هذه العقوبات حتى تستطيع الإدارة الامريكية توفير مقومات تلك الدولة بصورة متوازنة. يجب أن لا نسرف في التفاؤل او التشاؤم فيما يتعلق بالسياسة الأمريكية هذا ما ينصح به المراقبون وفيما يتعلق بأمر رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب كي تزاح تلقائياً تلك العقوبات المفروضة عليه، واعتبر د. آدم محمد أحمد المحلل السياسي انه لا مبرر لبقاء اسم السودان في تلك القائمة أصلاً ، لأنه باعتراف وإقرار المخابرات الأمريكية ان السودان قدم خدمة كبيرة لها وتعاون بلا حدود أكثر من أي دولة عربية وإسلامية لذا كانت مكافأته تتمثل في رفع اسمه من تلك القائمة المفروض الحصار الإقتصادي بسببها وحرمانه بموجب ذلك من كثير من الإمتيازات. الا أن د. آدم أشار الى انه يجب التفرقة بين أمرين في مسألة بقاء السودان في تلك القائمة وعدم رفع الحصار فالعداء السابق شبه تلاشى لأن سببه كان تهم دعم الإرهاب والنظام الإسلامي، أما سبب العداء الآن فهو ما يتعلق بالقضايا الإنسانية في الجنوب ودارفور ودلل بحديث اوباما نفسه حين قال يجب معاقبة السودان على الإبادة الجماعية «المستمرة» في دارفور وحدد آدم بان كلمة مستمرة هي التي تجعل العقوبات أيضاً مستمرة وتريد امريكا من الحكومة أن تلعب دوراً ايجابياً وتتعاون وتحرز تقدماً في إتفاقية السلام الشامل في الجنوب وتخطو خطوات إيجابية في تحقيق السلام في دارفور. وبعيداً عن التفاؤل والتشاؤم ذلك هل يستطيع غرايشون تحقيق مكاسب إيجابية تصب في صالح الخرطوم. السفيرأبو شامة قال إن ذلك غير ممكن ولا مفروض حسب السياسة الخارجية الامريكية التي ترسمها مؤسسات وتقرر فيها ،وهي الخارجية، الكونغرس، والبنتاغون والبيت الأبيض والإعلام والرأي العام. وقال أبو شامة إن تقارير غرايشون تمثل ورقة من بين آلاف التقارير التي تقدم للرئيس وهو ليس ملزماً بتنفيذ ما يرد فيها لأن سياسته تكون خلاصة لمجموعة من التقارير تقدم إليه من تلك المؤسسات النافذة. وأفاد أبو شامة بأنه لا فرد بصفته الشخصية يستطيع أن يلعب دوراً في السياسة الخارجية الأمريكية إلا إذا كان الرئىس نفسه ويجب أن يتمتع بشخصية قوية جداً حتى يتمكن من التأثير على تلك المؤسسات. واعتبر أبو شامة أن غرايشون ذكى درس الشخصية السودانية جيداً قبل أن يحضر الى الخرطوم وعرف مداخلها وانتحل شخصية الرجل الطيب واعتبره البعض صديقاً للخرطوم وهذا كله يؤكد بأننا نتعامل بردود الأفعال لا السياسة. ولكن من بين كل تلك الأحاديث المفرطة في التفاؤل في تطبيع العلاقات بين الخرطوموواشنطن وطمع الجميع في إقتراب أيام العسل بينهما تحدث د. غازي صلاح الدين مستشار رئيس الجمهورية بعد عودته من واشنطن عقب انتهاء الإجتماع الثلاثي بين طرفي نيفاشا وواشنطن وقال «إن امريكا تبدي حسن نوايا بلا «أفعال» وفي السياسة حسن النوايا لا يفيد. أسرفت الخرطوم في التفاؤل بسكوت غرايشون المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي باراك اوباما واعتبرته صاحب إشارات إيجابية عن الوضع في السودان، ونشرت الآمال العراض والتصورات النبيلة بان يكون ما عبر عنه غرايشون في آخر يوليو المنصرم أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكي في جلسة الإستماع عن السودان أن يكون ذلك سياسة أمريكية رسمية ومعلنة لأنه دعا في تقريره ذلك لرفع الحصار والعقوبات عن السودان.