تمثل الزراعة العمود الفقري للاقتصاد السوداني الأول، وتشمل (70%) من النشاط البشري الذي يعمل (90%) من افراده في مجال الزراعة المطرية واعتمدت البلاد على مر العصور على الزراعة قبل ان تصاب بالمرض الهولندي «آفة الاعتماد على البترول» مع اهمال تام للجانب الزراعي بشقيه النباتي والحيواني. ورغم اقبال السودان على توسعة الرقعة الزراعية لتأمين الجانب الغذائى وتفعيله لبرنامج النهضة الزراعية إلاّ ان الزراعة المطرية لم تجد الاهتمام الكافي، بل تراجعت كثيراً في الآونة الاخيرة وتقصلت المساحات المزروعة لعدة اسباب بعضها طبيعي، وهنالك عدم تحديد للاهداف المعنية ورؤية واضحة يمكن الاعتماد عليها والتنبؤ بمستقبل يسر القائمين على أمر الزراعة المطرية والمستفيدين منها والمعتمدين عليها من جانب الدولة أو المواطنين. وأكد د. بابكر محمد توم - نائب رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني - ان معظم المشاكل التي تواجه الزراعة المطرية بالبلاد تتطلب حلولاً عاجلة حيث لا يمكن تجزئتها فهي حلقات في عقد بفقدان اي حلقة فيه لا يصلح، واشار توم الى ضعف الميزانية في الفترات الماضية والتي لا تتعدى (2%)، وان جميع المحاصيل خارج القطاع المروي لا تتعدى الغذائية إلاّ قليلاً من القطن والسمسم، واشار د. بابكر الى الاتهام الموجه للزراعة المطرية. بإضاعة الأموال بالاعسار المتكرر وعزا ذلك لعدم وضوح الرؤية وتحديد الاهداف الى جانب غياب الدعم المعنوي، واتهامها بازالة الغطاء النباتي والتوسع على حساب الغابات، وقال فوق كل هذا وذاك انعدام السياسة التسويقية التي تضمن استدامة المعاملة بكميات ثابتة ومتواصلة مع الزبائن الراغبين في المنتجات السودانية، حيث لا توجد اجهزة صادر قوية، واشار توم الى الوكالة التي تكوينها لذلك وصفها بالخمول وعدم النشاط، وقال: اصبح المزارع ضحية لتقلبات السوق العالمي واجمل بابكر بقية المشاكل في انعدام الارشاد الزراعي في القطاع المطري رغم الاعداد الهائلة من خريجي الكليات الزراعية بالبلاد، وانعدام البذور المحسنة والبنى التحتية، من جهة اخرى ابدى توم عدم رضائه عن النهضة الزراعية وقال رغم جهودها المحدودة لم تظهر على الواقع بوادر اي رؤية مؤسسة لتلافي وحوار مع المزارعين بل عملها يبقى ديوانياً وأغلب المشاكل تعالج خلال الزيارات، وناشد القائمين عليها باقامة اللقاءات وعمل الحوارات والشراكات الذكية مع المزارعين والمنتجين، وأوضح بابكر ان جميع الجهود لا يكتب لها النجاح في غياب التناسق والتبني من الدولة، وطالب بتنوع المحاصيل وادخال التقانة واقامة الحقول الايضاحية، وان يتحمل المزارع بعض الاعباء بزراعة القوار لتخصيب الارض وان يعمل على تجارب زراعة عباد الشمس، وناشد الدولة بالعمل على تحديد الاسعار التشجيعية قبل انتاج المحصول وذلك بدعم المخزون الاستراتيجي وتوفير المبالغ المناسبة للشراء ايام الحصاد لمساعدة المزارع، وان لا يأتي التفكير أخيراً بعد ان تقع السلع في ايدي التجار، وقال علينا اتباع سياسات تهتم بالانتاج والتسويق وتدريب المزارعين. في ذات السياق اشار غريق كمبال - نائب رئيس اتحاد مزارعي السودان - الى محاولاتهم المستمرة في ادخال محصولي القطن المطري والقوار في التركيبة المحصولية لتسهم في رفع دخل المزارعين، وقال غريق رغم التخطيط والمتابعة تحف الزراعة المطرية مخاطر جمة، وان حلقات الانتاج فيه مربوطة ببعضها البعض، وعزا مشاكل الزراعة الى عدم استقرار السياسات الزراعية بتعاقب الوزراء على وزارة الزراعة، واستدل بتعاقب خمسة وزراء في السنوات الثلاث الاخيرة، وطالب غريق باتباع السياسات المستقرة والخطط المدروسة، وتحديد مناطق بعينها للعمل لاطول فترة حتى تكتمل الصورة، وعاب الانتكاسات المتكررة في العمل بعدم استمراريته لأكثر من عامين، ووصف غريق كمبال دور النهضة الزراعية في الزراعة المطرية (بالصفر)، وعاب عليها عدم التزامها بتمويل ما اسمته بالمشاريع الرائدة في مساحة (150) ألف فدان لم تتمكن من تنفيذها، وقال انخفض التمويل من البنك الزراعي الى (60%) من العام الماضي، حيث كان تمويل البنك في العام الماضي يغطي (7) ملايين فدان، وقال: الآن لم يصل لاثنين مليون فدان، والجميع يتحدث عن تمويل (8) ملايين واعتبرها غريق ردة في السياسة وان الامر يتطلب تضافر الجهود من جميع الجهات.