أطلق والي ولاية النيل الأزرق الفريق مالك عقار نائب رئيس الحركة الشعبية، لدى مخاطبته احتفالات الكرمك بأعياد السلام، إنسحاب قوات الحركة الشعبية بالنيل الأزرق جنوب حدود (6591م) دعوة لقيام نظام (كونفدرالي) يشمل جميع ولايات السودان، وجدد عقار ذات الدعوة في مؤتمر صحفي عقده الأربعاء الماضي. ثم عاد وردد ذات الفكرة في تصريحات خاصة ل (الرأي العام). وبحسب التعريف فإن الكونفدرالية تعبير قانوني سياسي يعني إقامة شكل من أشكال الوحدة، وغالباً ماتكون هذه الوحدة بين دولتين إرتضيتا النظام الكونفدرالي لتوحيد سياستهما الخارجية ويدافع عنهما جيش واحد. وقد يكون هنالك إتفاق يشمل مجالات أخرى إذا تشابه النظام في عدد من المؤسسات سواء كانت في التعليم أو الصحة . ويعتمد السودان الآن وفق إتفاقية السلام الشامل الموقعة بين شريكي الحكم المؤتمر الوطني والحركة الشعبية نظاما هجينا يجمع بين الفدرالية والكونفدرالية لتحكم العلاقة بين الشمال والجنوب والتى وضعت رأسين لدولة واحدة أو كما أصطلح عالمياً نظامين في دولة واحدة كنظام إنتقالي يفضي الى دولة واحدة بذات الصيغة أو دولتين منفصلتين. ويقول المراقبون إن عقار بدعوته هذه يتحسب لخيار الإنفصال إذا صوت لصالحه شعب الجنوب، ويكون عقار بهذه الدعوة مهد الطريق لما يليه (ولاية النيل الأزرق) التي تقع بحسب حدود (6591م) ضمن الولايات الشمالية، وبالتالي في حالة الإنفصال يجري على ولايته ما يجري في الشمالية الأخرى . ورفض عدد من قادة الحركة في حديثهم ل (الرأي العام) أن يكون عقار مغرداً خارج السرب وقالوا: إن الكونفدرالية طرح سائد داخل الحركة الشعبية. ويقول خبراء إذا صح أن يكون هذا الطرح من أدبيات الحركة فإنها لم تطرحه من قبل وربما يكون هذا الطرح أحد تحسبات الإنفصاليين في الحركة في حال إختيار أهل الجنوب للوحدة، فتكون وحدة مشروطة أو ليست وحدة كاملة. ليصبح الأقليم الجنوبي دولة مستقلة إداريا عن الشمال ليلتقيا في السياسات الخارجية والجيش الموحد مثلاً. ويرى مراقبون آخرون تحدثوا ل (الرأي العام) أن الوقت الراهن غير ملائم لهذه الدعوة خاصة وأن الشريكين خرجا لتوّهما من أزمة كادت تعصف بالسلام وإتفاقيته الى جانب أن دعوة عقار -وفقا لقانونيين منهم - تخالف الإتفاقية ولا تنسجم مع الدستور القومي الإنتقالي في وقت تتحدث فيه قيادات الشريكين عن إنفاذ الإتفاقية وعدم إدخال أية تعديلات عليها، إلا إذا كانت متعلقة بما بعد الإستفتاء في العام 2011م (حيث يمكن أن تكون الدعوة موضوعية ويمكن مناقشتها إذا وضع في الحسبان أنها خطوة متقدمة أفضل من الدعوة للإنفصال). وفي هذا الشأن يقول الأستاذ فتحي خليل نقيب المحامين : إن دعوة عقار محاولة لفتح طريق ثالث لدولة واحدة بنظامين وهو قد يكون طريقا مقبولا أو حلاً لما بعد 2011م إذا ما حملت كفتا ميزان الإستفتاء الكونفدرالية والإنفصال فقط. والمح خليل الى أن الدعوة قد تكون مخرجاً للإنفصاليين من قيادات الحركة الشعبية بعد أن أدركوا أن الإنفصال الكامل يصب في غير صالح الجنوب ، وقال مستدركا : لكن هنالك وقتاً كافياً لمناقشة هذه الدعوة. وفي حديثه ل (الرأي العام) ضم عقار صوته لصوت القانونيين بقوله: (دعوته لا تتواءم مع إتفاقية السلام في الوقت الراهن لكنها خطوة إستباقية لطرح وحدوي لما بعد 2011م) وأضاف:(قبل الفاس تقع في الراس). لافتاً الى عدم جدوى دعوته إذا جاءت بعد الإستفتاء. وأبدى عقار ترحيبه بأية أطروحة أخرى (أفضل) تدعو الى الوحدة الجاذبة. في إشارة لتمسكه بوحدة السودان أكثر من دعوته بالكونفدرالية. ويقول عقار هنالك مدرسة في الحركة الشعبية ترى أن مايحدث الآن من خطابات سياسية ليس كافيا لجعل الوحدة جاذبة. وتشير هذه المدرسة الى أن السودان يعج بمشاكل مماثلة في كل أنحائه تتناقض والظروف الموضوعية في الساحة السودانية. وتريد المدرسة التى تضم عدداً من قيادات الحركة الشعبية أبرزهم الى جانب الفريق عقار،أتيم قرنق نائب رئيس المجلس الوطني، تريد أن يخرج السودان من مأزق تشظي أنحائه. ويرى عقار أن النظام الكونفدرالي احدى الآليات التى يمكن أن تجيب بوضوح على سؤال التقاسم في السلطة والثروة إن وجدت أية مجموعة أنها تحكم نفسها حكماً ذاتياً فضلاً لإعتباره أن الكونفدرالية سلاح قوي يواجه به التيار الوحدوي في الجنوب التيار الآخر. ويقول عقار (لا يمكننا القول بأن الكونفدرالية دعوة لوحدة مشروطة بقدر ماهي خيار أفضل من الإنفصال). وأضاف: هي دعوة لوحدة جاذبة يصاحبها تراضٍ دون اللجوء للشعارات. وحول ما إذا كان عقار يتحسب بدعوته لرقعته الجغرافية التى تقع في شمال خط «6591م» من إنفصال قادم يؤكد عقار أنها دعوة لتماسك السودان ووحدته وتنأى عن الميول للخارطة الجغرافية. ويتساءل مراقبون عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء طرح عقار للكونفدرالية بعد أقل من (24) ساعة من إنسحاب القوات الحركة من الكرمك الى جنوب خط الحدود للعام (6591م). ويجيب آخرون أن هذا المأزق (شمال وجنوب) سيواجه جبال النوبة فهي حدودية تقع في الشمال ولا يحق لهاتين المنطقتين المشاركة في إستفتاء الوحدة والإنفصال.