القصة الشهيرة التي تحكى عن مجموعة من الرجال طلبوا مشورة أحد المشايخ في كيفية عبور إحدى الغابات الممتلئة بالحيوانات المفترسة، الرجل أوصاهم بقراءة سورة «يس» وإن شاء الله تنجيهم من الوحوش وبينما هم الخروج من منزله ذكَّرهم بأن «يس ساعدوها بجكة». فلا يكتفوا بتلاوة سورة يس ولكن يسرعوا الخطى والمخارجة من الغابة. منذ أكثر من شهر يعلن البنك المركزي أن أزمة النقد الأجنبي في طريقها للإنفراج فينظر الناس كل صباح للأسعار المنشورة بالصحف فيجدونها دون تغيير يذكر، وتذهب للسوق الأسود فتجده في حاله رغم أن سعر الدولار تراجع كثيراً على المستوى العالمي أمام اليورو خاصة مع ارتفاع سعر الذهب وكذلك ارتفاع سعر البترول نسبياً ولكن الأوضاع داخلياً تبدو دون تغيُّر يذكر. ويبدو أن بنك السودان المركزي قد قرأ المتغيرات العالمية التي تتنبأ بقرب انفراج اقتصادي عالمي وأن مرحلة الكساد قد تم تجاوزها مما يعني عملياً أن مرحلة الانتعاش عل الأبواب وأن أول مظاهر الانتعاش تحسن سعر البترول وزيادة إيرادات الحكومة، فالبنك المركزي استوعب تلك الحقائق وبدأ في انتظار الفرج دونما تدخل من جانبه وعبر آلياته المعروفة، فالسوق الأسود في العملات انتعش بسبب فشل البنوك التجارية في الحصول على النقد الأجنبي لتغطية الالتزامات العالمية تجاهها، فأصبح المتعاملون مع البنوك يلجأون الى السوق الأسود لتغطية العجز مما جعل الأسعار تتصاعد. فبدلاً عن التصريحات عن قرب إنفراج الأزمة، كان الأحرى بالبنك المركزي أن يضخ كميات من النقد الأجنبي وإن كانت قليلة لصالح البنوك التجارية لتغطية جزء من الالتزامات، عندها سيتملك الرعب تجار السوق الأسود فيبدأون مسلسل التراجع المستمر في أسعار العملات لإحساسهم بتدخل البنك المركزي خاصة وأن بعض تجار العملات لحقت بهم خسائر كبيرة سابقاً مع ازدياد قيمة الجنيه السوداني قبل سنوات قليلة فهم نفسياً مهيأون للإحساس بالخوف من تكرار التجربة المريرة الماضية. المطلوب الآن من البنك المركزي أن يضخ القليل من النقد الأجنبي وحتماً ذلك سيساعد على تراجع النقد الأجنبي أمام الجنيه السوداني خاصة وأن الأجواء العالمية تؤكد بدء فترة الانتعاش الاقتصادي.