كل شئ في بلادنا يتغير بسرعة الصاروخ عدا سياسات البنك المركزي تجاه سعر الصرف… الدولار مقابل الجنيه يقف عند 7/2 عبر القنوات الرسمية. بنوك صرافات. في الوقت الذي تتصاعد فيه اسعار الدولار في السوق السوداء أو ما اصطلح مسئولونا تسميته بالسوق الموازي خجلا من (الاسود) حتى لامس 5/5 جنيه سوداني.. أمس وبعد أن بدأ يضخ البنك المركزي عملات حرة في السوق على خلفية جلب دولارات من الشقيقة قطر تراجع السوق الاسود قليلا وأصبح السعر 8/4 جنيه للدولار… أما سعر البنك المركزي فظل في جميع حالات حركة السوق خارج الجهاز المصرفي ثابتا كما أبي الهول لايحرك ساكنا… إن اكبر الاخطاء التى ترتكبها سياسات النقد الاجنبي هو الاشراف المباشر والتدخل الاداري الواضح من البنك المركزي على سعر الصرف. فالارتفاع الجنوني والفوضي التى تسيطر على سوق العملات ليست بسبب شح العملات الحرة عندما انقطعت موارد البترول فقط ولكن أيضا بسبب الهلع الذي ادخلته سياستنا المالية والنقدية لدى كافة قطاعات الاقتصاد وكأنما يوم قيامتنا الاقتصادية قد دنا… ثبات سعر الصرف وعدم تحريكه بحسب العرض والطلب هو ما أدخل البلاد في أزمة الدولار. صحيح لا أحد ينكر أن الطلب اكبر أضعاف المرات من المعروف وأن الشح موجود و لكن إدارة هذه العملية بعقلية البنك المركزي الحالية تحتاج الى مراجعة.. د. محمد خير الزبير محافظ البنك المركزي وبحسب علمى كانت له ملاحظات قدمها للبنك المركزي عندما كان في بنك الساحل والصحراء بليبيا.. كان يتحدث عن تعديل السياسات التي ساهمت في ارتفاع سعر الصرف. يومها لم يتجاوز السوق الاسود اكثر من مائتي جنيه للدولار. كانت له ملاحظات عندما جاء في إجازة للخرطوم فأول مارآه في شوارعها وسط الاسواق هو انتعاش تجارة الدولار. الدكتور محمد خير سأل عن حركة يدوية بتحريك الاصابع لبعض الاشخاص يقفون على الارصفة قيل له أنها تعنى بيع وشراء الدولار… إستغرب أن تنتعش هذه التجارة من جديد والبلاد ترقد على وسادة دولارات البترول… نعم الان الوسادة خالية لكن المطلوب أيضا اتخاذ سياسات غير ادارية وغير أمنية لمحاصرة تجارة العملة وهذه لن تتم الاعبر السياسات… بصراحة كلما اتخذت الحكومة اجراءات أمنية مشددة ضد تجار العملة كلما زاد نشاط المضاربين والسماسرة فقط لان هذا الاسلوب يعطى الايحاء بأن هناك مشكلة في العملات الحرة وبالتالي الشاطر من يغتنمها ليحقق الربح… نحتاج الى علماء الدين لقيادة حملات توعوية وارشادية لتحريم مثل هذه المضاربات التى تؤثر على حياة المواطن مباشرة.. فلو ترك علماؤنا فتاوى التكفير والفتاوى في الأمور الانصرافية والجدل حولها مسابقات الاتصالات وغيرها وإنكبوا على قضايا الناس مثل تحريم ارباح المتاجرة في الدولار وحرمان المرضى من الادوية بسبب عدم توفر العملات التى تذهب لجيوب المضاربين بدلا من إستيراد الادوية أو الخبز ستكون أحدى الوسائل المهمة في خفض هذه التجارة وليست محاربتها بشكل نهائي. على البنك المركزي إعادة النظر في سياساته في سعر الصرف الحالية.