من يتوّفر له وقت ندعوه للجلوس على المقهى السياسى ليتأمّل ملتقى جوبا... فسيكون موعودا بانفعالين لا يلتقيان: الضحك والبكاء... يضحك أوّلا على اللاعبين وطريقة اللعب... ثمّ يبكى على مآلات هذا اللعب على السودان! المشهد الأعجب هو مشهد حركة أعلنت نفسها حزبا لكنّها ما تزال تمارس بعض (الحركات)... فالحركة الشعبية تجلس على كراسى الحكم وتلعب على طاولات المعارضة... فتلتقى بجماعات ومجموعات كان رأيها أنّ هذه الحكومة بحركتها الشعبيّة فقدت شرعيتها منذ التاسع من يوليو... ولم يصدر من هذه المجموعات حتى الآن ما يثبت تخلّيها عن هذا (الادعاء)... بل نفس هذه المجموعات تطعن فى اتفاقيّة نيفاشا حين تراها من زاوية المؤتمر الوطنى وتقبلها حين تراها من (خرم) الحركة الشعبيّة! القضايا المعلنة التى يحاول ملتقى جوبا أن يجعلها أجندته هى ذات قضايا الآليّة الثلاثية بين الحركة والشريك الأكبر... ومع ذلك تبحث الحركة عن حلها عند الصغار... تترك الحركة الكبار لتلتقى بالصغار لتبدو أمامهم وأمام المتابعين أنّها كبيرة! تعلن الحركة عن أنّ ملتقى جوبا لن يعزل أحدا فعزلت القوى الجنوبيّة بل عزلت عناصر وفصائل كانت جزءا منها... مع انّ الهدف المعلن للملتقى هو وحدة الصف الوطنى! لا تمانع الحركة فى التنسيق مع هذه المجموعات فى الانتخابات القادمة انتخابا أو مقاطعة: الانتخابات الرئاسية والبرلمانيّة على ألّا يكون هذا التنسيق على حساب حصّتها وتقرير مصير جنوبها! لم تثبت الحركة الشعبية أصلا غير مهارة عسكريّة... لكنّها لم تثبت مهارة على مستوى ادارة الدولة لذلك لم تفلح فى عقدالملتقى كحزب حاكم ولكن كحركة معارضة... أثبتت الحركة الشعبيّة عجزا فى ادارة الدولة على المستوى القومى والمستوى الجنوبى... ولو كانت لديها الشجاعة السياسيّة فلتطف بضيوف ملتقى جوبا لمشاهدة ما فعلته فى بناء الجنوب الجديد قبل النداء بالسودان الجديد! الملتقى مثل الجواب يعرف من عنوانه... وعنوانه هو رئيس اللجنة التحضيرية لهذا الملتقى, الذى يجيد تقديم المعلومات الى الاستخبارات الأجنبيّة فتنتهى المعلومات الى غارة جويّة... لذلك خوفى على الملتقى ألا يكون زيارة لجوبا... بل غارة عليها!!