خرجت الفضائية السودانية جرداء من المنافسة الرمضانية الدرامية المحمومة بين الفضائيات وكان المسلسل هو التاج الذي يزين تلك الفضائيات، وربما لم تكن المرة الأولى التي يغيب فيها المسلسل عن مثل هذه المنافسات، إستعاض التلفزيون عن المسلسل بسلاسل وإسكتشات قصيرة لم تستطع أن تحل محله او تمنع التساؤل عن دواعي الغياب.. ولمعرفة ما إذا كان الغياب طارئاً أو دائماً وأثره ودوافعه ومسبباته جلسنا إلى اسامة ميرغني مدير الادارة العامة للإنتاج المتخصص (دراما، موسيقى، وثائقيات) للحصول على إجابات شافية لعلها تبرر الغياب.. ---- *إنقضى موسم رمضان، ما تقييمكم لما بث من اعمال درامية خلال الشهر، والى أي مدى انتم راضون عنه؟ = اشتملت الخارطة البرامجية لشهر رمضان على برنامج يومي ساعة دراما تم فيها عرض لنحو ثلاثة عشر فيلماً من انتاج سوداني بثت لاول مرة اضافة إلى اعادة بث ثلاثة عشر فيلماً سودانياً كما اشتمل البرنامج على (4) حلقات حوارية نقدية عن الدراما بمشاركة عدد من ذوي الاختصاص الدرامي، كما تضمنت الخارطة بعض السلاسل الدرامية القصيرة. وكنا نأمل في انتاج مسلسل درامي سوداني مع احدى الشركات الاعلامية بالسودان ولم يتيسر لنا ذلك. *ما المانع..؟ = لم يتم تنفيذ المسلسل لاسباب تمويلية. *فيما يتم توظيف ميزانية إدارة الدراما..؟ = الانتاج التلفازي مكلف جدا وبخاصة انتاج المسلسلات ورغم اهداف ومقاصد الدراما السودانية وارتباطها بالهوية والواقع السوداني والامن القومي والارتباط الوطني الا ان التكلفة تظل باهظة خاصة ان انحصر البث عبر قناة فضائية واحدة وربما تبلغ قيمة انتاج ثلاثين حلقة نحو مليون ومائتي ألف جنيه بينما تبلغ قيمة شراء مسلسل من خارج السودان لغرض البث نحو ثلاثين الف دولار أي ما يعادل «57» ألف جنيه. *أموال الادارة فيم توظف تحديداً..؟ - الادارة العامة للانتاج المتخصص تعني بالدراما والافلام الوثائقية والانتاج الغنائى والموسيقى وبالمشاركة في المهرجانات الاقليمية والدولية. *............؟ = من مقاصدنا السعي للانطلاق بالانتاج الدرامي خارج السودان لتجاوز المحلية الموغلة للوصول إلى العالم العربي والافريقي وهذه مهمة ليست بسهلة لكنها غير مستحيلة ونحتاج الى خبرات من عناصر غير سودانية اضافة لعناصرنا في هذا المجال لنحقق نجاحات كما حققنا في مجالات آخرى. *ما أثر غياب المسلسل السوداني على المشاهدة هذا العام؟ - نحتاج إلى دراسة وإستطلاع للرأي لتكون الاجابة منهجية ونحن كإدارة نشعر بالقصور في هذا الجانب. وسعينا موصول لتقديم السلاسل الدرامية والافلام ضمن الخارطة البرامجية. *غياب المسلسل هل هو وضع طاريء ام سيكون دائماً في ظل عدم التمويل..؟ = نحرص على انتاج مسلسل على الاقل سنويا اضافة إلى عدد من السلاسل الدرامية القصيرة والافلام. والادارة بصدد اقامة منتدى عن الدراما السودانية بمشاركة جمعية كتاب الدراما السودانيين والعاملين في ذات المجال. *ألا تتفق معي أن عدم وجود مسلسل بتلفزيون عريق ينقص من مكانته بين الفضائيات وكذلك إنحساره من المنافسة خصوصاً وكل تلفزيون أبرز ما لديه؟ = لم يتيسر انتاج مسلسل لهذا العام لاسباب مالية وذلك لا ينقص من مكانة التلفزيون القومي لانه ثر بانتاجه المحلي في سائر المجالات الاخرى ولعله بانتاجه الذاتي يتفوق على القنوات الفضائية التي تصرف في بث الانتاج المستورد. *كيف تعدون للخروج من أزمة التمويل..؟ = في تقديري لضمان الاستمرار في الانتاج الدرامي نظر الحاجة ماسة لدعم الدولة المباشر للانتاج الدرامي والشروع في الانتاج المشترك مع شركات من داخل وخارج السودان وفتح اسواق جديدة لتسويق المنتج لقنوات شتى لتقليل تكلفة الانتاج وتحقيق مدى الانتشار وكسب قدر معقول من الارباح تضمن الرقي والتطور في الانتاج، ولدينا مشروع لانشاء محفظة للانتاج التلفازي نسعى لانشائها بمشاركة عدد من القنوات التلفازية والشركات العاملة في مجال الانتاج التلفازي. *هل يعني هذا أن الدراما السودانية وحدها بدون شريك لا يمكن تسويقها..؟! = الشراكة سواء من داخل أو خارج السودان فيها اثراء للتجارب ونحن في حاجة إلى ذلك كما انها تسهم في فتح اسواق جديدة. *نحن نتكلم عن الغياب المحلي.. فإذا فقدتم المشاهد المحلي كيف تطمحون لتسويق خارجي؟ = ليس هناك ما يحد وجودنا خارجياً في مجال الدراما.. *مازال السؤال قائماً..؟ = نحن في مجال الدراما نحتاج الى دعم مباشر من قبل الدولة والى شراكة انتاجية تكمل امكانانتا البشرية والمالية وتفتح اسواقا جديدة كما نحتاج لدورات تدريبية داخل وخارج السودان للعاملين في مجال الدراما كافة وفق التخصصات. *مواصلة.. = ليست هذه مشكلة او عيباً.. فنحن حقيقة نحتاج إلى خبرات خارجية ولتدريب العاملين كل في مجاله.. *كل ما قدمه التلفزيون هذا العام كان من المكتبة.. «مقاطعة»؟ = لم يتيسر لنا انتاج المسلسل الطريق إلى سنار كما اسلفت وعازمون بإذن الله تعالى على إنتاج مسلسل سنويا على الاقل وقد تم بث حوالي ثلاثة عشر فيلما لاول مرة كما تم اعادة بث افلام أخرى من مكتبه التلفزيون. *يرى الكثيرون ان ما قدمه التلفزيون خلال شهر رمضان من سلاسل قصيرة ليست لها أية قيمة لا من حيث الجودة او المضمون..؟ = نحن نحرص على إجراءات فنية بموجبها تتم الاجازة والبث، وأي مادة لا نرى فيها صلاحية لا يتم بثها. *مقاطعة.... أنا لا أتكلم عن الاجازة.. ولكن عن الوسائل التي بنيت عليها تلك الاعمال الدرامية فهي اقرب للنكات خالية المضمون..؟ = لا نسر لسد مساحات كيفما اتفق ولنا المعايير في الاختيار. *في حديثك ذكرت ان الدراما تحتاج الى دعم المسئولين.. هل من طريقة معينة للفت نظر المسئولين عبر جهازهم الحكومي..؟! = نأمل مشاركة من الاخوة المسؤولين بالدولة في ملتقى الدراما ورعايته. *يرى الدراميون أن أحد أسباب تردي الدراما هم مديرو إدارة الدراما الذين تعاقبوا على الكرسي.. فهم اما موظفون ينفذون سياسة رؤسائهم وإما مختصون لا يجدون معينات العمل.. = من حق الدراميين تقويم من يريدون وصدور الادارة مفتوحة الى اي نقد وتقويم في سبيل الارتقاء بالانتاج وللادارة اهداف وخطط متفق عليها واحسب ان العاملين بالادارة سابقا وحالياً من ذوي الخبرة والدراية في مجال الانتاج التلفازي وقد اثروا تجاربهم في شتى مجالات الانتاج. *المسلسل السوداني مليء بالمحاذير أفقدته المصداقية ووصمته (بالبياخة) وأنتم تتحدثون عن اسواق ومشاركات خارجية، الا يصعب الامر قبول تلك الاعمال؟ = اسهمت عدد من الشركات السودانية في انتاج مسلسلات ومن ذلك شركة «انهار للانتاج التلفزيوني والاعلان، وهي اكثر الشركات انتاجا في مجال البرامج والمسلسلات وقد تيسر بث عدد من هذه المسلسلات ببعض الدول الافريقية والمعطيات في الساحة السودانية تشجع على الانتاج التلفازي ومن ذلك القدر الجيد المتاح من الحرية حاليا وتاريخياً كما ان الانتاج التلفازي السوداني يعكس الواقع المعاش بينما نرى انفصاما بين انتاج بعض الدول وواقعها الماثل. *هل يمكننا القول ان مشكلة الدراما السودانية ليست مشكلة ممثل او نص وإنما فقط تمويل..؟! = نتوقع من ملتقى الدراما تشخيص الوضع الماثل واستصحاب الحقب الماضية والرؤى المستقبلية للوصول إلى مقترحات علمية منهجية واقعية واضحة المعالم لدفع وتطور الانتاج الدرامي بالسودان.