اهتمت صحيفة (الرأي العام) في الاسابيع الماضية بخبر اغلاق أحد الفنادق الشهيرة بالخرطوم والذي يصنف من فئة الخمس نجوم «حسب تصنيف السودان» وقد عزا مدير الفندق سبب الاغلاق لناديي القمة الهلال والمريخ لعدم سداد مديونياتهم فيما قلل العاملون من ذلك السبب واتهموا الإدارة بالتقصير، واياً كان سبب الاغلاق المباشر للفندق فان ظلال الازمة العالمية تبقى السبب غير المرئي في اغلاق ذلك الفندق فأهم معالم تلك الازمة النقص الحاد في السيولة النقدية في القطاع الاقتصادي نتيجة للخسائر التي تحققت بسبب الانهيارات المتتالية في سوق السلع والعقارات والخدمات بالفنادق التي لا تجد عملاً ولا تجد زبائن. يجب ان لا ينزعج الناس في السودان لاغلاق فندق او مصنع فتلك ظاهرة طبيعية في ظل الازمة الاقتصادية العالمية، فقد انهارت مؤسسات مالية عريقة ففي امريكا وحدها أفلس أكثر من تسعين بنكاً، وافلست جنرال موتورز والتي كانت تعتبر رائدة الصناعة الامريكية، وفي اوروبا اندمجت عشرات المؤسسات مع مؤسسات آخر لتفادي الافلاس وشهدت المنطقة العربية ازمات بينما افلاس بعض المجموعات الشهيرة، كما هو حادث في مجموعة «سعد» و«القصيبي» والتي بلغت خسائرها أكثر من مليار دولار وفي لبنان انهارت مؤسسة عزالدين وتبخرت معها ملايين الدولارات فالعالم من حولنا يموج بالخسائر. ان أسوأ ما يحدث هو ان تتدخل الحكومات لانقاذ مؤسسات في مثل هذه الظروف، لان الحكومات ببساطة لا تملك المال الكافي لمنع انهيار كل هذا العدد من المؤسسات الاقتصادية وعملياً عندما تبدأ دورات الانكماش الاقتصادي، تتأثر أولاً قطاعات الخدمات خاصة تلك المرتبطة بالسلوك «المُترف» مثل السياحة، فلا يعقل ان تزيد حركة السفر والفنادق خلال اوقات الازمات الاقتصادية وهذا يُفسر لنا لماذا اغلقت عدد من خطوط الطيان ابوابها وقلصت نشاطها كما تراجعت نسب الاشغال في الفنادق، وبما ان الفنادق في السودان كانت تعاني قبل الازمة لاسباب ضعف السياحة في السودان وقلة المؤتمرات، فانه وما ان ظهرت الازمة العالمية حتى قصمت ظهر البعير. ولعل مالك الفندق قد اتخذ القرار السليم فالاغلاق قد يكون مؤقتاً لحين تحسن الاوضاع او قد يكون دائماً وذلك يصرف النظر عن الاستثمار في الفندقة وبيع العقار نفسه وحتى يجنب نفسه الخسائر المستمرة كما ان اغلاق الفندق سيعمل على تنظيم سوق الفنادق بالسودان والذي يبدو انه مشبع، لذا رفض الرئيس اوباما الدعوة للتدخل لمنع افلاس شركة جنرال موتورز وانتظرها متى اعلنت افلاسها لتنهض على أُسس جديدة، فالوصول للقاع مطلوب حتى يتعلم الناس انه وكما ان هنالك ايام ازدهار اقتصادي فان هنالك ايام جدب اقتصاد والعاقل من اتعظ بغيره.