أصبح الحديث عن تقرير مصير جنوب السودان والإنفصال أمراً طبيعياً بعد أن كان في السابق - تسعينيات القرن الماضي - يؤدي إلى إغلاق الصحف، غير أن اتفاقية السلام الشامل منحت الجنوبيين حق تقرير المصير في استفتاء من المقرر اجراءه في العام 1102م.. ولكن شهدت الفترة الاخيرة تصعيداً لنبرة الانفصال في حرب التصريحات والتصريحات المضادة بين الشريكين فيما لوحت الحركة الشعبية باعلان الانفصال من داخل برلمان الجنوب، هدد المؤتمر الوطني باقرار الوحدة عبر قانون الاستفتاء الذي اقترحت نسبة التصويت فيه للانفصال لتكون «09%» بينما تطالب الحركة بنسبة «05%» وتمثل الايام حداً حاسماًِ لهذا الجدل بشأن قانون الاستفتاء لكنها - اي الايام القادمة - ستشهد ايضاً تصعيداً للنبرة الانفصالية.. وحاولنا في «الرأي العام» قبيل حسم هذا الجدل واقرار الانفصال عبر الاستفتاء ان نناقش قضية الانفصال وتداعياتها ومخاطرها خاصة في بعدها الاقتصادي باستقصاء آراء الشريكين والخبراء.. معاً نقف على الحقائق.. ----- شهدت الفترة منذ العام 5002 وحتى العام 9002م والتي تقدر ب «4» سنوات من عمر اتفاقية السلام اجراء تعديلات هيكلية في تركيبة الموازنة العامة للدولة لاستيعاب متغيرات مرحلة ما بعد السلام حيث تم تبويب الموازنة العامة للدولة الى «3» أبواب رئيسية حيث يشمل الباب الاول انفاق الحكومة المركزية، والباب الثاني تحويلات حكومة الجنوب، والباب الثالث تحويلات حكومات الولايات الشمالية، ووفقاً لبروتوكول قسمة الثروة فإن تحويلات حكومة جنوب السودان شملت تخصيص أنصبة محددة من عائد البترول ونصيب الولاياتالجنوبية المنتجة للبترول والايرادات القومية المحصلة بواسطة حكومة الجنوب حيث يبلغ نصيب حكومة الجنوب من عائدات البترول «05%» من البترول المنتج بالجنوب، ونصيب الولاياتالجنوبية المنتجة للبترول «2%» من البترول المنتج بالولايات بينما بلغ متوسط الاداء الفعلي للفترة «5002 إلى 8002م» حوالي «3500.7» مليون جنيه وبنسبة اداء قدرها «108.9%» من متوسط الاعتماد السنوي لنفس الفترة، بينما بلغ الاداء الفعلي التقديري للعام 9002م حوالي «5955» مليون جنيه بنسبة اداء بلغت «91.6%» من الاعتماد السنوي، كما نص بروتوكول قسمة الثروة على قسمة الايرادات غير البترولية (الضرائب والجمارك) بواقع «50%» لكل من الحكومة الاتحادية وحكومة الجنوب، غير ان هذه الاجراءات لم يحسم الجدل بشأنها الا في النصف الثاني من العام 9002م اي بعد مرور نحو «4» سنوات من عمر اتفاقية السلام كما تبدو هذه الايرادات ضعيفة ولكنها تحتاج الى تطوير وضوابط ادارية لتفعيل تحصيلها.. إذاً هذا هو واقع الاداء المالي ومصدر العائدات والايرادات وفقاً لبروتوكول قسمة الثروة، ولكن هنالك التزاماً اتحادياً خارج نصوص اتفاقية السلام يقوم على تنفيذ وتمويل مشروعات التنمية بالجنوب وتنفيذ المشروعات القومية خاصة الطرق والسكة الحديد والموانيء البحرية والنهرية والجافة والصرف على المؤسسات الاتحادية بالاقليم، ومن هنا ظلت الحكومة الاتحادية تصرف على هذه المشروعات التنموية حيث تم تمويل مشروعات عديدة في تلك المجالات وتم اكمال العمل في بعض والآخر يتواصل فيه العمل حتى الآن. ولكن مع قرب حلول أجل الانتخابات والاستفتاء بدأت الخلافات تتصاعد الآن بين الشريكين خاصة في اجازة قانون الاستفتاء، وتبدو الخلافات بوضوح حول ادراج المترتبات على الاستفتاء حول تقرير المصير في صلب القانون، فبينما يرى المؤتمر الوطني ضرورة نص قانون الاستفتاء على هذه المترتبات والمتمثلة في الديون الخارجية للبلاد، والموارد المشتركة وغيرها من المترتبات المطلوبة عند إنفصال أي جزء من أي بلد عن الآخر بينما ترفض الحركة الشعبية ذلك وتسعى لفرض واقع واحداث واختراقات في قانون الاستفتاء عبر التلويح باعلان الانفصال من داخل برلمان الجنوب ليبقى الجدل مستمراً بشأن قانون الاستفتاء الى حين التوصل الى تسوية سياسية بشأنه بين شريكي السلام.. مخاطر الانفصال وفي المقابل يحذر الخبراء من خطورة الانفصال وتداعياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية خاصة مخاطر حدوث حرب وعدم استقرار يؤثر سلباً على استقرار الموارد وجذب الاستثمار بجانب فقدان موارد مشتركة، ولذلك يدعو الخبراء الى النص بوضوح على مترتبات مرحلة ما بعد الانفصال في قانون الاستفتاء خاصة قضية الموارد المشتركة وديون السودان الداخلية والشراكة الاقتصادية والسياسية بين الدولتين ومستقبل خطوط انابيب النفط والاستفادة من ميناء بورتسودان ومشروعات الطرق والسكة الحديد المشتركة بينما ترى وزارة المالية ان بروتوكول قسمة الثروة حدد الايرادات بوضوح وقسمتها سواء ايرادات نفطية او غير نفطية فضلا عن وجود دعم اتحادي لمشروعات التنمية بالاقليم ومن هنا تحدد مكاسب ومخاطر الانفصال بوضوح في نوعية هذه الموارد وحجمها ومن المتأثر بفقدها حيث سيفقد الجنوب الدعم الاتحادي لمشروعات التنمية والموانيء الاتحادية وسيصرف على نقل النفط المنتج بالاقليم عبر ميناء بورتسودان بجانب فقدانه لمقومات الدولة الحديثة او المدنية ولكنه بالمقابل ستؤول إليه عائدات النفط المنتج بالجنوب بالكامل بنسبة «001%» بدلا عن «05%»، فيما ستفقد الحكومة الاتحادية أو «الشمال» «05%» من عائدات النفط المنتج بالجنوب و«05%» من الايرادات غير البترولية المتحصلة بالجنوب «الضرائب والجمارك» بينما سيزداد صرفها على الامن وحماية الحدود، ومن هنا تبدو الخسائر مشتركة ولكن الجنوب يبدو انه الخاسر الأكبر كأقليم لفقدانه دعماً اتحادياً، والصرف على انشاء الدولة الحديثة، كما انه سيكون مهيأ لحدوث تفلتات أمنية وعدم استقرار أمني بدأت تظهر ملامحه بوضوح حتى قبل التصويت على الانفصال مما يؤثر على استغلال الموارد وجذب الاستثمار يضاعف الصرف الأمني. حجم الايرادات ويؤكد د. لوال دينق وزير الدولة بوزارة المالية والاقتصاد الوطني أن الايرادات الاتحادية في الموازنة تتمثل في البترول والايرادات غير البترولية حيث قفزت مساهمة النفط إلى «06%» في موازنة العام 8002م بينما بلغ نصيب الجنوب من النفط منذ بداية تطبيق اتفاقية السلام في العام 5002م وحتى النصف الاول من العام 9002م نحو «7.3» مليارات دولار تم تحويلها بالكامل للجنوب عدا «57» مليون دولار الفترة من يناير وحتى يوليو 5002م، فهنالك خلاف بشأنها بين الحكومة الاتحادية وحكومة الجنوب حيث ترى الحكومة الاتحادية أنها صرفتها على مجلس تنسيق الولاياتالجنوبية بعد موافقة الدكتور جون قرنق رئيس الحركة الشعبية على ذلك وإقرار بان الجنوب ينبغي ان تكون فيه حكومة قبيل ان تنتقل مقاليد الحكم فيه للحركة الشعبية، بينما كانت تعول حكومة الجنوب على هذه العائدات في الصرف على تسريح القوات والتحول الى حركة سياسية بدلا عن حركة مسلحة. واضاف د. لوال: هنالك ايرادات غير بترولية تتمثل في «الضرائب والجمارك» وتتحصل في الجنوب حيث نصت الاتفاقية على قسمتها بين حكومة الجنوب والحكومة الاتحادية مناصفة بنسبة «05%» لكل ، ولكن هذه الايرادات ضعيفة ولم يتم تحصيلها بالصورة المطلوبة الا بعد التوصل إلى اتفاق بشأن قومية الجمارك والضرائب، وتم تعيين نائب مدير للجمارك في الجنوب وتأهيل الكوادر، والآن بدأنا في استلام نصيب الحكومة الاتحادية من الايرادات غير البترولية المتحصلة بالجنوب ولكنها ضعيفة جداً ولا تكاد تذكر، وعموماً هذا تحسن في الاوضاع المالية وكذلك ايرادات الضرائب ورسوم الجوازات بدأت تتدفق ولكنها بسيطة. خسائر الانفصال وحول الخسائر المترقبة على الانفصال يقول د. لوال الايرادات واضحة واذا حدث الانفصال فإن الجنوب سيفقد كثيراً خاصة اذا قامت حرب ، ولذلك في مرحلة ما بعد الاستفتاء لابد من اعادة تقسيم الثروة والنص بوضوح ماذا سيحدث اذا انفصل الجنوب.. أو صوت الجنوبيون للوحدة؟ واضاف: أعتقد ان الكونفدرالية هي الأنسب لحكم السودان، ولكن علينا مناقشة كل الملفات ومترتبات مرحلة ما بعد الانفصال بوضوح سواء الجوانب الاقتصادية او السياسية او الامنية او الاجتماعية، واذا الجنوب أنفصل والشمال قبل نتيجة التصويت ستفقد الحكومة الاتحادية «05%» من عائدات النفط وهذا معناه خسارة واضحة، ولكن الشمال ممكن يستفيد من التجارة مع الجنوب عبر فرض رسوم بجانب الاستفادة من تدفق نفط الجنوب عبر الشمال بتحصيل ضريبة على نقل النفط. خسائر الجنوب وحول خسائر الجنوب كاقليم من جراء الانفصال خاصة وانه سيفقد دعماً اتحادياً قال د. لوال: نعم الجنوب سيخسر دعماً اتحادياً ولكنه سيعوضه بعودة بقية نصيبه من عائدات النفط التي كانت تذهب للحكومة الاتحادية بواقع «05%» وفقاً لاتفاقية السلام، غير انه سيفقد كثيراً جراء الصرف على الأمن خاصة وان هنالك مهددات أمنية ستواجه الجنوب كدولة في مقدمتها اطماع دول الجوار في الجنوب، كما ان عدم الاستقرار الامني يؤثر على جذب الاستثمارات واستغلال الموارد لا سيما وانه حتى الآن حجم الاستثمارات بالجنوب مازالت ضعيفة لا تفوق ال «91» مليون دولار في مجال الفنادق ولا توجد استثمارات كبيرة. الانفصال وارد ويؤكد د. لوال انه يرغب في حدوث وحدة بالسودان لكن التصريحات والتصريحات المضادة تشجع المواطنين في الجنوب على الانفصال، وهنالك بمن يقول انه اذا حدث استفتاء اليوم في الجنوب فإن الذين سيصوتون للانفصال نسبتهم ستصل إلى «09%» كما هناك بعض التصريحات من بعض السياسيين لا تشجع على الوحدة، فالمواطن بالجنوب يعلم ان حكومة الجنوب أخذت كل شيء من الايرادات ولكنه لا يرى شيئاً بل يرى ان هذا من حكومة الخرطوم. ترتيبات مطلوبة لكن أتيم قرنق القيادي بالحركة الشعبية ونائب رئيس المجلس الوطني يرى أنه في حالة انفصال الجنوب لابد من ترتيبات مطلوبة تشمل الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية كافة حيث تشمل الترتيبات الاقتصادية تحديد فترة تداول العملة الوطنية «الجنيه» بالجنوب، وفرص الاستفادة من ميناء بورتسودان واستغلال خطوط انابيب النفط في تصدير بترول الجنوب بعد تحديد نصيب وملكية هذه الانابيب بين الشمال والجنوب خاصة وانها من ناحية جغرافية تقع في الجنوب والشمال ولكن لابد من تحديد هذه المساحة الجغرافية بنسبة معينة، ومناقشة قضية ديون السودان وتحديد أين صرفت هذه القروض او الديون وحجم استفادة الجنوب منها. فوائد اقتصادية وحول مخاطر الانفصال على الجنوب قلل أتيم من هذه المخاطر وقال ان الجنوب سيستفيد اقتصادياً من الانفصال على المدى الطويل عبر حصوله على عائدات النفط المنتج بالاقليم بنسبة «001%» بدلا عن ال «05%» الحالية، واستغلال موارده الطبيعية الاخرى بتشجيع الاستثمار دون تسييس للنشاط الاقتصادي، ولكن يفتح المجال للاستثمار، لكافة الناس دون تمييز بمن فيهم الشركاء في الشمال مشيراً إلى أن الجنوب منذ توقيع اتفاقية السلام في العام 5002م وحتى النصف الاول من العام 9002م تسلم أكثر من «7» مليارات دولار من نصيبه من عائدات النفط بينما بعد الانفصال سيحصل على كل العائدات وسيعمل على تطوير انتاج النفط. وقلل أتيم من الحديث حول مخاطر الانفصال بنشوب حرب او تفجر صراعات مؤكداً ان الموارد النفطية ستذهب في الصرف على الامن وبناء دولة الجنوب وتابع: (الانفصال لن يؤدي إلى انهيار الجنوب بل سيصبح خلال ال «01» سنوات القادمة افضل من دول أفريقية مجاورة. ودعا أتيم الى تبني خيار الوحدة الجاذبة خاصة وان الوحدة ستقوى السودان فضلا عن انها ستؤدي لتكامل اقتصادي بين الشمال والجنوب وتمكن من الاستفادة من تعدد المناخات والموارد الطبيعية من أجل بناء اقتصاد قوي، ولكن بالمقابل اذا إنفصل الجنوب فإنه لن ينهار وانما هنالك مقومات الدولة من سكان وأرض وموارد كما يمكن الاستفادة من كوادر سودانية واجنبية لبناء دولة الجنوب. رؤية المؤتمر الوطني لكن المؤتمر الوطني الشريك الرئيسي للحركة الشعبية في الحكم يرى انه لابد من النص بوضوح على ترتيبات مرحلة بعدما الانفصال في قانون الاستفتاء حتى تمكن الناخب الجنوبي من التصويت بوعي على خياري الوحدة والانفصال. ويؤكد د. كمال عبيد أمين امانة الاعلام بالمؤتمر الوطني انه من المناسب والمفترض ان تكون لكل المترتبات على فصل اي جزء من بلد ما واردة في قانون ينص على هذه المترتبات (السياسية والاجتماعية والاقتصادية والامنية) بوضوح، أما في الجوانب الاقتصادية لابد من النظر للديون الخارجية والاستفادة من الموارد المشتركة التي تحققت خلال فترة الوحدة، ولابد من النظر فيها حتى تمكن الناخب الجنوبي من التقرير بشأن الوحدة او الانفصال ولكن الحركة الشعبية ترفض النظر فيها بينما هي من المسائل الموضوعية في ترتيبات مرحلة ما بعد الاستفتاء ولابد من النظر فيها بدراسات عميقة واردف: (الحركة الشعبية غير مستعدة للنظر في هذه المترتبات، وتتعامل بتكتيكات لا علاقة لها بهذه القضايا الموضوعية والمصيرية والتي تتطلب النظر فيها بوضوح بعيداً عن التكتيكات المرحلية والاجندة الخارجية وحتى تساعد الجنوبيين على تحديد الخيار الأرجح للوحدة او الانفصال). النقاط المشتركة وحول نقاط الالتقاء المشتركة بين الشريكين (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) لتجسير هذه الهوة والخلافات بشأن قانون الاستفتاء يقول د. عبيد لابد من قا نون واجراءات تحدد بوضوح ماذا يحدث اذا كانت الوحدة او الانفصال وكيف تعالج القضايا هذه في الحالتين؟ كما هنالك تجارب عالمية للانفصال تحدد بوضوح هذه القضايا فضلا عن ان اتفاقية السلام والدستور الانتقالي حددا بوضوح كيف يمكن استكمال الوحدة في الفترة الانتقالية فهذه القضايا محسومة بدرجة كبيرة في الاتفاقية والدستور ولكن السؤال الذي يطرح نفسه والحديث لدكتور عبيد: هل لدى الحركة الشعبية القدرة على ادارة دفة الحكم بالجنوب؟ وهل تستطيع ضبط الامن لا سيما وانه الآن نشهد تفلتات امنية كبيرة بالجنوب؟. تداعيات الانفصال وحول مخاطر وتداعيات الانفصال الاقتصادية على الجنوب والشمال قال د. عبيد لابد من النص بوضوح على الترتيبات الاقتصادية في قانون الاستفتاء، ولكن الشمال تمكن من الاستقرار وقادر على الاستجابة لكل المعطيات سواء الحرب او غيرها كما توجد دولة مستقرة عندها امكانيات تساعدها في الخروج من الأزمة مبيناً في هذا الصدد ان الحكومة استطاعت ان تخرج من تداعيات الأزمة المالية العالمية التي أثرت على كل اقتصاديات الدول بأقل الخسائر، ولكن السؤال والحديث لدكتور عبيد هل استطاع الجنوب الخروج من هذه الأزمة؟! نصائح للحركة واضاف: صحيح هنالك علاقات سياسية واقتصادية بين الجنوب والدول الافريقية ولكن قطعاً الجنوب سيتأثر سلباً بالانفصال لا سيما وانه - أي الجنوب - فشل في الوفاء باستحقاقات السلام وتابع: (لذلك النصيحة التي نسديها للحركة الشعبية ان تتعامل بدرجة عالية من المسؤولية بعيداً عن التكتيكات والمناورات والاجندة الخارجية في هذه القضايا المصيرية). رؤية شاملة لكن يبدو أن للخبراء رؤية شاملة تستوعب كافة الخيارات حيث يرى الخبراء ضرورة النص بوضوح على المترتبات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والامنية للانفصال في قانون الاستفتاء مع ضرورة الاستفادة من التجارب العالمية والقانون الدولي خاصة تجربتي انفصال الهند وباكستان، واثيوبيا واريتريا بجانب وفاء الشريكين بما نصت عليه اتفاقية السلام والدستور من اجل جعل الوحدة خياراً جاذباً. ويؤكد د. محمد سر الختم الخبير الاقتصادي المعروف انه اذا حدث انفصال ستكون تداعياته على الطرفين وأردف : (ولكن المتضرر الاكبر سيكون الجنوب خاصة وانه يفتقر لهيكل اقتصادي واضح مرتبة فيه القطاعات الانتاجية وهذا من شأنه ان يربك الاداء الاقتصادي مما يضطر حكومة الجنوب إلى اللجوء إلى القروض الاجنبية، كما ان الثروة النفطية ناضبة فضلاً عن أن بقية الثروات بالجنوب استغلالها لا يتم بسرعة نتيجة لعدم توافر البنيات الاساسية بالاقليم. واضاف : اما بالنسبة للشمال الضرر ليس كبيراً خاصة وان الهيكل الاقتصادي واضح بينما المكسب ان الموارد في الجنوب تزيد من الدخل القومي والانفصال يحرم السودان من هذه الموارد ولكن ليست مؤثرة خاصة وانه بحكم قرار محكمة لاهاي فإن جزءاً كبيراً من موارد البترول سيكون في الشمال، بالاضافة إلى موارد اضافية ناتجة من الرسوم التي ستحصل على تدفق نفط الجنوب عبر الشمال الى ميناء بورتسودان كما سيدفع الانفصال حكومة الشمال لا ستخراج النفط وحسن ادارة الموارد المتاحة وتهيئة مناخ الاستثمار وايقاف الصرف الاتحادي على الجنوب والذي كان يشكل عبئاً على الشمال حتى في ظل الحرب. مخاطر واردة لكن د. سر الختم اكد ان هنالك مخاطر واردة للانفصال في مقدمتها عدم الاستقرار الامني على الحدود الطويلة بين البلدين، وتفجر نزاعات داخل الجنوب ستؤدي إلى ان تصبح (خميرة عكننة) خاصة عندما لا يكون الجنوب قادراً على بناء دولة سيتجه نحو الحرب مع الشمال بإدعاءات عديدة حتى ولو تاريخية. ويعضد د. سيد علي زكي وزير المالية السابق من القول بوجود مخاطر حقيقية للانفصال على الجنوب والشمال على حد السواء أجملها في تفجر الاوضاع على الحدود بين البلدين في مناطق التماس، والصراع على الموارد الطبيعية بين القبائل الحدودية والرعاة، كما يحدث بين اثيوبيا واريتريا، والنزاع حول النفط على غرار الحرب العراقية الكويتية التي فجرتها آبار النفط، وتحمل الديون الخارجية التي تفوق ال «33» مليار دولار، ومصير بقاء الجنوبيين في الشمال، والشماليين بالجنوب والتي ستكون قضية معقدة اكثر من الاستفتاء، بجانب قضية مياه النيل وفقدان الجنوب لموانيء التصدير والصراعات القبلية التي ستتفجر بالاقليم. ودعا د. زكي الى ضرورة ابرام اتفاقيات اقتصادية واضحة تضمن المصالح المشتركة وتعزز الروابط الاقتصادية عبر الطرق البرية والسكة الحديد والنقل النهري وخطوط الكهرباء، والاتصالات والمحافظة على الانصهار العرقي لتقوية علاقات الارحام بين الشمال والجنوب. وتابع: (نأمل في استقرار ولكن الله يكضب الشينة) خاصة وان هنالك بؤراً ملتهبة وفرصاً كثيرة لتفجر الأزمة والحروب لا سيما وان الجنوب ليس لديه حدود مستقرة وهنالك صراعات بين المورلي والدينكا وبؤر للتوتر بجنوب كردفان التي أصبحت مواردها مقسمة الى قسمين في منطقة جبال النوبة جزء تابع للحركة الشعبية وجزء تابع للشمال وهذه المناطق تعاني من نقص في الغذاء ويتأثر به الطرفان بجانب مشكلة مياه النيل والتي أخطر ما فيها ان تكون هنالك دولة ضعيفة وبها عدم استقرار تتأثر به ايرادات مياه النيل بالاعتداء عليها خاصة وأن هنالك من يسعون لخلق عداء فضلا عن النزاعات حول الحواكير والصراع على الموارد بين القبائل الحدودية والجنوبية فيما بينها مثل المورلي والدينكا.