سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
محامي صدام .. خليل الدليمي «للرأي العام»(2) .. عند الحكم بالاعدام .. هتف الرئيس لفلسطين والعراق والامة العربية توقيت الاعدام في عيد الاضحي قصد منه الامريكان اكثر من رسالة
المرحلة الأخيرة من حياة الرئيس الراحل صدام حسين تكاثرت حولها الروايات، لكونها شهدت أحداثاً جسيمة تعاقبت على المشهدين العراقي والعربي بسرعة حبست الأنفاس وأثارت إنفعالات متناقضة، منذ بدء المعارك، مروراً بسقوط بغداد، وإنتهاء بمشهد إعدام الرئيس صدام صبيحة عيد الأضحي، وكان الأستاذ خليل الدليمي رئيس هيئة الدفاع عن صدام حسين قريباً جداً من الرئيس أثناء مرحلة إعتقاله بحكم توليه مهمة الدفاع عنه وكونه المحامي الوحيد الذي حظى بلقاءات خاصة منفردة مع الراحل، وألتقت به (الرأى العام) ليحدثنا عن كيفية القبض على صدام، وقصة (الحفرة) التي قالت أمريكا إنهم وجدوه فيها، وخفايا تلك المحاكمة الشهيرة، واللحظات الأخيرة للرئيس الراحل، وموقفه من الزعماء العرب، ومعاملة الأمريكيين له داخل المعتقل، وعن مصير أموال العراق وعلمائه، والحياة السياسية بعد الإحتلال. ------------------------------------------------------------------------------------- س: وكيف تمت مداهمتهما؟ أيضاً من المقربين. س: أريدك أن تحدثني عن لحظة الإعدام، أولاً لحظة النطق بالحكم كيف استقبلها الرئيس الشهيد، وبعد ذلك الإعدام بخطواته المعروفة؟ قبل أن ندخل للحكم إلتقينا بالرئيس، وكان اللقاء في قاعة المحكمة قبل بدء المحاكمة بيوم في 4/11/2006 ، كان احتمالان يدوران في أروقة المنطقة الخضراء، الأول أن يصدر حكم مخفف على الرئيس ورفاقه ويعدم برزان وعواد البندر، الاحتمال الثاني الذي كان يؤيده التيار الأمريكي والتيار الإيراني الذي كان يريد إعدام الجميع، بلغ إلى مسامع الرئيس ما يدور في أورقة المنطقة الخضراء بأن الرئيس سيصدر بحقه حكماً مخففاً وأن الإعدام سيطال برزان وعواد، وفقاً للرغبة الأمريكية، وأن الرغبة الإيرانية هي الإعدام، ضحك الرئيس عندما سمع ذلك وقال: لا تبتئسوا إذا أجلوا النطق بالحكم، ولا تبتئسوا إذا صدر الحكم بالإعدام، ولا تفرحوا إذا صدر حكم مخفف، هذه لعبة ومسرحية والقرار قرار سياسي وأنتم أديتم دوركم ويزيد، حتى أن الرئيس قال : إننا كبرنا بكم أيها المحامون الأبطال وأنتم كبرتم بنا، وفي اليوم الثاني عندما دخلنا قاعة المحكمة وحدث ما حدث من استفزازات، تلقي الرئيس القرار بكل رجولة وشجاعة وصبر، وجاء القرار بالهتاف باسم فلسطين والعراق والأمة العربية حتى أن القاضي إرتبك. س: حدثنا عن لحظات الإعدام؟ قبل الإعدام بثلاثة ايام قام الأمريكيون بأخذ جهاز الراديو الذي أرسلته عائلة الرئيس له، حدث للرئيس نوع من الالتباس والاستفهام، وبدأوا يأخذون منحى آخر أكثر حذراً في التعامل معه، يوم 26 اتصل بي الجانب الأمريكي، طاقم الإرتباط الذي قوم بحماية المحامين وإيصالنا إلى المحكمة وبالعكس، وأبلغوني وطلبوا مني أن أرسل أي شخص مخول مني لاستلام متعلقات الرئيس، استفسرت منهم قبل أربعة ايام من الإعدام وقلت لهم هل في الأمر شيء فأجابوا لي أن كل شيء قد انتهي وطلبوا مني عدم التوجه إلى بغداد وقالوا لي بالحرف إنك إذا جئت إلى بغداد فإننا نستطيع أن نؤمن لك الحماية الشخصية لكن لا نستطيع أن نؤمن لك الحماية القضائية، فعرفت أن ما وراء الأكمة ما وراءها، وألح زملائي علي كي لا أتوجه من عمان إلى بغداد وكرر الأمريكيون أنهم لن يستقبلونني في بغداد، أرسلت ثلاثة من زملائي إلى الرئيس، عراقيين وثالث عربي، وأعطيتهم رسالة خطية إلى الرئيس رحمه الله، وبعدها..حدث ما حدث... س: ما فحوي تلك الرسالة؟ إعتذرت له أولاً عن عدم حضوري وبينت السبب، وكان متفهماً لذلك، وأكدت له أن عائلته ستبقى أمانة في عنقي وسأبقي له إبناً بارا ما دمت حياً، وأثرت هذه العبارات في الرئيس وأرسل لي في ذلك اليوم قصيدة من تأليفه. س: هل تتذكرها؟ اذكر شطراً منها قال فيه : أصيل خليل ليس له بديل..وكانت قصيدة طويلة ومؤثرة.. س: لحظة الإعدام، من كان حاضراً وكيف تم؟ كان ضباط المخابرات الإيرانية حاضرين، وكل قادة الميليشيات الصفوية، ومنعوا كل المحامين من الحضور بمن فيهم أنا، كان يفترض أن أكون حاضراً في تلك اللحظة وفقاً لكل القوانين لكنهم منعونا، وكانت أسباب المنع واضحة ومعروفة. س: من قادة الميليشيات الذين حضروا الإعدام؟ المالكي، والعسكري.. س: هل حضر مقتدى الصدر؟ بالتأكيد.. س: من الذي هتف، سمعنا هتافاً؟ أتباع مقتدي.. س: كان الرئيس قد أوصى بتسليم مصحفه الخاص لابن عواد البندر هل حدث هذا؟ الرئيس كان يعتز بهذا المصحف وحدثني عنه منذ أول لقاء، وطلب من المدعى العام مطلق الفرعون أن يسلمه لابن عواد البندر لأنه كان موجوداً في المنطقة الخضراء لمقابلة والده، ليسلمه ابن البندر لعائلة الرئيس، وفعلا قام المدعي بتسليم المصحف لابن عواد وسلمه بدوره لعائلة الرئيس. س: حدثنا عن إعدام برزان، كيف تم وكيف تم فصل رأسه عن جسده كما جاء في الإعلام، هل كان إعداماً طبيعياً؟ لم يكن إعداماً طبيعياً، قام ضباط المخابرات الإيرانيين بالتحقيق مع برزان ومن ثم قيدوا يديه ورجليه وذبحوه بالسكين، وعندما أرسلت الجثة إلى تكريت طلبنا فحص الجثة بواسطة لجنة من الأطباء وزودونا بتقرير يؤكد أنه ذبح بآلة قاطعة. س: هذا لم يحدث للرئيس طبعاً؟ لولا تخوف الأمريكان والفضيحة لقاموا بقطع رأسه وفصله عن جسده. س: توقيت الإعدام في عيد الأضحى؟ كان فيه أكثر من رسالة، إهانة الزعماء العرب، إهانة المسلمين، والاستخفاف بمشاعر المسلمين، وكانت إيران متفقة تماماً مع الولاياتالمتحدة على ذلك. س: جرت محاولات عديدة لإغتيالك، حدثنا عن عددها، وعن أبرزها وكيف نجوت؟ رأى الإحتلال وقادة المليشيات أن عمل المحامين بدأ يغير المعادلة، كان لنا ثلاثة أهداف، فضح المحكمة من داخلها، والتواصل الإنساني مع الرئيس، وأن يعرف الغزاة بأن الرئيس ليس وحده في الساحة، معه العراقيون من خلالنا ومعه العرب من خلال زملائنا العرب ومعه العمق الإنساني من خلال المحامين الدوليين من أمريكا واوروبا، عندما رأت المليشيات وأمريكا ذلك بدأوا باغتيال الأستاذ عادل الزبيدي رحمه الله، وبلغ عدد محاميي هيئة الدفاع الذين تم تعذيبهم ثم قتلهم خمسة أشخاص، وبعد أن بدا لهم أنني انتمي لقبائل الدليم القوية واعطي للرئيس زخماً حاولوا إغتيالي وبلغت محاولات تصفيتي ثلاث عشرة محاولة نجوت منها بأعجوبة. س: من الذي قام بهذه المحاولات؟ قامت بها حكومة الاحتلال وقادة الميلشيات تقودهم المخابرات الإيرانية وبرضاء أمريكي. س: ماذا عن القضاة؟ كانوا ثلاثة..جميعهم أكراد.. س: تم إختيارهم بدقة، ومواصفات خاصة؟ نعم، إختيار قاضي مخبول لمحاكمة زعيم عربي كبير كالرئيس صدام هو للتقليل من شأن الرئيس، ونوع من الإهانة، وأي قاضي يقبل دخول هذه المحكمة ليحاكم رئيسه تنكر لأخلاقه المهنية والشخصية والقسم الذي أداه بعدم خيانة الدستور. س: هل كوفئوا عقب هذه المحاكمات؟ مهما كوفئوا فإن الآخرة تنتظرهم. س: أين هم الآن، لماذا هربوا من العراق؟ الأول هرب إلى لندن وطلب اللجوء، ثم عاد إلى طهران وأختبأ في أحد فنادقها لمدة شهر، ثم عاد إلى المنطقة الخضراء حيث يختبئون هناك. س: متى كان آخر لقاء لك بالرئيس وماذا دار فيه؟ كان قبل الإعدام باسابيع.. س: هناك حديث عن أموال كثيرة هربت وسربت ايام الاحتلال، من الذي هرب هذه الأموال؟ الأمريكان عندما أتوا للعراق لم يحموا إلا وزارة النفط وهذه معروفة، وتركوا حتى متحف الآثار جوارها بلا حماية، شجعوا على السرقة والنهب وسرقوا بأنفسهم مليارات الدولار وخير شاهد ما صرفه بول بريمر الذي استطاع سرقة 13 مليار دولار دون رقيب أو حسيب، بخلاف 128 مليار دولار صرفت من قبل الجيش الأمريكي، ليس مستغرباً عندما تفتح حدود بلد لكل من هب ودب أن تسرق أمواله. س: هل كان الأمريكان والمحكمة يسمحون للرئيس أن يلتقي بقياداته؟ عندما يأتون للمحكمة يسمحون لهم بلقاء بعضهم البعض في الزنزانة.. س: يتجاذبون أطراف الحديث؟ بالتأكيد.. وكذلك يلتقون في باحة المحكمة.. س: في الأسر..هل كانوا يفرضون عليه قائمة طعام محددة؟ سألته في هذا الاتجاه، ولم يشك من جانب نوعية الطعام، كانوا يعطونه طعام الأمريكي من الدرجة الأولي حسب إدعائهم، لكنه شكا من تقصير في بداية الإعتقال، وكنا وعائلته نزوده بما يحتاج من التمور وغيرها. س: هل قابلته أسرته؟ لا لم تقابله أسرته، لأنه رفض ذلك بشدة.. س: الآن من يقاتل حكومة الاحتلال والقوات الأمريكية؟ العراقيون.. س: أية شريحة من العراقيين؟ كل العراقيين.. س: هل هناك وجود للقاعدة؟ أعتذر عن الإجابة.. س: هناك تنظيمات إسلامية بالطبع؟ أعتذر أيضاً.. س: محمد سعيد الصحاف، كان وزير إعلام ناجحاً قاد المعركة بحنكة، يقال أن بوش كان معجباً به، هل هذا ما مهد الطريق للصحاف كي يخرج دون محاسبة؟ لا أعرف مقدار صحة هذا الكلام، ولا أعتقد أن العدو يرأف بأحد، لكن الأستاذ الصحاف شخصية عراقية وطنية وفذة، وهو عروبي شجاع.