منذ ان شهد العالم الازمة المالية في العام 2008م، ودول العالم قد اصابها الهلع وذهبت تبحث عن نجاة لإقتصادياتها ومن ضمن هذا (البحث) التفكير في قيام تكتلات اقتصادية جديدة تضمن للدولة العيش في مجمعات قد تحميها من انفراد الفيروس بها. وهذا الوضع المخيف ادى الى نشوء جوٍ من الاستقطاب الاقتصادي بين دول العالم في مختلف مستوياتها الفنية والنامية والفقيرة، الأمر الذي ادى الى قيام المزيد من التكتلات الاقتصادية على رأسها تكتل أو تجمع (دول الثماني) ثم يليه تكتل أو تجمع (دول العشرين) ثم التكتلات القارية الاخرى مثل تجمع (البحر الابيض المتوسط)، أو ما يسمى (بالمتوسطي) وتجمع (دول ال «77») أو دول الافريقية الباسيفيكية الكاريبية وتجمع دول (الاسيان) الذي نشط اخيراً بعد الازمة المالية والتجمع الذي يجمع (الصين) مع (افريقيا) وعدد كبير من التكتلات يصعب حصره لضيق المساحة. وكان آخر هذه التكتلات أو التجمعات هو تجمع (امريكا الجنوبية) و(أفريقيا) الذي انعقد في فنزويلا الايام القليلة الماضية ومثل فيه السودان وفد رفيع برئاسة نائب الرئيس. وهذا التجمع الجديد يتوقع له ان يفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي والتجاري بين السودان ودول امريكا الجنوبية، وهذا في حد ذاته نجاح للسودان في ظل الاستقطاب الحالي. ماذكر سابقاً هو دليل مادي على ان الازمة المالية العالمية قد زادت من الاستقطاب الاقتصادي نتيجة لمساهمتها في تقسيم العالم تقسيماً حاداً، اقتصادياً وسياسياً. تقسيم مبني على عدم الرضاء وعدم العدل في تقاسم الفرصة في التجارة الدولية، الأمر الذي ادى الى قيام شعور بعدم الثقة بين الدول الغنية والدول النامية من جهة وبين الدول الغنية ايضاً والدول الفقيرة من جهة اخرى. هذا الشعور بعدم الرضاء وبعدم الثقة هو الذي ادى الى (الاستقطاب). فالبحث عن تكتلات تحظى (بالندية) و(الثقة) كان هو هدف الدول النامية وهدف الدول الفقيرة على حد سواء فيما بينهما، لذلك نشطت وقامت التكتلات الجديدة بينهما وخير دليل كما قلت التجمع الافريقي الامريكي الجنوبي الاخير، ومازالت الساحة حبلى بالتكتلات طالما ان الدول الغنية تمارس سياسية اقتصادية تقوم على عدم (الندية) في التجارة الدولية. إذاً، فإن الخلاصة هي ان العالم بات يعيش حالة من التشرذم الاقتصادي، قائم على (الحب) و(الكراهية) (like and dislike). فأنت تتكتل وتجتمع بمن (تحب) أو تثق فيه وتبتعد عن من (تكره) ولا تثق فيه وهذه هي الصورة الحقيقية الماثلة الآن بين الدول الغنية والدول النامية والدول الفقيرة. فالدول الغنية الآن تتكتل فيما بينها حسب (مصالحها) وحسب (نديتها) والدول الاخرى تتكتل فيما بينها ايضاً حسب (نديتها) وحسب (ثقتها) تحقيقاً لمصالحها وهكذا العالم دواليك.