صورة قاتمة رسمتها الأممالمتحدة أمس الأول لأوضاع اللاجئين السودانيين العائدين من دول الجوار إلى أراضيهم بجنوب السودان، صورة لوحتها الفقر مرسومة بألوان من الجوع والبؤس. ويقول بيتر ديكليرك المفوض السامى لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن حوالى 2،5 ملايين نازح عادوا إلى ديارهم فى جنوب السودان بعد قضاء سنوات فى معسكرات اللجوء فى كل من كينيا، ويوغند،ا والكنغو، ولكن يقول بيتر إنهم عادوا وكلهم أمل فى أن يجدوا الأمن والإستقرار والمأوى والمسكن بعد معاناة إستمرت لسنوات إبان الحرب ولكن واقع الحال يقول إنهم استجاروا من الرمضاء بالنار عندما واجهوا الجوع والمرض وفضلاً عن ذلك فقدانهم لأراضيهم اى ان العائدين وفقاً لبيتر وجدوا أراضيهم قد تم الإستيلاء عليها وعادوا ولسان حالهم يقول (إن مابقى عليهم هو الميتة وخراب الديار). يقول علماء الإجتماع إن الضمان الوحيد لأمن وإستقرار المواطن هو توفر الضمانات الإجتماعية المتمثلة فى الماء والغذاء والصحة والتعليم ودون ذلك لايمكن ان يضمن أحد الأمن والاستقرار. وهذا ما أشار اليه بيتر ديكليرك بقوله فى المؤتمر الصحفى امس الاول إن عودة ( 2،5) ملايين نازح إلى جنوب السودان مؤشر قوي على الثقة التي يحظى بها اتفاق السلام الشامل . ونحن «نفخر بأننا ساهمنا في العملية الإيجابية لجني ثمار السلام من خلال برنامج العودة الذي قمنا بتنظيمه» . ولكن التحديات التى تواجه العائدين من اللجوء مقلقة و تحتاج لمجهودات وإمكانيات من مجتمع دولى كامل وليس حكومة بقامة حكومة الجنوب فقط وتتمثل هذه التحديات فى الصراعات القبلية التى تحول دون الإستقرار والتى سببها فقدان اللاجئين لأراضيهم فضلاً عن المناوشات المتقطعة التي تنشأ بين مختلف الجماعات فى الاقليم ، ورهن بيتر الحل بتوفرالخدمات الضرورية وإيجاد فرص العمل للعودة المستدامة لجنوب السودان ورصدت المفوضية فى تقريرها امس الاول حوالى (18000) لاجئ سودانى لايزالون عالقين فى الحدود مع الكنغو بينما بالداخل حوالى (68000)نازح احتوتهم منطقة الإستوائية بسبب هجمات جيش الرب. وتقول الأممالمتحدة إن عمليات العودة الطوعية فى الجنوب تحتاج لوقفة عاجلة من المجتمع الدولى وذلك بتوفير الضمانات الاجتماعية وتوفير سبل العيش ودعت المفوضية حكومة الجنوب لاستعجال وضع قوانين وآليات تنظم بها العودة الطوعية وأخرى تحفظ بها الأمن وسيادة القانون وتحول دون إنتشار الصراعات القبلية. ودعا بيتر فى حديثه المنظمات التابعة للأمم المتحدة أمثال برنامج الغذاء العالمى، واليونسيف للإطلاع بدور مهم وتكثيف الجهود فى مناطق الإستوائية التى ظلت تستقبل أكبر أعداد من اللاجئين والنازحين فى السودان . وعلى العكس من التقارير التى تشير إلى أن السودان من أكبر دول العالم تصديراً للنازحين جدد بيتر معلومات كانت سائدة فى ثمانينات وتسعينات القرن الماضى أكد فيها أن السودان أيضا أكبر دول العالم استقبالاً للاجئين وقال فى تقريره إن السودان ياوى حوالى (181000) من اللاجئين على أرضه معظمهم قادمون من شرق افريقيا وعلى وجه الخصوص من دولتى أثيوبيا وارتريا وأضاف إن هذا الاقليم يعد من أقدم أقاليم اللجوء فى افريقيا والذى بدا قبل أكثر من أربعين عاماً، ويستقبل السودان بحسب التقرير شهرياً حوالى (1800) ويقول بيتر إن الفئات التى لجأت للسودان مؤخراً من الإستحالة رجوعهم مرة أخرى إلى بلدهم وذلك لما تعانيه مناطقهم من فقر فى التربة ونقص فى الغذاء.ولكن بيتر يرى أن مايعانيه لاجئوا ارتريا واثيوبيا فى شرق السودان هو نفس ما يواجه معظم أهل المنطقة من فقر حاد، وجفاف ومجاعة وعدم توفر الرعاية الصحية ومياه الشرب والتعليم والبطالة وتقلص المراعى وقال ما يعانيه اهل الشرق لايعانيه النازحون فى دارفور وفى الجنوب إذ أن الدارفوريون والجنوبيون يتمتعون بإهتمام كبير من المجتمع الدولى ومنظماته الإنسانية بخلاف شرق السودان الذى يحتاج الى نظرة جديدة من المجتمع الدولى والإهتمام به.وأكد بيتر أن المفوضية السامية للاجئين تضع فى برامجها وخطتها فى المرحلة المقبلة الإهتمام الكبير بأمر اللاجئين والنازحين فى شرق السودان وذلك من خلال تأهيل البنيات التحتية وايجاد حلول عاجلة لمشاكل النزوح واللجوء بالشرق .وحول دارفور أشاد بيتر بإنخفاض العنف الذى يشهده الإقليم وقال نتمنى أن تنتهز الحركات المسلحة والحكومة هذه الفرصة وأن تكون المفاوضات القادمة بمثابة آخر فصل من معاناة أهل دارفور.