مصر (23) يوليو على مدار الزمان السياسي كانت أحد عناوين المعارضة السودانيّة، لم تكن مقرّا لها ولكنّها كانت ممرّاً، وهي كذلك في مصر 25 يناير! في سنوات الرئيس عمر البشير التي تطاولت مع سنوات الرئيس حسني مبارك كانت مقاهي القاهرة هي مقاهي المعارضة السودانية، بل إنّ واضعي التاريخ الأدق للتجمّع الوطني المعارض يقولون إنّ مولد التجمّع الأصلي كان حي المهندسين بمحافظة الجيزة... ومع ذلك أغمضت الانقاذ عينها عن العمل المعارض ولم تعترض عليه عَلَناً أو سِرّاً مع الحكومة المصريّة، رُبّما كانت تتذكّر انّها خدعت حسني مبارك عندما أظهرت له بطاقة مُزوّرة عن انقلاب 30 يونيو! فعلت الخرطوم الشئ ذاته مع القذافي عندما صنع العدل والمساواة في جماهيريّته ومع ذلك لم تحتج الانقاذ على ذلك لا بالصوت ولا بالصورة، فعلت الانقاذ مع طرابلس ما فعلته مع القاهرة، فضيلة الصمت... بل كانت صحف القاهرة تكيل الاساءة للإنقاذ لكنّ مقص الرقيب لصحافة الخرطوم كان يقص كل اشارة طاعنة لحسني مبارك، أمّا القذافي فقد كان الرقيب يرسل الاشارة لرؤساء التحرير: اجتنبوا سيرة العقيد المؤذي! نقلت الوكالات الخبريّة أنّ سفير السودان بالقاهرة قَدّم احتجاجا للخارجيّة المصرية على استقبالها عناصر من العدل والمساواة، وسمع وفد حزب الحرية والعدالة بقيادة الكتاتني في زيارته للخرطوم من المؤتمر الوطني ذات النبرة، ونفى سعد الكتاتني حدوث ذلك، أمّا الخارجية المصرية فقد قالت للسفير السوداني : خيرٌ لكم أنْ تستقبل مصر العدل والمساواة من أنْ يستقبلها غيرها! السودان يقدّم احتجاجاً مُغَلَظاً للحكومة المصريّة ليس لأنّ ّحزب الحرية والعدالة هو الذي يحكمها ولكنْ لأنّه يظن أنّ الدولة (العميقة) في مصر لم يعد لها وجودٌ ، لذلك ربّما يرى آخرون أقل تَعقّلاً أنّ هذا هو التوقيت المناسب لفتح ملف حلايب، حبايب سابقاً! الشاعر السوداني الغنائي حسن عوض ابو العلا عندما بُترت ساقه في مصر قال: فيك يا مصر أسباب اذاىَ، والسفير السوداني بالقاهرة دُونَ أنْ تُبتر ساقه قال للخارجية المصريّة : فيك يا مصر أسباب أذى الانقاذ!!