مثلما ابتسم الجنيه بتراجع الدولار أمامه بفعل اتفاق المصفوفة ابتسمت قبيلة الرزيقات بعودة ثلاث نسوة كن أسيرات لدى الجيش الشعبي وكان التفاوض بين القبيلة والجيش الشعبي يتأثر بسوء وتحسن العلاقة بين الدولتين بالإضافة الى تباين وجهات النظر بشأن الممثلين من كل طرف ، فكانت حكومة الشمال ترى ان تتم عملية التبادل بواسطة السفارتين في جوبا والخرطوم اما حكومة الجنوب فترى ان التفاوض والتبادل عبر الادارة الأهلية للرزيقات وسلاطين دينكا ملوال . بعودة النسوة غمرت الفرحة القبيلة بشكل عام وبطن ( النوايبا ) بشكل خاص و (أولاد جمول) بوجه أخص وفي محلية الفردوس بولاية شرق دارفور اختلطت الأصوات بكاء الرجال ونواح النساء والبنادق كتعبير عن الفرحة بقدوم (صغيرة ابراهيم المهدي وإخلاص البشير عبد الرحمن وخادم النبي عبد الرحمن وستة من الأطفال ) . أشرقت شمس اليوم الثاني من فبراير الماضي كعادتها دون ان تشعر النسوة بما يخبئ لهن القدر وتقول (صغيرة ابراهيم )إحدى الأسيرات ل(ولايات) في ذلك اليوم ذهبنا لجلب الماء من مورد المياه ( العد) في منطقة بلبلة جنوب بحر العرب ولأن الغابات كثيفة لم نر شيئاً حتى تفاجأنا بحوالي ثلاثين فرداً مسلحين مشاة وما كنا نعتقد أن هنالك شرا يصيبنا من أؤلئك المسلحين إلا ان المسلحين طلبوا منا بلهجة قاسية التوقف بقولهم (ثااااااابت) وانصياعاً لتلك الأوامر توقفنا أنا ورفيقتي إخلاص البشير وأطفالنا الأربعة ، وفي الأثناء وقعت ابنتي ذات الأربع سنوات من ظهر الحمار الذي كانت تركب عليه من الخوف ، وأضافت مباشرةً طلبوا منا ان نذهب معهم ورفضت رفيقتي اخلاص الذهاب معهم فأطلقوا النيران من أسلحتهم تجاه ابنائنا الذكور وقالوا لنا اذا لم تذهبن معنا قتلنا أولادكن ، وخشية قتل أبنائنا ذهبنا معهم الى حيث يرغبون وفي طريقنا قابلنا الأسيرة خادم النبي عبد الرحمن هي وأطفالها في طريق المورد ايضاً وثم مررنا بصاحب دكان من باديتنا وكان نائماً وعندما استيقظ من النوم حاول جاهداً المقاومة ولكن قبل ان يصل الى سلاحه تم قتله وسلب سلاحه ، - ولايزال الحديث للأسيرة صغيرة - ثم توجهوا الى معسكرهم فى منطقة (كدكي) وفيه تم تسليمنا الى قائد المعسكر الذي أحسن معاملتنا بعكس معاملة الجنود التي كانت قاسية فيها سب وإساءة وقام القائد بتقديم الطعام لنا ولأبنائنا وتم حبسنا لمدة أربعة أيام وفي اليوم الخامس نقلنا فجراً الى معسكر (تمساحة) وعند وصولنا المنطقة سمعنا تبادلا لإطلاق النار مما اكد لنا هجوم أهلنا على المعسكر وفي (تمساحة) كان التعامل أفضل إذ منحنا بالإضافة الى الطعام بطاطين لان الوقت كان شتاءً وبعد ثلاثة عشر يوماً تم ترحيلنا الى قائد معسكر (راجا) الذي بدوره سلمنا الى والي ولاية غرب بحر الغزال ورحب بنا الوالي وأعطانا ملابس و مبالغ نقدية وكل هذه الفترة كنا محبوسات في غرفة مغلق بابها من الخارج بطبلة ويفتح لنا للحاجة فقط وبالتناوب ، وأضافت زميلتها خادم النبي عبد الرحمن ، كان القادة في كل المعسكر يطمئنوننا ويقولون : لن يمسكم الضر منا ، وانهم سيرجعوننا الى أهلنا في أقرب وقت ، وكنا نتوقع هجوم أهلنا على معسكر (كدكي) في كل لحظة وفي الصباح حوالي الساعة السابعة صباحاً تم ترحيلنا ، وأتى ودمر أهلنا المعسكر الساعة العاشرة صباحا في نفس اليوم ، ووصفت خادم النبي الرحلة بالشاقة والمحفوفة بالمخاطر ورأينا الموت جهاراً . إطلاق سراح الفتيات قال عاصم بخاري معتمد محلية الفردوس ل(ولايات) في وقت سابق حدثت معارك بين بادية الرزيقات والجيش الشعبي في منطقة بليلة ، وبدأت بهجوم من مسلحين من الجيش الشعبي على فريق الحاج ايدام محمود وتم قتله وثلاثة آخرين وأسر ثلاثة نساء بأطفالهن ورد الرزيقات بهجوم مضاد وفيه تم تدمير معسكر (كدكي) وأسر عدد من زوجات الجيش الشعبي ، وكونت لجنة برئاسة العمدة محمود خالد وعضوية آخرين بغرض التفاوض مع سلاطين دينكا ملوال بشأن تبادل الأسرى وبعد عدة اتصالات اتفق الطرفان على تحديد موقع لتبادل الأسرى عدد (15) من نساء الجيش الشعبي وثلاثة من نساء الرزيقات وأطفالهن الستة ، وقال عضو اللجنة محمد المهدي برام بمنطقة (كوك مشار) التقى الوفدان نحن بصحبة الهلال الأحمر السوداني و(15) أسيرة ووجدنا في المنطقة نائب والي غرب بحر الغزال ومعتمد المنطقة وبنات الرزيقات وبعد كلمات تنبذ الحرب وتدعو للسلام من جانبنا تحدث العمدة محمود خالد ومن جانبهم تحدث نائب الوالي وممثلة لجنة الصليب الاحمر وطالب نائب الوالي وفدنا بإرجاع 90 أسيرة أخرى مفقودات وتعهد العمدة محمود خالد بالبحث في البادية عن اي أسرى من الجيش الشعبي وفي حالة وجودهن سوف يتم إرجاعهن عاجلاً .