منذ توقيع مصفوفة تنفيذ اتفاق التعاون الشامل بين السودان وجنوب السودان في سبتمبر من العام الماضي بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا والتي شملت (9) اتفاقيات تعاون، بينها (5) اتفاقيات في مجال التعاون الاقتصادي، إلا ان تنفيذ هذه الاتفاقيات ظل يراوح مكانه، بل لم يقدم البلدان أي نموذج للتعاون وفقدا بذلك تقديم نموذج حقيقي او مثال حي يجسد هذا التعاون، بدليل ان أية اتفاقية من تلك الاتفاقيات التسع عندما تدخل حيز التنفيذ ويتفاءل البلدان بذلك، تظهر معوقات تعترضها وتجعلها في خانة المجمدة او المعلقة او في (حالة بيات) ، يصعب معه ان تجزم بان هذه الاتفاقية مجمدة او لم يتم تنفيذها او تم تنفيذها. وهنالك أدلة اخرى على فقدان تقديم النموذج او المثال الذي يجسد التعاون، وأولى هذه الأدلة كما بدا من خطوات حثيثة لتنفيذ مصفوفة التعاون في المجال الامني ،حيث حددت ايام لانسحاب جيشي البلدين من المنطقة المعزولة وبدأ بالفعل الجيشان في الانسحاب، ولكن حتى الان لم يستقر الوضع الامني في حدود البلدين بعد بدايات هذا الانسحاب، بل ظلت هنالك اتهامات لجوبا بشأن دعم حركات التمرد تسنده وثائق تم تسليمها عبر مبعوث الرئيس الى سلفا كير رئيس دولة جنوب السودان تؤكد تورط جهات بدولة الجنوب في دعم الهجوم على ام روابة واحتلال ابوكرشولا، ودليل آخر هو الخطوات التي صاحبت تنفيذ اتفاق تصدير نفط الجنوب وعبوره الاراضي السودانية وما تبعها من بدايات لضخ نفط الجنوب من حقول ثارجاس بولاية الوحدة عبر خط الصادر الغربي وتجميع النفط بمنطقة هجليج لمعالجته وتصديره، ولكن رغم وصول النفط الى مراكز التجميع بهجليج منذ اكثر من اسبوعين ،إلا انه لم يتم تصدير النفط حتى الان رغم جاهزية الخط الغربي للصادر خاصة وانه يتم عبره الان تصدير النفط المنتج بالسودان ، مما يؤكد عدم جدية جوبا في تنفيذ الاتفاق، ويعزز هذا القول بعدم الجدية ما ظلت تنشره وسائل الاعلام عن عدم تعاون الخرطوم في ملف تصدير نفط الجنوب وان جوبا بدأت تخفض الانتاج وستوقف عمليات الضخ اذا لم تتعاون الخرطوم، ليقدم د.عوض الجاز وزير النفط دليلاً عملياً على تعاون الخرطوم ويدحض اتهامات جوبا للخرطوم التي نقلتها وسائل الاعلام على لسان الناطق باسم وزير الخارجية بدولة جنوب السودان، حيث قدم د.الجاز الدعوة لوزير النفط بدولة الجنوب لزيارة السودان، وزيارة مواقع تصديرالنفط ليتأكد بنفسه من صحة استمرار تصدير النفط وليس توقفه كما تدعي جوبا عبر وزارة خارجيتها، لينكشف للعالم اجمع الحجج الواهية والتضليل الذي تسعى اليه جوبا لاتخاذ خطوتها القادمة والمبيتة بتوقف ضخ النفط وايقاف خطوات التصدير، بل كشفت قمة الرئيسين عمر البشير وسلفا كير التي عقدت امس الاول باديس ابابا على هامش الاحتفالات بالذكرى الخمسين لتأسيس منظمة الوحدة الافريقية، بان اتهامات جوبا للخرطوم باعاقة تدفق النفط باطلة وان السبب وراء تأخر خطي التصدير معاملة قوات الحدود بدولة الجنوب للفنيين السودانيين في الدخول او ادخال معداتهم وهذا ما وعد سلفا كير بالعمل على تذليله. اذن الخرطوموجوبا منذ سبتمبر من العام الماضي وحتى الان لم تقدما نموذجا او مثالاً حياً يؤكد جدية البلدين في تنفيذ اتفاقيات التعاون بينهما وحتى اتفاقيات التعاون بين البلدين والتوجيهات التي صدرت للبنوك السودانية باختيار بنوك مراسلة لتسهيل التحاويل المالية والتبادل التجاري ظلت ايضا تراوح مكانها، بل ان بنك ايفوري فرع السودان الذي سيتم افتتاحه اليوم كفرع بنك اجنبي يتبع لجوبا ويعمل بالخرطوم، سيظل رهين حالة المد والجزر التي تعاني منها تنفيذ اتفاقيات التعاون الشامل بين البلدين.