وأخيراً وقبل شهر فقط من المهلة التي أقرتها الحكومة السعودية لتقنين أوضاع الأجانب في المملكة توجه وفد من وزارة العمل الى السعودية للوقوف على حقائق أوضاع السودانيين هناك وتوفيق أوضاعهم. ليس هنالك حديث وسط تجمعات السودانيين هناك غير تأخر السلطات في التحرك من اجل معالجة قضايا عمالتنا المعقدة، شكاوى عديدة تعتمل في صدور أبناء بلدي وهم يتهيأون لمواجهة الإجراءات القادمة وسط بطء من قبل القائمين على الأمر في سفارتنا ووزارتنا المعنية بتوفيق أوضاع العمالة. حرصت كثيراً على متابعة أخبار الصحف أثناء وجودي في السعودية لمعرفة تطورات قضية توفيق الأوضاع التي تهدد ما يقارب ال «80%» من العمالة السودانية المقدرة بما يربو عن المليوني جنيه. كانت الوفود تتردد على المملكة من دول عديدة لتقنين أوضاع مواطنيها إلا السودان تأخر كثيراً في التحرك بعد أن مضى شهران من المهلة الممنوحة. بداية يوليو المقبل أي بعد أقل 24 يوماً سيواجه السودانيون متغيرات عديدة في أوضاع العمالة سعياً لمعالجة أوضاع المتخلفين والمخالفين لنظام الإقامة بالمملكة، لم أسمع عن أي جهد بذلته السفارة هناك للتعامل مع التطورات القادمة - هذه شكاوى المغتربين -. بين المغتربين من إخواننا السودانيين في المملكة قصص ومآسٍ أقرب إلى الخيال يعايشها بعض أبناء جلدتنا ممن قذفت بهم الظروف إلى مجاهيل الغربة فعانوا فيها كثيراً بسبب مخالفتهم لنظم الإقامة ولأسباب مرتبطة بمتغيرات عديدة وضعتهم في نصف الطريق.. فلم يستطيعوا أن يعيشوا بالقدر الذي يحميهم من سيف القانون هناك ولم يتمكنوا من العودة إلى السودان. لم نكن بحاجة الى أن تنبهنا المملكة العربية السعودية إلى فداحة الظروف التي يواجهها عددٌ كبيرٌ من السودانيين عبر إجراءات سعت في المقام الأول لحفظ حقوق العامل ولتقنين علاقته مع الكفيل بما يضمن استحقاقاته. لم تقصر المملكة وهي تمنح مهلة ربع عام لتصحيح أوضاع عمالتنا المنتشرة في أراضيها.. أخفقنا نحن في الانتباه إلى خطورة ما سيواجهه السودانيون المخالفون، وكالعادة لازم البطء حركتنا في أمر لا أعتقد أنه يحتمل كل هذه (الجرجرة). لقد رأيت بأم عيني السلطات السعودية وهي تعلي من سياسة التسامح خلال هذه المدة حتى يجد كل مقيم حظه من الانتشار بما يكفل له تصحيح وضع إقامته.. واسأل الله أن تتمكن حكومتنا من إنقاذ ما يمكن إنقاذه خلال (الكم وعشرين يوماً المتبقية) فأن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي.. ولكن يظل التقصير قائماً في التعامل مع قضية أساسية ومهمة تواجه شريحة مقدرة ومعتبرة من السودانيين الذين أشهد كذلك أنهم يحظون بمكانة كبيرة وسط الجاليات الموجودة في السعودية. تقريباً نحن الآن من آخر الحكومات التي تتحرك لتوفيق أوضاع عامليها في السعودية، سبقنا كثيرون إلى هناك مع تناقص أمل المهلة التي بدأت تلفظ أنفاسها الأخيرة و(ربنا يكضب الشينة).