ربما هو ضعف يتجاوز المعتاد في طبيعة مهمتها المرتبطة بالمخاطر ذلك الذي يسكن عروق القوات الاثيوبية لحفظ السلام المعروفة اختصاراً ب (اليونيسفا)، ليكون آخر عناوين ضعفها، وربما فشلها هو عدم قدرتها على الحفاظ حتى على حياة منسوبيها ومبانيها ازاء الاعتداءات المتكررة ليكون الإخفاق في الحفاظ على الممتلكات السودانية وتأمينها ضمن مهامها في خط الانبوب المفجر مؤخراً بأبيي في إطار مسؤوليتها الأمنية قبل يومين أبرز العناوين في هذا الإطار. بينما يرى مراقبون أن اليونيسفا تقوم بدورها بكفاءة وإقتدار. سيناريوهات الإخفاق المتكرر لقوات اليونيسفا، خصوصاً بعد تسببها في تفجير الاوضاع بابيي قبيل فترة بتركها لسلطان الدينكا كوال دينق يعرض نفسه لحادثة القتل المعروفة بتحركه في المساحات الخاطئة دون ترتيبات مسبقة، فتح باب الاسئلة حول مدى قدرة وامكانية هذه القوات في الحفاظ عملياً على السلام طالما حوت سيرتها الذاتية هذه التركة من الحوادث المتكررة. بعض التبريرات تذهب في اتجاه أن اليونيسفا كجهة تتعامل مع قضايا أكبر من خبراتها وتجربتها في ضبط حوادث الانفلاتات الأمنية، وأن ثمة قيودا مفروضه مسبقاً عليها بسبب المشكلات والصعوبات التي تتعلق بتنفيذ الاتفاقية وبقضية المنطقة ما دفع في وقت سابق لوكا بيونق، رئيس اللجنة السابق من الطرف الجنوبي إلى تقديم استقالته. قوات (اليونيسفا) تكونت بناء على قرار مجلس الأمن الدولي في يونيو من العام 2011م، إثر تفجر العنف بين الخرطوموجوبا، ودخول القوات المسلحة لأبيي وتأكيد السيطرة والسيادة السودانية عليها، ونص القرار حينها على تعدادها بحوالي 4000 جندي وامكانية زيادة العدد كحد اقصى لهذه القوة 4200 جندي، قبل أن يشهد 19 يونيو من العام الماضي التجديد لها، بناء على تقارير أداء القوات في مراقبة الأوضاع الأمنية على الأرض. ويبدو أن حادثة مقتل السلطان كوال كانت بمثابة ناقوس الخطر حول ضعف القوات الاثيوبية، واستشعرته المنظمة الاممية في وقت سابق، فبرزت مطالبة بان كي مون الامين العام للأمم المتحدة لمجلس الامن الدولي لإرسال 1126 جنديا إضافيا من قوات حفظ السلام الى منطقة أبيي المتنازع عليها بين جوباوالخرطوم، وبرر مطالباته حينها ان المنطقة تشهد معارك دموية بين مجموعات مسلحة، وأكد مون في تقرير لمجلس الامن على ان وجود مجموعات مسلحة في أبيي يشكل تهديداً ملحوظاً مما يستدعى تعزيز هذه القوة وزيادة عددها، وبدا حديث الرجل كأول رد فعل رسمي دولي على اشتعالات المنطقة واحتقاناتها عقب مقتل السلطان.. الخرطوم في سياق التزامها بالقرارات يبدو أنها منحت تلك القوات شعوراً بالثقة في قدراتها ، وبرز ذلك طبقاً للمراقبين من تعاون الخرطوم مع هذه القوات ، وكانت آخر حلقات التعاون تسليم الحكومة السودانية خطاباً يؤكد خلو المنطقة الواقعة جنوب خط الأول من يناير 1956 من أي قوات سودانية وذلك وفقاً لاتفاقية الترتيبات الأمنية في بندها الخاص بالانسحاب الفوري لكافة قوات البلدين من المنطقة العازلة جنوباً وشمالاً ضمن ما يعرف بالمصفوفة الموقعة بين السودان وجنوب السودان. اختلاف التقييمات حول أداء القوات الاثيوبية وقدراتها ، بدا العنوان الابرز في أحاديث الكثيرين ل(الرأي العام) يذهب النور أحمد ابراهيم عضو لجنة التعبئة السياسية بالمرحال الشرقي، الى أن القوات الاثيوبية تستطيع اذا أرادت كبح شبح الحرب في المنطقة وتستطيع القيام بمهامها وواجباتها خصوصاً وأنها تتمتع بالحيدة اللازمة في التعامل مع الملف من خلال العديد من المواقف. اثيوبيا نفسها حرصت في اكثر من منعطف على التأكيد على مقدرة قواتها في اداء المهام الموكولة لها، وسعت لبث تطمينات للسودان وجنوب السودان، حيال مقدرة قواتها على حفظ السلام وعلى خدمة القضية الأمنية وتوفير الأمن بأبيي خصوصاً والمنطقة عموماً، ونقلت تقارير إعلامية في وقت سابق تأكيدات أبادي زامو سفير أثيوبيا بالخرطوم بأن البعثة الأثيوبية لحفظ السلام برهنت على مقدرتها في بسط السلام والاستقرار بمنطقة أبيي، واضاف: بأن القوات التزمت بخدمة قضية الأمن بحيادية تامة، واشار إلى أن منطقة أبيي تشهد نوعاً من الاستقرار والسلام، مشدداً على ضرورة التعامل بطريقة حذرة ومسؤولة. الأمير إسماعيل حمدين القيادي بالمسيرية هاجم القوات الأثيوبية، واصفاً قائدها الحالي بغير الجدير مقارنة مع من سبقه وقال اسماعيل ل(الرأي العام) القائد السابق كان أكثر حنكة وخبرة ودراية وتفهما، واستطاع حل الكثير من الأمور بحكمة ، أما الحالي فلا دراية له والدليل خطأ سماحه بمرور قوات كوال الى المنطقة ما أدى لتفجر الاوضاع، وكذلك توالي فشلها في كل تصعيد يحدث.. إمكانية القوات وقدرتها اعتبرها القيادي المسيري بالكافية والقادرة على حماية ابيي، لجهة تكونها من اربعة آلاف عنصر واضاف(تعداد القوات وتسليحها يمكن أن يحمي المنطقة ويحول دون دخول القوات الاثيوبية) وتابع (نحن المسيرية لا نريد الاحتكاك بالقوات الجنوبية حال لم تقم القوات الاثيوبية بدورها، ويجب أن يفهم الجميع أن حل أبيي في يد المسيرية ودينكا أنقوك اذا تخلت الأخيرة عن جلباب الحركة). من جانبه اعتبر الفريق عبد الرحمن حسن عمر محافظ ابيي السابق أن القوات الاثيوبية الموجودة كافية جداً للقيام بمهامها المفوضة من أجلها سواء من حيث التعداد أو التجهيز والعتاد الحربي. وقال ل(الرأي العام) إن هذه القوات لا تحتاج لدعم أو توجيه كما أنها تقوم بمهامها بموجب تفويض وموجهات معينة. حيدة القوات الاثيوبية، أبرز اسلحة الطرفين في مواجهة بعضهما البعض أي الخرطوموجوبا، حيث يمكن لأي منهما أن يطعن في حيدتها حال قرن الاتهام بدليل، ويبدو أن حيدة اليونيسفا دخلت نفقاً جديدًا بعد الأحداث الأخيرة، ففي الوقت الذي يرى كثيرون أن التقديرات الخاطئة وعدم الخبرة فقط هي سبب نكسات هذه القوات واخطائها، الا أن محافظ ابيي السابق يرى أن هناك عدم توازن في التعامل في أبيي على سبيل المثال ناهيك عن مجمل المنطقة من قبل القوات الاثيوبية، والدليل السماح بوجود الدينكا حالياً داخل أبيي بكثافة مقابل غياب واضح للمسيرية، مما يقدح في حيدة وشفافية القوات، واضاف ان تصرف القائد الحالي وسماحه للدينكا على سبيل المثال بالتحرك بحرية في مناطق لم تحسم أمرها يجعل الهواجس تنتشر، ويعتبر تصرفاً غير مسئول ما نتج عنه الحادث الأخير. عموماً بغض النظر عن شماعة الأخطاء التي تكلف الطرفين المزيد من الدماء، الا أن تقييم الاداء ومحاكمته طبقاً للخير الفهيم ممثل السودان في اللجنة الاشرافية على ابيي، يرتبط في المقام الاول والاخير بالجهة صاحبة التفويض، وقطع بأن وجود القوات الإثيوبية تم بموافقة دولتي السودان وجنوب السودان بموجب اتفاق 20 يونيو 2011م وفقاً لترتيبات أمنية محددة, وأكد ل(الرأي العام) بأن أي قرار حول القوات و أدائها و زيادتها أو حتى نقصانها، لا يعني اللجنة الإشرافية وليس من اختصاصاتها بل يتم عبر اللجنة الأمنية العليا التي تضم وزيري دفاع البلدين مع مجلس الأمن وهي من تحدد عددها وصلاحياتها. بعض التحليلات تذهب بعيداً الى ما وراء اخفاقات القوات الاثيوبية وتكرر الاخفاق يعد أمراً مقصودا ومدروسا، حتى يتم النفور من وجودها بالتالي استبعادها لصالح قوات متعددة الجنسيات أو لصالح تصعيد يتيح وضع المنطقة برمتها تحت الوصاية الدولية حال لم يتم تمرير أجندة جوبا في قيام الاستفتاء في اكتوبر المقبل، بينما تذهب تحليلات أخرى الى أن أي تصعيد مثل الذي يحدث في الخرطوم حالياً وتعدد الجبهات من شأنه أن يرهق جيش دول ناهيك عن قوات لبعثة حفظ سلام ، فهل تصبح القوات الاثيوبية كبش فداء إزاء هذا الوضع ؟