بين سؤال وسؤال وسؤال، تذهب أبيى ومشروع السلام الموصوف ب(الهش) بين السودان وجنوب السودان ضحية سوء التقدير أو ربما سوء النية.. تفجر الأوضاع بأبيى بعد مقتل سلطان دينكا نقوك، فتح الباب مشرعاً .. من المتحكم فى مقاليد الامور بأبيى.. هل هي اللجنة المشتركة المكونة من البلدين والمعروفة باللجنة الإشرافية المشتركة أم قوات اليونيسفا المكونة من عناصر اثيوبية ؟ والى أى مدى يمكن لهذه القوات السيطرة على الأوضاع وكبحها عن الانفجار؟ كثيرون يذهبون الى أن الجهة التي من المفترض أن تتعامل مع حوادث الانفلاتات الأمنية هى اليونسيفا، بالرغم من القيود المفروضه مسبقاً عليها بسبب المشكلات والصعوبات التي تتعلق بتنفيذ الإتفاقية وبقضية المنطقة ما دفع في وقت سابق لوكا بيونق، رئيس اللجنة السابق من الطرف الجنوبى إلى تقديم إستقالته. قوات (اليونيسفا) التى تم تكوينها بناء على قرار مجلس الأمن الدولي في يونيو من العام 2011م إثر تفجر العنف بين البلدين ودخول القوات المسلحة لأبيي وتأكيد السيطرة والسيادة السودانية عليها، مجلس الأمن الدولى وبناء على أداء القوات فى مراقبة الأوضاع الأمنية على الأرض تم التجديد لها فى 19 يونيو من العام الماضى. المراهنة على القوات الاثيوبية لم يكن حكراً على مجلس الأمن، ويبدو أن عدوى المراهنة انتقلت للحكومة السودانية، وهو ما تؤكده وقائع التعاون الماثلة التى كان آخرها تسليم الحكومة السودانية خطاباً يؤكد خلو المنطقة الواقعة جنوب خط الأول من يناير 1956 من أي قوات سودانية وذلك وفقاً لاتفاقية الترتيبات الأمنية في بندها الخاص بالانسحاب الفوري لكافة قوات البلدين من المنطقة العازلة جنوباً وشمالاً. أكبر التحديات التى تواجه قوات (اليونسيفا) مقتل أمير دينكا نقوك وما يمكن أن يجره ذلك على المنطقة من اشتعالات على إثر ما نقله مسؤول التعبئة السياسية بالمرحال الشرقى النور أحمد ابراهيم ل(الرأى العام) عن حشود للجيش الشعبى على تخوم أبيى بل وتجاوزه الى شمال أبيى بعشرة كيلو مترات وما يمثله ذلك من اختراق لاتفاقات الترتيبات الأمنية فى المنطقة، ويذهب النور الى أن القوات الاثيوبية تستطيع اذا أرادت كبح شبح الحرب فى المنطقة خصوصاً وأنها تتمتع بالحيدة اللازمة فى التعامل مع الملف من خلال العديد من المواقف. من جانبها بثت اثيوبيا تطمينات للسودان وجنوب السودان، حيال مقدرة قواتها على حفظ السلام وعلى خدمة القضية الأمنية وتوفير الأمن بمنطقة أبيي، ونقلت تقارير إعلامية تأكيدات أبادي زمو سفير أثيوبيا بالخرطوم أن البعثة الأثيوبية لحفظ السلام برهنت على مقدرتها في بسط السلام والاستقرار بمنطقة أبيي، واضاف: بأن القوات التزمت بخدمة قضية الأمن بحيادية تامة، واشار إلى أن منطقة أبيي تشهد نوعاً من الاستقرار والسلام، مشدداً على ضرورة التعامل بطريقة حذرة ومسؤولة. الأمير إسماعيل حامدين القيادى بالمسيرية هاجم القوات الأثيوبية، واصفاً قائدها الحالى بغير الجدير مقارنة مع من سبقه وقال اسماعيل ل(الرأى العام) القائد السابق كان أكثر حنكة وخبرة ودراية وتفهم، واستطاع حل الكثير من الأمور بحكمة أما الحالى فلا دراية له والدليل سماحه بمرور قوات كوال الى المنطقة التى شهدت الأحداث. إمكانية القوات وقدرتها اعتبرها القيادى المسيرى بالكافية والقادرة على حماية ابيى، لجهة تكونها من اربعة آلاف عنصر واعتبر زيادتها يمكن ان تتسبب في فوضى. واضاف: (تعداد القوات وتسليحها يمكن أن يحمى المنطقة ويحول دون دخول القوات الاثيوبية). وأردف: (نحن المسيرية لا نريد الاحتكاك بالقوات الجنوبية حال لم تقم القوات الاثيوبية بدورها، ويجب أن يفهم الجميع أن حل أبيى فى يد المسيرية ودينكا أنقوك اذا تخلت الأخيرة عن جلباب الحركة). من جانبه اعتبر الفريق عبد الرحمن حسن عمر محافظ ابيى السابق أن القوات الاثيوبية الموجودة كافية جداً للقيام بمهامها المفوضة من أجلها سواء من حيث التعداد أو التجهيز والعتاد الحربى. وقال ل(الرأى العام) إن هذه القوات لا تحتاج لدعم أو توجيه كما أنها تقوم بمهامها بموجب تفويض وموجهات معينة. حيدة القوات الاثيوبية، دخلت نفقاً مظلماً بعد الأحداث الأخيرة. ففى الوقت الذى يرى كثيرون أن التقديرات الخاطئة وعدم الخبرة لدى قائد القوات الاثيوبية هى من يقف خلف سماحه لسلطان الدينكا بدخول مناطق حساسة وغير محسومة فى ملف النزاع، الا أن محافظ ابيى السابق يرى أن ثمة عدم توازن فى التعامل فى أبيى من قبل القوات الاثيوبية، والدليل السماح بتواجد الدينكا حالياً داخل أبيى بكثافة مقابل غياب واضح للمسيرية، مما يقدح فى حيدة وشفافية القوات، واضاف: (كذلك فان تصرف القائد الحالى وسماحه للدينكا بالتحرك بحرية فى مناطق لم تحسم أمرها يجعل الهواجس تنتشر، ويعتبر تصرفاً غير مسئول ما نتج عنه الحادث الأخير). عموماً غض النظر عن شماعة الأخطاء التى تكلف الطرفين المزيد من الدماء، تظل صلاحية اللجنة الاشرافية فى حدود العمل الادارى والسياسي دون الأمنى، أحد أسباب تجدد العنف، فاللجنة التى يترأس الطرف السودانى فيها الخير الفهيم، لا تبالي كثيراً على ما يبدو بما يتم على الارض من أخطاء ، وهو ما تأكد ل(الرأى العام) كلما سعت لاستجلاء موقف الرجل من الاحداث، فتكون الاجابة رنينا متصلا، فيما تظل (قولى) و(دفرة) وغيرهما من مناطق شمال أبيى خاضعة لسوء تقدير قائد اثيوبى جديد غابت لغة التفاهم معه بحسب قيادات المسيرية، رغم أن الصلاحيات الأمنية قيد يديه.